وشنّ التنظيم، أمس الجمعة، هجمات متكررة على محاور عدة في مناطق المعارضة المسلّحة في ريف حلب، ليتمكن من التقدم والسيطرة على بلدة تل قراح، ما أجبر فصائل المعارضة المتمركزة في مدرسة المشاة وسجن الأحداث والمنطقة الحرة، وبلدات تل شعير، وبابنس على الانسحاب من هذه المناطق خوفاً من الوقوع في حصار بين عناصر "داعش" الموجودة شمالاً وقوات النظام التي تسيطر على المدينة الصناعية، وبلدات حندارت وسيفات، جنوباً.
ويؤكد الناشط حسن الحلبي لـ"العربي الجديد"، أنّ معارك الكر والفر التي استمرت طوال ليل أمس الجمعة، أفضت إلى سيطرة "داعش" على بلدتي فافين وتل قراح، لتُجبر قوات المعارضة على الانسحاب من مدرسة المشاة، أكبر القواعد العسكرية التي تسيطر عليها المعارضة في الشمال السوري، ليبسط التنظيم سيطرته على هذه القاعدة وعلى المناطق العسكرية والبلدات المحيطة بها، بالإضافة إلى سيطرته على نحو عشرة كيلومترات من خطوط الاشتباك مع قوات النظام التي تتمركز في المدينة الصناعية وسجن حلب المركزي وبلدتي حندرات وسيفات.
ويلفت الحلبي إلى أن الاشتباكات بين فصائل المعارضة وعناصر التنظيم، "ترافقت مع قصف مدفعي من قوات النظام لمناطق تمركز فصائل المعارضة، في حين لم يتم قصف مناطق داعش"، مشيراً إلى أنّ القصف تركّز على نقاط تمركز المعارضة التي يهاجمها "داعش"، الأمر الذي يعتبر تمهيداً لعناصر التنظيم المتقدمة.
كذلك تمكّن التنظيم، بحسب مصادر مقربة من فصائل المعارضة، من إيقاع جزء من عناصر المعارضة التي انسحبت، بكمين في منطقة تل سوسيان قرب تل قراح، ما أدّى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوفها. وزاد التنظيم، بعد تقدمه الأخير، من الضغط على فصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي، إذ بات التنظيم على بعد أقل من عشرة كيلومترات للوصول إلى بلدة رتيان وبيانون، اللتين يمرّ بهما آخر خط إمداد يصل مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الشمالي بمناطق سيطرتها في مدينة حلب وريفها الغربي.
وبذلك، أصبحت فصائل المعارضة تواجه قوات النظام و"داعش" معاً، على خط واحد في ريف حلب الشمالي، إذ تسيطر قوات النظام على بلدات باشكوي، حندرات، حيلان، سيفات، المدينة الصناعية في حلب وحلب المركزي، إذ تقع هذه المناطق شمال مدينة حلب مباشرة، فيما بات التنظيم يسيطر على مدرسة المشاة العسكرية، بالإضافة إلى بلدتي تل الجيجان وتل مالد وصولاً إلى أخترين ومارع على الحدود السورية التركية التي وقعت بيد التنظيم، سابقاً.
اقرأ أيضاً: "داعش" يضيّق الخناق على المعارضة في ريف حلب الشمالي
وترافق هجوم "داعش" الأخير على مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الشمالي مع تحليق مكثف للطيران الروسي فوق هذه المناطق من دون أن يشن أية غارة. ويعزو مراقبون ذلك إلى التخوّف من الاشتباك مع الطيران التركي الذي حلّق بكثافة طوال الليل على الحدود السورية التركية لحراسة الحدود ومنع أي خرق جديد من الطيران الروسي، نظراً لقرب المناطق التي كان يحلق فيها الطيران الروسي من الحدود التركية.
وسجّل، أمس الجمعة، غياب تام لطيران التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة عن العمليات العسكرية في ريف حلب الشمالي، إذ لم تحلّق أي من طائرات التحالف الدولي في الأجواء، في الوقت الذي كان فيه الطيران الروسي يتفرّد بها. ويشير شهود عيان وعدد من عناصر المعارضة في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الطائرات المحلّقة، لم تشنّ أية غارة على مواقع التنظيم، ما لم تعتد عليه طائرات التحالف، ما يؤكّد أنّها طائرات روسية.
ويعتبر مراقبون أنّ "استهداف الطائرات الروسية مواقع المعارضة المسلحّة، ساعد التنظيم على التقدم في ريف حلب، إذ شنّت الطائرات الحربية الروسية غارتين جويتين على مقرات لواء صقور الجبل التابع للجيش السوري الحر في بلدة دير جمال في ريف حلب الشمالي، ليتسبب ذلك بتدمير مقرات اللواء ومصرع وجرح عدد من مقاتليه، وهو أحد فصائل المعارضة التي تقاتل داعش في ريف حلب". وتأتي الغارات الروسية على مقرات صقور الجبل، بعد أيام من غارات مماثلة، على مقرات "اللواء" في جبل حاس، قرب مدينة كفرنبل في ريف إدلب الجنوبي.
ويوضح ناشطون ميدانيون أنّ جميع فصائل الجيش الحر، كانت منشغلة في الأيام الثلاثة الماضية، بحشد المزيد من التعزيزات في ريف حماه الشمالي، ومنطقة سهل الغاب لردع قوات النظام السوري التي تحاول، باستمرار، التقدم على حساب فصائل المعارضة في هذه المناطق. في المقابل، لم تتمكن فصائل المعارضة من إرسال المزيد من التعزيزات إلى جبهات القتال ضد "داعش"، الأمر الذي استفاد منه التنظيم، ووظّفه لجهة اختيار التوقيت المناسب، لمهاجمة المعارضة في ريف حلب الشمالي.
ويستخلص المراقبون أنفسهم، أنّ الغارات الروسية التي انطلقت في سورية، تحت عنوان "محاربة التنظيم"، لم تكن إلّا فرصة لهذا الأخير للتمدد في ريف حلب الشمالي، بعد استهداف الغارات مقرات فصائل المعارضة، والتي أُجبرت على تغيير معظم مقراتها في وقت قياسي لتفادي تلك الغارات الروسية.
اقرأ أيضاً: التدخل الروسي يرفع أعداد الضحايا في سورية