17 قتيلاً بينهم 4 عناصر أمن منذ بدء الاحتجاجات في إيران على وفاة مهسا أميني

22 سبتمبر 2022
من الاحتجاجات في طهران اليوم (الأناضول)
+ الخط -

أفادت قناة الخبر الإيرانية اليوم الأربعاء، بأن الأنباء غير الرسمية تشير إلى أن حصيلة القتلى بلغت 17 شخصاً حتى الآن، بمن فيهم القتلى من الشرطة والأمن، في حين تحدثت منظمة حقوق الإنسان في إيران (Iran Human Rights) في بيان لها عن مقتل 31 شخصاً خلال الاحتجاجات الأخيرة في 16 مدينة إيرانية.

ولم تعلن السلطات الإيرانية عن حصيلة القتلى.

واستمرت الليلة الماضية الاحتجاجات في إيران على وفاة أميني لليوم الخامس، تخللتها مشاهد عنف وتخريب وإحراق سيارات ومقار عسكرية، وكرّ وفرّ بين قوات الشرطة والأمن والمحتجين، وأنباء رسمية عن مقتل عدد من المحتجين و"الباسيج" التابع للحرس الثوري الإيراني الذي أصدر بياناً اليوم الخميس، واصفاً ما يجري في البلاد بأنه "فتنة".

فيما أعلن مجلس الدعاية الإسلامية بطهران عن تنظيم مسيرات غداً الجمعة في العاصمة لأنصار النظام، في مواجهة ما وصفه بـ"التحركات الأخيرة المنتهكة للحرمات".

يُشار إلى أن الاحتجاجات الجديدة في إيران تشهد حرب روايات كسابقاتها، واتهامات متبادلة بين السلطات ووسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية التي أصبحت تردد أن التجمعات "غير قانونية وتحولت إلى أعمال شغب"، وبين المشاركين في التجمعات وشبكات التواصل الاجتماعي. 

فيما تفيد وكالات أنباء رسمية وغير رسمية، بأن خريطة الطريق باتت تشمل مدناً صغيرة، فيما كانت خلال الأيام الماضية تتركز غالباً في مدن كبرى في عدة محافظات إيرانية، بما فيها العاصمة طهران التي شهدت عدة نقاط فيها الأربعاء، احتجاجات وسط تواجد مكثف لقوات الشرطة.

تُظهر مقاطع مصورة متداولة وقوع اشتباكات بين المحتجين وقوات الشرطة وقوات التدخل السريع، ومشاهد إصابات وقتلى في بعض التجمعات، لم يتسن لـ"العربي الجديد" التأكد من صحتها بشكل مستقل، فضلاً عن تعنيف بعض المشاركين والمشاركات في الاحتجاجات وتعرض بعضهم لإطلاق النار ورصاصات كروية صغيرة، وكذلك حالات ضرب ومهاجمة قوات الشرطة وسياراتها.

456

وانتشر مقطع مصور عن إحراق مخفر للشرطة في منطقة "أحمد آباد" في مشهد، بالإضافة إلى مهاجمة مقار حكومية في بعض المدن وإحراق باصات. 

في الأثناء، قيّدت السلطات الإيرانية منصتي "إنستغرام" و"واتساب" بناءً على تعليمات من مجلس أمن الدولة، "منعاً للتواصل الأمني بين مثيري الشغب والعناصر المعادية" حسب وكالة "فارس" الإيرانية.

كما وأكد المدعي العام بمحفظة كرمانشاه، شهرام كرمي، مقتل شخصين وإصابة 25 شخصاً خلال التجمعات الاحتجاجية أمس الأربعاء، والتي وصفها بأنها "أعمال شغب"، لكنه قال في الوقت ذاته، إن الشخصين قتلا على يد من وصفهم بأنهم "مثيرو الشغب"، وفق ما أوردته وكالة "تسنيم" الإيرانية.

كذلك أكدت السلطات المحلية في محافظة كردستان، مقتل أربعة أشخاص خلال الأيام الماضية في المحافظة، متهمة "مجموعات كردية معارضة" بالوقوف وراء قتل هؤلاء.

فيما انتشرت فيديوهات وأنباء غير رسمية على شبكات التواصل الاجتماعي عن وجود إصابات في عدة مدن بالإضافة إلى مصابين وقتلى في مدينتي أورومية وأشنوية بمحافظة أذربيجان الغربية. 

وتتهم السلطات الإيرانية من تصفهم "بمثيري الشغب" بقتل عدد من المحتجين، لكن محتجين وحسابات على شبكات التواصل يقولون إنهم قتلوا بنيران قوات الأمن والشرطة. 

وفي الأثناء، ذكرت السلطات الإيرانية وفق وكالتي "تسنيم" و"فارس" مقتل ثلاثة أشخاص بقوات "الباسيج" التابعة للحرس الثوري خلال احتجاجات الليلة الماضية، في ثلاث مدن، وهي مشهد شرقي إيران وقزوين وسطها وتبريز غرب البلاد، كما أشارت وسائل إعلام أخرى إلى مقتل أحد عناصر الأمن في شيراز جنوبي البلاد.

