عرضت منظمة إسرائيلية، تُعنى بمراقبة ممارسات جنود الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، شهادات لجنودٍ، تؤكد أن "الجيش يسمح لجنوده بالتنكيل بالفلسطينيين على نطاق واسع". وقد أقنعت منظمة "يكسرون الصمت"، وجميع أعضائها من الضباط والجنود الذين سُرّحوا من الخدمة العسكرية في الأعوام الخمسة الماضية، عدداً من الجنود بتقديم شهاداتهم حول عمليات تنكيل شاركوا فيها، أو كانوا شهوداً عليها. وعرضت قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة، مساء الجمعة الماضي، بعض هذه الشهادات، بينما نشرها موقع "يكسرون الصمت" جميعها.
وضمن الشهادات التي عرضتها القناة، كانت شهادة ميراف، التي سُرّحت من الجيش وكانت ضابطاً برتبة ملازم أول، وخدمت في الخليل، أقصى جنوب الضفة الغربية. أكدت ميراف مشاركتها في عمليات تنكيل بالفلسطينيين، قائلةً "كنت أنا وزميلي نقوم بعمليات مراقبة في نقطة تفتيش على تخوم المدينة، ونظراً لأنه لا يوجد لدينا في الغالب ما نعمله ومن أجل تمرير الوقت، كنا نقتحم بيوت الفلسطينيين الذين يقطنون في المحيط، ونقوم بحشر أفراد العائلة في غرفة جانبية، ونتصرف وكأننا نبحث عن شيء ما في البيت، ولا نغادر إلا بعد أن نقلب الأمور رأساً على عقب، ونخرج في الوقت الذي يكون فيه أفراد العائلة متجمّعين في الغرفة".
أما سيغال، التي خدمت في حاجز "حوارة" العسكري، الذي يقع جنوب مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية، فتؤكد أن "الجنود كانوا يحولون حياة آلاف الفلسطينيين، الذين يضطرون يومياً للمرور عبر الحاجز إلى جحيم لا يطاق".
وتضيف أنه "إذا نظرنا إلى أحد الفلسطينيين ولو لم يعجبنا، كنا نقوم بإيداعه الجورة، وهي زنزانة صغيرة، لساعات عدة. وأحياناً كان ينسى الجنود أنهم أودعوا فلسطينياً في الجورة، فيظلّ لأكثر من 24 ساعة، وبعد ذلك يُسمح له بالمغادرة، علماً أنه لم يكن أساساً قد ارتكب أي مخالفة".
وكشفت أنه "في كثير من الأحيان، يتم توقيف الشباب الفلسطينيين وتقييدهم، وجعلهم يجلسون مقيّدي الأيدي والأرجل على جانب الحاجز، من دون اكتراث بطبيعة الطقس السائد، ماطراً كان أو شديد الحرارة".
وتشهد غؤولا، التي خدمت في كتيبة "حرس الحدود" المتمركزة في مدينة الخليل، أن "زملاءها كانوا يقومون دائماً بعمليات سلب ونهب بعلم قادتهم الميدانيين". وأشارت إلى أن "عدداً من زملائها، كانوا يتوجهون إلى محل كبير لبيع الأدوات الكهربائية في قلب مدينة الخليل، ويقتحمونه بحجة إجراء عمليات تفتيش، ويستغلّون ذلك في سرقة أدوات كهربائية يجلبونها إلى المعسكر".
ولفتت إلى أنها "بعد أن شعرت بأن عدداً كبيراً من الجنود يشاركون في عمليات النهب، توجهت إلى مكتب قائد الكتيبة وأعلمته بالأمر، وأُصيبت بالاحباط عندما طردها القائد، ورفض مواصلة الاستماع لشكواها". وأكدت أن "الجنود يتباهون بارتكابهم عمليات السرقة والنهب في أحاديثهم، وهذا ما وسّع من دائرة المشاركين في هذا النوع من الجرائم".
وعرضت منظمة "يكسرون الصمت"، على موقعها على شبكة الإنترنت، شهادة لضابط يدعى داني، خدم في فرع "الإدارة المدنية"، التابع للجيش في مدينة الخليل وغور الأردن. ووفقاً لداني، المُسرّح من الخدمة قبل عامين، فقد عمد "مع جنوده إلى تعذيب الفلسطينيين، من خلال مصادرة بطاقات الهوية الخاصة بهم من دون أي مبرر، ورفض إعادتها لهم".
وأشار داني إلى أن "مصادرة بطاقة الهوية، كانت عملياً تعني الحكم على الفلسطينيين بالبقاء في البيت، كونه كان يُطلب من كل فلسطيني إبراز بطاقة الهوية في كل مكان يمكن أن يلتقي به مع جنود الجيش الإسرائيلي". وأكد أن "الفلسطينيين الذين تتم مصادرة بطاقات هوياتهم، يضطرون في بعض الأحيان للتحرك من دونها. الأمر الذي يعني أنه يتوجب عليهم سلوك الشوارع الالتفافية، من أجل تجاوز الحواجز العسكرية".
وأشار داني إلى أنه "في حال تم ضبط هؤلاء من دون بطاقات الهوية، فإنه يتم تحويلهم للسجن، ليبقوا فيه أشهراً". وختم كلامه قائلاً: "كل جندي في أي حاجز يتصرف كالملك بالنسبة للفلسطينيين".
من ناحيتها، تقول المدير العام لمنظمة "يكسرون الصمت"، يولي نوفيك، إن "التعليمات الصادرة للجنود تفيد بضرورة زرع الذعر في نفوس الفلسطينيين، عبر اقتحام البيوت وترويعهم، ثم النظر إليهم لفترة من الزمن والمغادرة بعد ذلك".
وفي مقال نشره موقع "وللا" الإخباري، يوم الأحد، أوضحت نوفيك، التي سُرّحت قبل أربعة أعوام من الجيش، بعد أن كانت قائدة لقاعدة عسكرية، أن "قيادة الجيش حرصت على جعل الفلسطينيين يشعرون بأنهم مُطاردون طوال الوقت". وشددت على أن "قمع الشعب الفلسطيني هي المهمة الرئيسة التي يتوجب على ضباط وجنود الجيش القيام بها". وأشارت إلى أن "قيادة الجيش تواجه الشهادات الكثيرة التي يقدمها الجنود حول ما يقومون به عبر الإنكار". وأشارت إلى أن "قيادة الجيش ستفشل في مهمتها الدفاع عن بقاء الاحتلال".