حوّلت قوات النظام السوري المطارات العسكرية والمدنية الموجودة في سورية إلى نقاط تمركز وسيطرة عسكرية مركزية، منذ انطلاق المواجهات المسلّحة بين قوات النظام والمعارضة منذ ما يناهز الثلاث سنوات، وحاولت قوات المعارضة مراراً السيطرة على مطارات النظام العسكرية من دون أن تنجح إلا بالسيطرة على عدد محدود منها في شمال وشرق سورية، في الوقت الذي حافظ فيه النظام على أهم المطارات العسكرية في وسط سورية وفي ريف العاصمة دمشق.
وبدأت المعارضة حملتها على مطارات النظام العسكرية، بعدة هجمات شنتها مع نهاية العام الأول للثورة على مطار منغ العسكري الواقع قرب الحدود السورية التركية على بعد ستة وثلاثين كيلومتراً شمال مدينة حلب، وصمد هذا المطار طويلاً أمام هجمات المعارضة قبل أن يسقط أخيراً تحت ضرباتها في صيف العام قبل الماضي.
وكانت قوات المعارضة السورية قد تمكنت قبل عام من ذلك من السيطرة على مطار الحمدان الزراعي قرب مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية شرق سورية، كما أنها تمكنت في بداية العام قبل الماضي من السيطرة على مطار تفتناز العسكري الواقع على بعد ستة عشر كيلومتراً إلى الشمال من مدينة إدلب، والذي يُعد أكبر مطارات المروحيات في سورية بثمانية وأربعين مهبطاً للمروحيات.
كما تمكنت قوات المعارضة بعد ذلك بأقل من شهرين من السيطرة على مطار الجراح العسكري الواقع قرب مدينة مسكنة في ريف حلب الشرقي، قبل أن تسيطر على مطار الضبعة العسكري الواقع قرب القصير في ريف حمص قرب الحدود اللبنانية، لتستعيده قوات النظام في وقت لاحق مع سيطرتها على مدينة القصير التي كانت تتحصن فيها قوات المعارضة.
وكان تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قد تمكّن في شهر أغسطس/آب الماضي من السيطرة على مطار الطبقة العسكري الواقع على بعد خمسين كيلومتراً إلى الغرب من مدينة الرقة التي يسيطر عليها التنظيم، ليكون هذا المطار آخر المطارات التي خسرتها قوات النظام حتى الآن، ذلك بعد فشل محاولات التنظيم المتكررة للسيطرة على مطار دير الزور الذي يُعتبر من المطارات الكبيرة في سورية؛ نظراً لمدرجه الذي يزيد طوله على ثلاثة كيلومترات.
ويحتفظ النظام السوري بالسيطرة على أكبر وأهم المطارات العسكرية والمدنية في سورية، والتي حوّل معظمها إلى نقاط تمركز وسيطرة عسكرية بعد أن عززها بقوات مدرعات ومدفعية ومشاة، لتتحول إلى قلاع عسكرية فشلت قوات المعارضة و"داعش" من اقتحامها على الرغم من عشرات المحاولات.
ويأتي في مقدمة المطارات العسكرية ذات الأهمية الاستراتيجية العالية بالنسبة للنظام السوري، مطار طياس العسكري المعروف باسم مطار "تي فور" والواقع على بعد خمسة وثمانين كيلومتراً شرق مدينة حمص في وسط البادية السورية قرب مدينة تدمر الأثرية. ويتمتع هذا المطار بأهمية استراتيجية عالية؛ نظراً لأنه يُعتبر أكبر المطارات العسكرية في سورية باحتوائه على أربع وخمسين حظيرة إسمنتية (هنكار) ومدرجين يزيد طول الواحد منهما على ثلاثة كيلومترات، ويحوي أحدث الطائرات المقاتلة والقاذفة التي يملكها النظام السوري من طراز "ميغ 29" و"سيخوي 25".
