غادر وفدٌ من جماعة الحوثيين صنعاء، اليوم الخميس، باتجاه السعودية على متن طائرة عُمانية، في تحولٍ لافتٍ في مسار المفاوضات بين الطرفين التي تجرى منذ نحو عام في مسقط برعاية الوسيط العُماني.
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر ملاحي في مطار العاصمة اليمنية قوله إن "الطائرة العمانية أقلعت نحو الرياض وعلى متنها وفد حوثي يضم عشرة أشخاص، بالإضافة إلى وفد عماني مكون من خمسة أشخاص".
من جانبها، قالت وكالة الأنباء السعودية (واس)، مساء الخميس، إن توجيه دعوة للوفد الحوثي لزيارة المملكة "يأتي استكمالاً للقاءات والنقاشات التي أجراها الفريق السعودي برئاسة السفير لدى اليمن محمد آل جابر بمشاركة الوفد العماني في صنعاء في أبريل/ نيسان الماضي".
وبحسب الوكالة، فإن ذلك يأتي "امتداداً للمبادرة السعودية التي أعلنت في مارس/ آذار 2021، وفي إطار جهود المملكة وسلطنة عمان للتوصل لوقف إطلاق نار دائم وشامل في اليمن، والتوصل لحل سياسي مستدام ومقبول من كافة الأطراف اليمنية".
وكان القيادي الحوثي علي ناصر قرشة، المقرب من زعيم الجماعة، قد كشف، في تغريدة عبر منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، أن "وفداً من جماعة الحوثي بصحبة الوسيط العُماني سيزور المملكة العربية السعودية"، وعبّر عن تفاؤله بالزيارة، وأن تعود بما فيه الخير لمصلحة الطرفين.
وأفاد القيادي الحوثي المقرب من زعيم الجماعة، في تغريدة على منصة "إكس"، بأنه أُبلِغ من قبل زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بأن "الزيارة إذا لم تنجح... فهي إقامة حجة وبراءة للذمة"، على حد تعبيره.
اسال الله يوفق الوفد الوطني والوسيط العماني الذي سوف يزور المملكه لمافيه الخير للشعب اليمني والسعودي ونتمنى ان لايرجعو الابامور تبيض الوجه وحسب ماكلمني السيد قبل قليل ان الزياره اذا لم تنجح فقد هي اقامة حجة وبراءة للذمه ولاكن انشاء الله انها في النور
— علي ناصر قرشه (@aligarshah) September 14, 2023
والقيادي قرشة، صاحب الرقم 39 في قائمة الـ40 التي أصدرتها السعودية في عام 2017 لـ"أسماء المطلوبين من عناصر المليشيات الإيرانية الإرهابية في اليمن"، إذ وضعت يومها 5 ملايين دولار مكافأة لمن يدلي بمعلومات عنه. وفي يونيو/حزيران 2022، صنفته السعودية من "ضمن الإرهابيين" الداعمين لجماعة الحوثيين، لكنه كان من بين من التقى السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر في صنعاء شهر إبريل/نيسان الماضي.
كذلك، قال مصدران لوكالة "رويترز" إن مبعوثين من الحوثيين وسلطنة عُمان سيصلون إلى السعودية، اليوم الخميس، لمحاولة التفاوض على وقف دائم لإطلاق النار مع المسؤولين هناك، لإنهاء الحرب في اليمن.
وأضاف المصدران، وهما على صلة بالمحادثات، أن المسؤولين الحوثيين سيسافرون إلى الرياض مع الوسطاء العُمانيين الذين وصلوا إلى صنعاء اليوم قبل التوجه إلى المملكة.
وفي وقت سابق، قال مسؤول في الحكومة اليمنية مطّلع على فحوى المحادثات بين السعودية والحوثيين لوكالة "فرانس برس": "هناك تحضيرات لتحرك وفد حوثي إلى الرياض خلال الـ72 ساعة القادمة". وأضاف أنّ الغاية من الزيارة "عقد جولة مفاوضات مع السعودية والتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن تفاصيل الملفين الإنساني والاقتصادي".
وتابع أنّ المحادثات تتركّز على مسألة تسديد رواتب موظفي حكومة الحوثيين غير المعترف بها دولياً من طريق السلطة، وهي نقطة شائكة، وتدشين وجهات جديدة من مطار صنعاء الذي ظل مغلقاً لسنوات قبل أن يسمح التحالف العام الماضي بفتح أجوائه للطائرات إلى الأردن ومصر.
وأكّد دبلوماسي غربي في اليمن زيارة الوفد الحوثي للسعودية، قائلاً إنّها قد تتم اليوم الخميس أو خلال اليومين القادمين.
وقال رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ماجد المذحجي لـ"فرانس برس"، إن زيارة الوفد الحوثي للسعودية "أشبه بنقل العلاقة بين الحوثيين والسعودية من الغرف الخلفية إلى صالة المنزل، أي شرعنة هذه العلاقة ومنحها دفعاً إضافياً".
وتابع: "على الصعيد السياسي، هي خطوة متقدمة لإنهاء الدور المباشر للسعودية في اليمن وإقرار الحوثيين بدورها كوسيط" إلى جانب كونها أحد أطراف النزاع.
وفي 17 أغسطس/آب، زار وفد عُماني صنعاء، وأجرى سلسلة من المشاورات مع قيادات جماعة الحوثي في العاصمة صنعاء، من دون أن تكشف تفاصيل المباحثات. ويُعَدّ تسليم رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين من أبرز البنود التي يطالب بها الحوثيون، بالإضافة إلى إزالة القيود على مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة.
وتوقفت جهود التفاوض منذ إبريل/ نيسان الماضي عقب زيارة الوفدين، السعودي والعُماني، لصنعاء للقاء قيادة جماعة الحوثيين، إذ لم يُعلَن أي تفاوض علني منذ ذلك الحين، في ظل حالة اللاحرب واللاسلم في اليمن الذي يعيش أزمة إنسانية للعام التاسع على التوالي.