وجدت الأوساط اليمينية الحاكمة في تل أبيب، والنخب المرتبطة بها، زخماً إضافياً لمواصلة هجومها على منظمة "جي ستريت"، اللوبي اليهودي المؤيد لإسرائيل والذي يمثل الأوساط الليبرالية من اليهود الأميركيين، وذلك بعد مطالبة "جي ستريت"، بإجراءات عقابية ضدّ الكيان الصهيوني، إثر قيام الحكومة الإسرائيلية، بمصادرة أراضٍ فلسطينية، في محيط بيت لحم.
وقد يكون أكثر ما أثار حفيظة نخب الحكم في تل أبيب، رفض المنظمة المشاركة في المسيرات، التي نظمتها المنظمات اليهودية، لدعم إسرائيل خلال الحرب على غزة. ونقل موقع "إن أر جي" اليميني، الأحد الماضي، عن محافل رسمية إسرائيلية، قولها إن "ثلاثة من أعضاء الكونجرس، الذين تدعمهم "جي ستريت"، رفضوا خلال الحرب تأييد مشروع قانون يخصص موازنة لتطوير نظام "القبة الحديدية" التي تستخدمها إسرائيل في اعتراض صواريخ المقاومة الفلسطينية، خصوصاً وأن مشروع القانون حظي بدعم 395 سيناتوراً، وعارضه ثمانية فقط".
واعتبر الوزير الليكودي، يغآل أردان، سلوك "جي ستريت"، مجرد "صورة نمطية للكراهية الذاتية التي يتقنها بعض اليهود"، مشيراً إلى "أن سلوك المنظمة يمثل طعنة في ظهر إسرائيل".
ونقلت الإذاعة العبرية أمس عن أردان، قوله إن "جي ستريت" تحاول المس بالعلاقات مع الولايات المتحدة، التي تعتبر أهم ذخر استراتيجي لإسرائيل"، محذراً من أن "السماح لهذه المنظمة بمواصلة سلوكها "الضار" يهدد قوة الردع الإسرائيلية".
وبحسب أردان، فإن "قوة الردع الإسرائيلية لا تعتمد فقط على القوة العسكرية فقط، بل على التحالف المتين بينها وبين الولايات المتحدة". كما اعتبر ما تفعله "جي ستريت" بأنّه "يسهم في تدنّي مكانة إسرائيل الدولية، لأنه يضفي صدقية على المطالبات بمقاطعتها ردّاً على سياساتها في الضفة الغربية".
وفي إشارة إلى عمق الشرخ بين الائتلاف اليميني الحاكم في تل أبيب و"جي ستريت"، فإن ممثلي الأحزاب اليمينية في الحكومة والبرلمان، يمتنعون عن المشاركة في المؤتمرات، التي تنظمها "جي ستريت" للتعبير عن دعمها لإسرائيل. وفي هذا السياق، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلقاء خطاب عبر الفيديو، أمام مؤتمر نظمته المنظمة أخيراً. كما يرفض السفير الإسرائيلي لدى واشنطن، رون ديرمر، المشاركة مطلقاً في الأنشطة التي تنظمها "جي ستريت"، ومعظمها أنشطة لدعم إسرائيل.
ويأتي رفض وزراء ونواب اليمين، المشاركة في أنشطة "جي ستريت" لإضفاء شرعية على الطعن في صدقية تمثيلها لليهود الأميركيين، إذ أن نخب اليمين الحاكمة والثقافية غير معنية بالتأثير سلباً على الدور الذي تقوم به منظمة "أيباك"، أكبر منظمات الضغط اليهودية، والتي تتبنى مواقف اليمين الصهيوني وتحاول إملاءها على كل من الإدارة الأميركية والكونجرس.
وهناك في اليمين الصهيوني، من يرى أن تحركات "جي ستريت" تلقى التشجيع من أوساط في الحزب الديموقراطي، المقربة من الرئيس باراك أوباما. وترى الإدارة الأميركية أنه سيكون من السهل عليها توجيه انتقادات لإسرائيل في حال كانت منظمة يهودية تقف إلى جانبها، وفق ما أكد رئيس اللجنة المركزية لحزب "الليكود" الحاكم النائب داني دانون.
وأشار دانون إلى أنّ "ما يقلص من تأثير الخطر الذي تمثله "جي ستريت"، هو الدعم غير المتحفظ الذي تحظى به إسرائيل لدى الكونجرس"، مشدداً على أن "دعم الكونجرس يمكن أن يحول دون أي تآكل في دعم الولايات المتحدة لإسرائيل".
من جهته، اعتبر المعلق اليميني، أرئيل كهانا، من أن سلوك "جي ستريت" يهدد بإحداث تحول في موازين القوى الإستراتيجية لغير صالح إسرائيل". وقال في مقال نشرته صحيفة "ميكور ريشون"، إن "خطورة الخطوات التي أقدمت عليها "جي ستريت" تكمن في أنها تأتي في أعقاب الحرب على غزة التي ألحقت ضرراً بمكانة إسرائيل الدولية". وأضاف أن "جي ستريت تعمل بشكل ممنهج ضد إسرائيل ونزع شرعيتها وتبذل جهوداً كبيرة من أجل إحباط سياسات حكومتها المنتخبة، أنها تعمل ببساطة من أجل تصفية دولة إسرائيل".
غير أنّ رئيس "جي ستريت" جيرمي بن عامي، يرفض اتهامات أوساط اليمين الصهيوني، ويرى أن سياسات حكومة نتنياهو تحديداً هي التي تجلب الكراهية لإسرائيل وليس أي أمر آخر. ونقل موقع"إن أر جي" عن بن عامي ، قوله إن "سلوك إسرائيل هو الذي يجلب عليها العداء في جميع أرجاء العالم". وأكد على "صعوبة أن تكون هذه الحكومة شريكاً في أي تسوية سياسية للصراع تقوم على حل الدولتين، والفشل في حل الصراع لا يفضي سوى إلى تراجع مكانة إسرائيل الدولية ويمس بشرعيتها".