ويوضح العميد الركن هاني الجاعور المنشق عن قوات النظام، لـ "العربي الجديد"، أن مطار "تي فور" العسكري يأتي مع مطارات "السين" و"الضمير" و"المزة" في ريف دمشق ومطار حماة العسكري، في مقدمة المطارات التي يعتمد عليها سلاح الطيران التابع للنظام في طلعاته الجوية التي تستهدف نقاط تمركز قوات المعارضة، والأحياء السكنية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية.
ومطار الضمير العسكري هو ثاني أكبر المطارات العسكرية في سورية بعد مطار "تي فور"، ويقع على بعد نحو أربعين كيلومتراً إلى الشمال من دمشق، ويحوي خمسين حظيرة إسمنتية ومدرجين بطول ثلاثة كيلومترات. أما مطار السين فهو يقع في ريف دمشق أيضاً على طريق دمشق-تدمر الصحراوي، على بُعد ما يقارب الثمانين كيلومتراً من دمشق، ويحوي ستا وثلاثين حظيرة إسمنتية ومدرجين بطول ثلاثة كيلومترات وكيلومترين ونصف، وتتمركز في المطارين الاستراتيجيين طائرات مقاتلة من طراز "ميغ 23" و"ميغ 25" و"ميغ 27" وطائرات تدريبية ومروحيات متنوعة.
ويؤكد الجاعور أن إمكانية قيام قوات المعارضة بتعطيل أو تدمير مطارات النظام الاستراتيجية تبدو محدودة جداً؛ نظراً لعدم امتلاكها أي مضاد طيران فعال يُمكّنها من تحييد طائرات قوات النظام في حال قامت بمهاجمة مطارات النظام العسكرية، ذلك أن معظم المطارات العسكرية في سورية تقع في البادية السورية في أماكن مكشوفة بعيدة عن المدن، الأمر الذي يحرم قوات المعارضة من قدرتها على المناورة، ويمنعها من الاستفادة من خبرتها التي اكتسبتها في حرب المدن.
كما أن نقص الذخائر الخاصة بالرشاشات المتوسطة والأسلحة الأخرى التي تمتلكها قوات المعارضة، من الأسباب التي تحول من دون سيطرة قوات المعارضة السورية على مطارات النظام العسكرية بحسب الجاعور.
أما بخصوص عدم تمكّن المعارضة السورية من الاستفادة من المطارات العسكرية التي سيطرت عليها في وقت سابق، فيوضح الجاعور أن ذلك يعود إلى أن الطائرات التي تركتها قوات النظام في المطارات التي خسرت السيطرة عليها عددها قليل؛ وهي معطّلة وبحاجة لصيانة وقطع غيار غير متوفرة بحوزة قوات المعارضة، كما أن قوات المعارضة لن تتمكن من الاستفادة من الطائرات التي سيطرت عليها؛ لأن الإقلاع بها بحاجة لكادر من الفنيين والطيارين وهذا الكادر غير متوفر لديها، إضافة إلى أن قوات النظام تمتلك منظومات دفاع جوي متطورة نسبياً، الأمر الذي سيمكّنها من إسقاط أي طائرة في حال أقلعت من أحد المطارات العسكرية التي تسيطر عليها المعارضة.
وتحتفظ قوات النظام بالسيطرة على عدد كبير من المطارات العسكرية، بالإضافة إلى المطارات الاستراتيجية الأكثر أهمية بالنسبة لها، فهي ما زالت تسيطر حتى الآن على مطاري كويرس والنيرب العسكريين في ريف حلب، ومطار أبو الظهور الذي تحاصره قوات المعارضة وجبهة "النصرة" في ريف إدلب، ومطاري الثعلة وخلخة العسكريين في ريف السويداء جنوب البلاد، ومطار حميميم في ريف اللاذقية.
كما تستخدم قوات النظام المطارات المدنية الكبيرة في سورية لأغراض عسكرية تتعلق بإمداد وتموين قواتها التي تقاتل في معظم مناطق البلاد، ويأتي في مقدمة هذه المطارات المدنية مطار دمشق الدولي ومطار حلب الدولي ومطار القامشلي.