بينما تتجه الأنظار إلى سجون الاحتلال الإسرائيلي بعدما اتخذت لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الأسيرة قراراً بالإجماع لكل الفصائل داخل السجون بالشروع في إضراب مفتوح عن الطعام، يتحدث الأسير المحرر كريم يونس وعميد الأسرى الفلسطينيين لـ"العربي الجديد"، عما قد تحمله معركة الأسرى في قادم الأيام من خلال تجربته في الأسر ومشاركته أكثر من مرة في الإضراب عن الطعام خلال أربعين عاماً قضاها في سجون الاحتلال.
وبدأ قادة لجنة الطوارئ للحركة الأسيرة خطوات الإضراب، أمس الثلاثاء، فيما تتسع الدائرة لتشمل الأسرى جميعاً ابتداءً من يوم غدٍ الخميس، أول أيام شهر رمضان المبارك، رداً على الإجراءات التي يفرضها عليهم الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير.
*انطلاقاً من تجربتك في الأسر وخوضك سابقاً عدة معارك إضراب عن الطعام ماذا يعني هذا الإضراب الجديد؟
أرى أن الإضراب عن الطعام استحقاق ضروري جداً، ليس فقط كاستحقاق مطلبي لتحسين شروط الأسرى الفلسطينيين ولصد الهجمة عليهم، إنما من الناحية المبدئية هذا إضراب كرامة لأنه أصبح هناك تحد من قبل المدعو بن غفير، وهو يهدد الأسرى ويريد إعادتهم لسنوات السبعينيات.
هو (بن غفير) بدأ في بعض السجون بتحديد وقت الاستحمام. أما قضية منع الخبز الطازج فهذا كان مطلب إدارة السجون حينها، وكانت تخدم مصلحة السجون أكثر من مصلحة الأسرى، (في إشارة منه إلى تولي الأسرى إعداد الخبز بأنفسهم داخل أفران يديرونها بالسجن).
القضية مبدئية وكرامة وليست حفاظاً على هذا المطلب أو ذاك، وقضية هزيمة أو انتصار. إما يكسروه أو يكسرهم. إذا تنازلوا وسكتوا معناها الحبل على الجرار وسيكون هناك تنازل تلو الآخر وخضوع إلى الأبد. هذه الخطوة كان لا بد منها.
*هل أصبح الإضراب عن الطعام ضرورة؟
المسألة فيها نوع من التحدي وتتطلب استنهاض الواقع السياسي واصطفاف الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، وكل من يتضامن مع الأسرى وأحرار العالم يتعين عليه الوقوف بجانب الأسرى. هذا سوف يساعدهم كثيراً لتتحول المسألة إلى قضية سياسية، وتعود قضية الأسرى على رأس الأجندة الفلسطينية والعربية، لأن ذلك أصبح ضرورة. الأسرى قادرون على أن يتنازلوا عن مطلب هذا أو ذاك، والإضراب هو في حد ذاته تصرف وقائي وتصد أكثر كونه محاولة لاسترداد الحقوق.
*كيف كانت تتعامل سلطات مصلحة السجون مع معارك الإضراب عن الطعام؟
سلطة السجون تجد نفسها تحت الضغط جراء الإضراب عن الطعام ولا يوجد إضراب مثل آخر. أذكر أنه في إضراب سنة 1984 كان أول إضراب بعد نفحة الذي استشهد فيه ثلاثة شهداء، وكان إضراباً مريحاً، لأن الطواقم الطبية كانت مستنفرة ومن اليوم الثالث بدأوا إعطاء الأسرى المحلول (محلول السكر والفيتامينات)، لأن سلطات السجون كانت خائفة.
أما إضراب سنة 2004 فقد وضع أسساً جديدة وحينها تم إخراج وسحب الملح من الأسرى، المد صار من المقويات والمحلول أصبحوا يعطونه بعد 17 إلى 18 يوما.
الإضراب عن الطعام سنة 2017 حاولوا كسره بالقوة لأنه لم يضرب جميع الأسرى، وسلطة السجون اعتقدت أن بالإمكان كسر إرادة المضربين. هذه أول مرة منذ عام 2004 يكون هناك إضراب شامل من جميع الفصائل من اليوم الأول للإضراب.
*هل تكمن قوة الإضراب عن الطعام في مشاركة جميع أسرى الفصائل الفلسطينية بالسجن وتوحدهم؟
نعم بالتأكيد إضراب جميع الفصائل يكون أقوى ويشمل جميع السجون وجميع الفصائل تقريباً، إلا من لا يستطيعون المشاركة فيه. أما دخول الإضراب عن الطعام فهو طوعي، لكن الاستمرار فيه إجباري.
*هل يمكن اعتبار عزل قيادة الأسرى محاولة لكسر الإضراب عن الطعام؟
نعم أنا تعرضت للعزل بسبب الإضراب عن الطعام عدة مرات، ودائماً ما يتعرض قادة الأسرى للعزل. منذ سنوات الثمانينيات والتسعينيات كانوا يأخذوننا نحن قادة الإضراب ويشتتوننا على سجون الشطة والسبع في محاولة لضرب وكسر الإضراب. جميع الأسرى يعلمون أن قادة الإضراب هم فقط الذين يتم التفاوض معهم. أحياناً تكون هناك لجنة ظل في حال عزل القيادي لتحل مكانه، لكن في الفترات الأخيرة حتى المعزولين يبقى الأسرى يعتمدونهم كقادة للإضراب. بشكل عام كل شيء يكون واضحاً ومفهوماً مسبقاً وهناك آليات لجميع الاحتمالات تأخذ بعين الاعتبار.
*ما هو دور الحراك خارج السجون؟
هذا أهم شيء، فحراك الشارع ووقفة الشارع والجماهير الفلسطينية مع الأسرى تجعل عمر الإضراب أقصر أولا، وهذا ما يخيف السلطات، ولكن اليوم الوضع تغير. اليوم هناك من يقترح قانوناً لإعدام الأسرى. فلسفة الإضراب عن الطعام أن يضع الأسير حياته على كف يده ويقول إما تحقيق مطالبي أو أموت دونها.
وقوف الناس معهم وجماهير شعبنا، هذا شيء بالتأكيد يقصر من عمر الإضراب ويساعد الأسرى في تحقيق مطالبهم، لأن القضية تصبح آنذاك سياسة، ما يساعد دون شك في ممارسة الضغوط على إسرائيل لتلبية احتياجات ومطالب الأسرى. حينها الموضوع لا يعتمد على الأسرى فقط، وكل ما كان الحراك الخارجي واسعاً كلما كان ذلك أفضل للأسرى.