أكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، الأربعاء، أن "المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية بموجب القانون الدولي، ولا تزال تشكل عقبة كبيرة في طريق السلام".
وعبّر وينسلاند، خلال إحاطته الدورية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك حول الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عن قلقه البالغ إزاء عمليات الهدم والاستيلاء على ممتلكات الفلسطينيين، مشدداً على أن "العنف يجب أن يتوقف".
وقال: "تستمر هيمنة العنف الذي ساد في الأشهر الأخيرة من عام 2022، ممّا أدى إلى مزيد من الخسائر في الأرواح... أولوياتنا يجب أن تتمثل في عكس هذا الاتجاه السلبي على الأرض. يجب ألا يغيب عن بالنا الهدف النهائي وهو إنهاء الاحتلال وحل الصراع وتحقيق حل الدولتين".
وتحدث المسؤول الأممي عن آخر المستجدات على الأرض منذ آخر إحاطة له، قبل قرابة الشهر، حيث قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي "ما بين 8 ديسمبر/كانون الأول، و13 يناير/كانون الثاني، 14 فلسطينياً، من بينهم خمسة أطفال، وأصيب بجروح 117 فلسطينياً، من بينهم ثلاث نساء و18 طفلاً، خلال التظاهرات، والاشتباكات، وعمليات البحث والاعتقال، والهجمات، وهجمات مزعومة ضد إسرائيليين، وحوادث أخرى".
وحول هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين، قال وينسلاند: "ارتكب مستوطنون إسرائيليون أو مدنيون آخرون 63 هجوماً ضد فلسطينيين، أسفرت عن إصابة 28 من بينهم ستة أطفال، كما ألحقت أضراراً بممتلكات فلسطينية"، معبّراً عن مخاوفه لاستمرار مقتل وجرح الأطفال الفلسطينيين على وجه التحديد.
وتطرّق المسؤول الأممي في كلمته إلى استمرار التوسع الاستيطاني، مذكّراً المجتمع الدولي بأنّ "المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي، ولا تزال تشكل عقبة كبيرة في طريق السلام"، معبّراً عن قلقه البالغ إزاء عمليات الهدم والاستيلاء على ممتلكات الفلسطينيين.
ولفت إلى أن سلطات الاحتلال هدمت واستولت، خلال الفترة المشمولة بالتقرير، على 126 مبنى مملوكاً لفلسطينيين في الضفة، وسبعة في القدس الشرقية المحتلة، مما أدى إلى تشريد 127 فلسطينياً، من بينهم 60 طفلاً. وأكد أن عمليات الهدم تنفذ بحجج عدم وجود تصاريح بناء إسرائيلية، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه من شبه المستحيل على الفلسطينيين الحصول عليها.
ولفت وينسلاند إلى عدد من الخطوات الإضافية والعقابية التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بما فيها حجز جزء من أموال الضريبة الفلسطينية، كما تحدث عن توجيهات من وزير الأمن القومي الإسرائيلي إلى الشرطة الإسرائيلية لمنع رفع العلم الفلسطيني في الأماكن العامة في إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة.
إسرائيل تستمرّ بالإفلات من العقاب
من جهته، تحدث سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، خلال مداخلته في الجلسة، عن ضرورة أن يتخذ مجلس الأمن والمجتمع الدولي خطوات واضحة وفورية من أجل تغيير الوضع الراهن، تستند إلى القانون الدولي. وقال: "إن عدم اتخاذ أي إجراءات سيظل الخيار الخاطئ".
ووصف منصور الوضع على الأرض بالعبثي، حيث تفلت إسرائيل من العقاب وبشكل مستمر. وأضاف: "فيما تقع العقوبة الجماعية على الفلسطينيين الذين يستحقون الحماية، تعتبر إسرائيل أن العالم لا يستطيع محاسبتها على تصرفاتها الأحادية وغير القانونية، وتسمح لنفسها بمعاقبتنا، لأننا نلجأ إلى الآليات الشرعية متعددة الأطراف".
وأشار السفير الفلسطيني إلى العقوبات التي فرضتها إسرائيل بعد تبني الجمعية العامة لقرار يطلب من محكمة العدل الدولية إصدار فتوى حول حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعدم شرعية الاحتلال.
ولفت منصور الانتباه إلى الخطاب التحريضي للسفير الإسرائيلي، والذي وصف الخطوات الفلسطينية على المنصة الدولية بـ"سلاح في حرب الجهاد التي يشنها (الفلسطينيون) ضد الدولة اليهودية"، واصفاً إياه بأنه "خطاب خطير يحرض على صراع ديني".
وتوقف الدبلوماسي الفلسطيني عند عدد من التصريحات الإسرائيلية، من بينها وصف الأمم المتحدة بالمفلسة أخلاقياً، لأنها تبنت عدداً من القرارات التي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني وضد الاحتلال. كما تحدث عن مهاجمة إسرائيل حتى لحلفائها لمجرد تصويتهم لصالح بعض من تلك القرارات.
وتساءل السفير الفلسطيني: "لماذا تستمر إسرائيل بالإفلات من العقاب؟ ولماذا لا تتم محاسبتها؟"، مشدداً على "ضرورة امتثال إسرائيل للقانون الدولي، ومحاسبتها على احتلالها الاستعماري".
ولفت منصور إلى أن إسرائيل لا تخفي نواياها الاستيطانية، والاستعمارية، والقمع، والتهجير. وتوقف كذلك عند قرار إسرائيل منع الفلسطينيين في الداخل والقدس من رفع العلم الفلسطيني.
اتهامات إسرائيلية للأمم المتحدة والأخيرة تردّ
إلى ذلك، اتهم السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان، في الجلسة عينها، الأمم المتحدة بالانحياز للجانب الفلسطيني. كما اتهمها بالكذب وتقديم أنصاف الحقائق دون التحري ودون التأكد من الأرقام والحقائق، بسبب تقاريرها التي توثق مقتل المدنيين الفلسطينيين وخروقات حقوق الإنسان ضدهم، وفق قوله.
وردّ نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على الاتهامات الإسرائيلية للأمم المتحدة، بالقول: "نصرّ على دقة تقاريرنا، كما تعلمين، فإن طاقمنا من مكتب ممثل الأمين العام الخاص على الأرض، كما يعمل على التحقق من الأرقام والمعلومات وما يتم تقديمه في تقاريرنا لمجلس الأمن، ونصرّ على مهنية وموضوعية موظفي الأمم المتحدة على الأرض، حيث يعملون على التأكد من صحة ودقة المعلومات التي نقدمها".