أكمل الكنيست الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، التصويت على رزمة "قوانين الحكم" المثيرة للجدل حتى بين أطراف التحالف الحاكم في الدولة العبرية. فبعدما أقر، أمس الثلاثاء، قانون رفع "نسبة الحسم" إلى 3.5 في المئة من أصوات الناخبين (أي الحد الأدنى المفترض على أي حزب أن يناله من الكتلة الناخبة ليحق له التمثل في الندوة البرلمانية)، في خطوة موجهة ضد الأحزاب العربية أولاً، وأحزاب اليمين المتطرف تالياً، أقر اليوم قانوني التجنيد الاجباري لليهود الحريديم في الجيش. ومساءً، أقر "قانون الاستفتاء الشعبي"، الذي ينص على وجوب عرض أي اتفاق سياسي يتضمن تنازلاً عن أراض خاضعة للسيادة الإسرائيلية (والمقصود من القدس والجولان السوري المحتل)، على الكنيست، ومن ثم طرح الاتفاق لاستفتاء شعبي قبل إبرام الاتفاقية. خطوة يرى البعض أنها استباقية ضد أي اتفاق "تسوية" ممكن يتعلق بالجولان والقدس المحتلين. وأقرّ "قانون الاستفتاء" بـ68 صوتاً، بينما قاطعت المعارضة جلسة التصويت. وقال النائب زئيف إلكين، عن حزب الليكود، أن القانون يوفّر "جداراً جديداً للحؤول دون تخلي إسرائيل عن موطنها".
وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء أيضاً، أقر الكنيست قانون إلزام اليهود الحريديم بأداء الخدمة العسكرية في الجيش. وتمثل هذه القضية محوراً أساسياً في الحرب الثقافية على موقع اليهود المتشددين في المجتمع الإسرائيلي. وبرزت القضية في انتخابات العام الماضي، التي أدت إلى تشكيل حكومة من تيار يمين الوسط، والذي دفع من أجل إصلاح مشروع قانون يعفي اليهود الأرثدوكس من الخدمة العسكرية.
ويقضي القانون الجديد بأن تضع الحكومة حصة للمجندين من طلاب المعاهد الدينية من اليهود الأرثوذكس. وإذا لم يتم الوصول إلى هذه الحصة، التي ستبلغ 5200 في عام 2017، سيتم إرسال إشعار الى جميع أفراد هذه الفئة باستثناء أهم الباحثين الموهوبين وعددهم 1800، وستكون هناك عقوبات للمتهربين من أداء الخدمة.
ويشكل اليهود الأرثوذكس المتشددون نحو عشرة في المائة من سكان إسرائيل، البالغ تعدادهم ثمانية ملايين نسمة، وهم قطاع فقير ويتزايد عددهم بسرعة. ومعظم رجال هذه الطائفة عاطلون عن العمل ويعيشون على المزايا التي تقدمها الدولة. ويرفضهم كثير من الإسرائيليين ويتهمونهم بأنهم عبء على الاقتصاد ويبددون موارد الدولة متجنبين الواجبات.
وصوّت إلى جانب القانون 67 نائباً من أصل 68 عضواً في الائتلاف الحكومي، في حين قاطع أعضاء الكنيست من المعارضة كافة، بمن فيها الأحزاب العربية، والبالغ عددهم 58 عضواً، جلسات المداولات لليوم الثالث على التوالي، احتجاجاً على إعلان الحكومة عن تفعيل البند الـ 98 في نظام الكنيست، الذي يجيز لها التصويت على القوانين كما في حالات الطوارئ، من دون تخصيص وقت كاف لمناقشة هذه القوانين.
وأعلن أعضاء كنيست عن الحريديم رفضهم القانون الجديد، معلنين، أن الشبان اليهود الحريديم لن يمتثلوا للقانون الجديد، وسيفضلون الذهاب الى السجن على أداء الخدمة العسكرية في الجيش.
وقال زعيم حركة "شاس"، أريه درعي، إن سن القانون مع بنود العقوبات الجنائية والسجن لمن يرفض الخدمة العسكرية، هو خرق واضح وصريح لتعهدات رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لكبار مجلس حكماء التوراة، بألا يتضمن القانون أي بنود تنص على فرض عقوبات جنائية ضد الحريديم. واعتبر أن هذا الأمر يعني ضرورة بدء العمل من أجل إسقاط حكومة نتنياهو.
ونسب موقع "كيكار هاشابات" إلى موشي جافني، وهو عضو في الكنيست ينتمي الى اليهود الأرثوذكس المتشددين، قوله إن "هذا يوم أسود للدولة وللحكومة. دولة إسرائيل فقدت الحق في تسمية نفسها دولة يهودية وديمقراطية".
وتعني هذه التصريحات تراجع فرص نتنياهو في الدورات التالية من إبرام اتفاقيات ائتلافية مع الحريديم في إسرائيل.
وكان الكنيست، قد مرّر مشروع قانون آخر، مثيراً للجدل، يتناول رفع مستوى نسبة الحسم، أي الحد الأدنى الذي ينبغي لأي كتلة الحصول عليه من أجل التمكن من الدخول إلى الكنيست. وجرى تمرير مشروع القانون، أمس الثلاثاء، بعد مقاطعة المعارضة التصويت، ووصفته بأنه حلقة في سلسلة من الخطوات غير الديمقراطية من جانب الائتلاف الحاكم.
ويقول مؤيدو مشروع القانون، إنه ضروري لاستقرار الحكومة، في حين يشير رئيس الحكومة نتنياهو إلى أن القانون الجديد "سيحسن من القدرة على الحكم من خلال إلغاء عدد من الأحزاب الصغيرة". ويضر مشروع القانون بالأحزاب العربية، إلا إذا اتحدّت معاً. وقد يضر أيضا بعدد من الأحزاب اليمينية القومية الصغيرة.