كذلك، اعتقلت السلطات الإيرانية، اليوم الأربعاء، الناشط السياسي والصحافي الإيراني محمد رضا جلايي بور، عضو جبهة الإصلاحات، وفقاً لما أوردته قناة والده على التليغرام الذي قال إن ابنه اتصل ظهراً بعائلته مبلغاً إياها أنه في سجن "إيفين" بطهران.

فيما علق "الحرس الثوري" الإيراني اليوم الخميس في بيان على الاحتجاجات الجارية في إيران، واصفاً ما تشهده إيران راهناً بأنه "مؤامرة للعدو" و"فتنة"، مضيفاً أن "المؤامرة الأخيرة للعدو هي تجميع وتنظيم وتدريب جميع الطاقات الفاشلة والمهزومة والمتفرقة وتزويدها بسلاح العنف والسلوك الداعشي".

ودعا "الحرس الإيراني"، السلطة القضائية، إلى الوصول إلى من وصفهم بأنهم "مثيرو الشائعات والأكاذيب في العالمين الافتراضي والحقيقي"، ومعاقبتهم "الحاسمة والعادلة" على ذلك. ودافع الحرس عن قوات الشرطة الإيرانية، معلناً في بيانه عن تضامنه مع عائلة الفتاة مهسا أميني.

فيما أعلنت شخصيات فنية وسينمائية وموسيقية معروفة، في مقدمتها الكوميدين الإيراني المعروف مهران مديري، دعمها للاحتجاجات، مطالبين السلطات بالتجاوب مع مطالب الشارع وعدم التعامل مع المحتجين بعنف.

كذلك، قالت وزارة الصحة الإيرانية، إن 61 سيارة إسعاف تابعة لها تعرضت للتدمير على يد "مثيري الشغب"، حسب قولها. بينما قال المدير العام لمنظمة الطب العدلي في محافظة طهران مهدي فروزش مساء الأربعاء، في مقابلة تلفزيونية، إن نتائج معاينات الطب العدلي الأولية تُظهر عدم وجود نزيف داخلي في البطن أو تمزق في الأعضاء الداخلية، قائلاً إن مهسا أميني خضعت لعملية جراحية في الدماغ عام 2007. 

في الوقت ذاته، قال فروزش إن "تحديد سبب الوفاة بحاجة إلى وقت"، وسيعلَن عن النتائج لاحقاً في تقرير رسمي للطب العدلي، حسب قوله.

لكن والد الفتاة الإيرانية أمجد أميني، نفى في مقابلة صحافية بعد تقرير الطب العدلي، أن ابنته كانت تعاني من "أي أمراض سابقة"، كما ونفى إجراءها عملية جراحية في الدماغ، متحدثاً عن مشاهدة كدمات على رجلها. 

يُذكر أن أميني كانت آتية من مدينة سقز بمحافظة كردستان غربي إيران، إلى طهران برفقة أهلها لزيارة الأقارب والسياحة، قبل أن تعتقلها الشرطة يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، وتقتادها إلى أحد مراكزها، لكنها بعد ساعتين نُقلت إلى المستشفى بعدما دخلت في حالة غيبوبة، كما يقول شقيقها كيارش، الذي كان معها لحظة الاعتقال.  

وأعلنت الشرطة الإيرانية أنّ الغيبوبة نتجت من إصابة أميني بـ"نوبة قلبية مفاجئة" خلال "جلسة إرشاد"، ناشرة مقطعاً مصوراً يصور لحظة وقوف سيارة الشرطة أمام المقر ونزول الفتاة منها ودخولها المقر إلى أن سقطت أرضاً داخل قاعة بحضور أُناس آخرين، وتم نقلها بعد ذلك إلى المستشفى، حسب رواية الشرطة.

ونفى قائد شرطة طهران حسين رحيمي، وقوع "أي شجار أو مقاومة" خلال اعتقالها، مؤكداً أن "ما يروج عن سبب الوفاة عار من الصحة تماماً" حسب قوله. لكنّ أسرتها ونشطاء ومدوّنين يشكّكون في الرواية الرسمية، وسط اتهامات للشرطة بتعذيبها وتعنيفها. 

وتحوّلت وفاة مهسا أميني في هذه الظروف إلى قضيّة رأي عام في إيران، وحاولت السلطات احتواء غضب الشارع، من خلال إطلاق تصريحات والقول إنهم يعملون على إجراء تحقيقات "عادلة وعاجلة" بشأن حادثة وفاتها.

 وخلال اليومين الأخيرين، تعالت دعوات برلمانية ومحافظة للسلطات بالتصدي "بحزم" في مواجهة من وصفوهم بأنهم "مثيرو الشغب" في التجمعات الاحتجاجية.

في المقابل، دعا النائب الإصلاحي مسعود بزشكيان اليوم الخميس، إلى "الشفافية" في حادثة مهسا أميني، ومعاقبة "المقصرين لمنع تكرار هذه الأخطاء لاحقاً"، مؤكداً أن "هذا كلام حق تجب المطالبة به"، لكن بزشكيان حذر في الوقت ذاته من أن "العدو يسعى إلى إشعال حرب داخلية"، منتقداً حرق العلم الإيراني وضرب قوات الشرطة، وداعياً المحتجين إلى الابتعاد عن هؤلاء.