ركز تقرير نشرته وكالة الأنباء الجزائرية، الأربعاء، على الحاجة الملحة في الجزائر، لتثمين ما وصفته بمنجز "الاستقرار" الذي تحقق في البلاد منذ اعتلاء الرئيس عبد المجيد تبون سدة الحكم في ديسمبر/ كانون الأول 2019، فيما اعتبر محللون أن التقرير الذي يدافع عن منجزات الرئيس، يحمل رسالة سياسية استباقية إلى أكثر من جهة في الداخل الجزائري، ذات صلة ببداية حديث مبكر عن انتخابات 2024.
وجاء في التقرير أن "من بين أكبر الإنجازات التي تحققت في الجزائر الجديدة، تحت قيادة الرئيس عبد المجيد تبون، هو الاستقرار الذي أضحى علامة مسجلة في كل المستويات والمجالات، رغم بعض العثرات هنا وهناك، والهزات الخفيفة في بعض القطاعات التي لا يفوتها السيد الرئيس، فيسرع بتوجيهاته وتعليماته إلى تداركها وتصحيحها".
وأضاف: "لم يعد الاستقرار في ثقافة الجزائر الجديدة، ذلك العنوان العريض الذي يخفي وراءه الفشل والعجز، واستغلاله للتمويه وصرف الأنظار، بل الاستقرار أصبح ملموسا وواضحا في بلد لا يعيش وحده، بل ينتمي لعالم مضطرب يتغير في اليوم أكثر من مرة".
ويتخذ الرئيس تبون من "الجزائر الجديدة" العنوان المركزي لفترة حكمه وشعارا لبرنامجه، واعتبر التقرير أن الاستقرار المحقق "هو ثمرة الحوار الذي كرسه وحرص على رعايته شخصيا، فلا يتوانى في كل سانحة أن يدعو إليه، سواء وزراءه بفتح قنوات النقاش مع الشركاء الاجتماعيين أو رؤساء البعثات الدبلوماسية بالتحاور والإصغاء إلى أفراد الجالية الوطنية بالخارج الذين يشكلون القواعد الخلفية الصلبة لبلادهم".
وأشار إلى أن "الاستقرار في ثقافة الجزائر الجديدة يمثل معركة التحديات الكبرى، ذلك أنه يتجاوز مفهومه التقليدي بأنه عكس الفوضى، الرئيس يدرك أن الاستقرار الذي يتطلب برامج وسياسات اقتصادية واجتماعية واضحة ومضبوطة، تدفعه دائما إلى توجيه الحكومة في مجالس الوزراء إلى جعل المواطن في صلب اهتماماتها، تماشيا مع البرنامج الرئاسي المحدد في الالتزامات الـ54".
وعاد كاتب المقال للحديث عن التوجيهات الأخيرة للرئيس تبون إلى أعضاء الحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء، بشأن "تقليص الاجتماعات الحكومية إلا للضرورة وتوجيه كل الجهود إلى الميدان ونزول أعضاء الحكومة إلى الولايات".
كما أعاد التذكير بالتعليمات التي وجهها الرئيس تبون والتحذيرات شديدة اللهجة الى الوزراء من مغبة "إطلاق وعود للمواطنين غير مؤسسة وضمن آجال غير معقولة وآليات غير مفهومة، مشددا على الاحترام الصارم للمواطنين والشعور العام، كون رضى الشعب هو المقياس الأوحد لحسن الأداء لبناء جزائر مهابة وقوية".
ولافت أن تركيز تقرير الوكالة الرسمية التي تتبع رئاسة الجمهورية، على مسألة الاستقرار، دون مناسبة واضحة، قد ينطوي على رسالة سياسية موجهة ليس إلى الرأي العام المحلي فحسب، ولكن إلى أطراف في الداخل الجزائري.
وتتعلق الرسالة بإسهام الرئيس تبون في استرجاع الاستقرار المؤسساتي والاجتماعي ورسم سياسات اقتصادية جديدة في البلاد، وضرورة الحفاظ على ديناميكية هذا الاستقرار في أفق الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل 2024، خاصة أن الرئيس تبون كان لمح في حوار تلفزيوني بث نهاية شهر فبراير/ شباط الماضي، إلى أن هناك أطرافا لم يسمها، تنتظر الانتخابات المقبلة لتحييده.
رسالة استباقية
ويرى المحلل السياسي صالح بن حديد أن "حديث الإعلام الرسمي ووكالة الأنباء الجزائرية، عن مسألة الاستقرار بشكل مركز، يمكن أن يفهم على أنها رسالة استباقية لأطراف متعددة ربما غير راضية لسبب أو لآخر عن الوضع العام في البلاد، وتعتبر أن بعض المشكلات القائمة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا قد تؤثر على الاستقرار في المرحلة المقبلة".
وأضاف بن حديد لـ"العربي الجديد": "تمكن ملاحظة أن التقرير يتحدث عما وصفهم بعقليات الظلام وأيادي التشويه، والمقصود بها الأطراف التي تقاوم مشروع الرئيس تبون وتسعى لتعطيل بعض الخطوات الإصلاحية، والرئيس تبون نفسه كان أعلن بصراحة عن وجود مجموعات معطلة في الإدارات والمؤسسات".
رسالة طمأنة
وفي السياق آخر، يعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر توفيق بوقاعدة أن "هذا التركيز على تحقيق عامل الاستقرار يُحمل أيضا على محاولة تبرير لحالة الفشل والإخفاق في قطاعات متعددة، والترويج في المقابل للمنجز الذي حققه الرئيس تبون".
وأضاف أن رسالة الاستقرار بخطاب تفاؤلي تأتي بعد الانتقادات التي وجهها الرئيس للحكومة وطريقة عملها وعدم رضاه على ما تحقق في عهدته الأولى، لتشير الرسالة إلى أنه رغم النقائص هناك منجزات وأهمها الاستقرار المحقق، وهي "رسالة طمأنة للشعب الجزائري الذي استشاط غضبا من الغلاء والندرة التي يعرفها السوق الجزائري، والذي لم ينفع معه تغيير الوزراء في ظل غياب خطة واضحة لإنقاذ القدرة الشرائية من التدهور المخيف".