يواصل المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لقاءاته التحضيرية لمحادثات السلام اليمنية في عواصم المنطقة، في حين لم يُعلن بعد عن أي تقدّم في ما يتعلق بالاتفاق على الخطوات التي ستجري وفقها المحادثات. وتكشف مصادر سياسية يمنية، لـ"العربي الجديد"، عن أن ولد الشيخ أحمد أجرى في الأيام الماضية جولات بين العاصمة الأردنية عمان، والعاصمة البحرينية المنامة، بينما تحدثت مصادر غير رسمية، عن زيارة قام بها إلى السعودية.
كما التقى المبعوث الأممي، أمس الإثنين، وزير الخارجية القطري، خالد بن محمد العطية، في الدوحة، وجرى خلال اللقاء تبادل وجهات النظر حول الإجراءات التي يقوم بها ولد الشيخ أحمد، "من أجل التوصل إلى حل سياسي في اليمن يستند على قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية"، بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء القطرية "قنا".
وتأتي هذه التحركات وسط تفاؤل ملحوظ يبديه المبعوث الأممي بعقد جولة مقبلة من المحادثات منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، على الرغم من التردد الذي يبديه الحوثيون تجاه المحادثات، بسبب اعتراضهم على تجاهل وثيقة النقاط السابقة التي أن توصلوا إليها من قبل مع المبعوث الأممي في مسقط. وفي هذا الصدد، يؤكد قيادي حوثي عضو في المكتب السياسي للجماعة، طلب عدم ذكر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "موقف رئيس المكتب السياسي، صالح الصماد، قبل أيام، لا يعني إعلان فشل المحادثات المقبلة أو عدم المشاركة فيها، وإنما جاء بسبب تجاهل ما توصلت إليه النقاط السابقة".
وفي الوقت الذي لم يُجرِ فيه المبعوث الأممي لقاءات معلنة مع الأطراف المعنية منذ عودته إلى المنطقة، من المتوقّع أن يتوجّه في الأيام المقبلة إلى مسقط، للقاء ممثلين عن الحوثيين وحزب "المؤتمر الشعبي العام"، الذي يترأسه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
في المقابل، تتباين مواقف الحكومة الشرعية والأطراف السياسية الداعمة لها، حول الحوارات السياسية مع الحوثيين وصالح. وتقول مصادر سياسية، لـ"العربي الجديد"، إن "الحوثيين والرئيس المخلوع اكتفوا خلال الأيام الماضية بنشر التصريحات الإعلامية، بما فيها تلك الاتهامات التي تم كيلها للمبعوث الأممي من قِبل الصماد، بينما زادوا من اتصالاتهم مع المبعوث الأممي بخصوص المشاورات، في خطوة متناقضة مع تصريحاتهم".
وتلفت المصادر إلى أن "هناك أطرافاً سياسية تدعو إلى الاهتمام بالأوضاع الميدانية، بدلاً من تركيز الجهد كله على مماطلة المليشيات ومراوغاتها، كما أن هناك مشكلة في موضوع حزب المؤتمر، الذي تقول القيادات الداعمة للشرعية، إن الحزب لم يعد متحالفاً مع الانقلابيين، وإن صالح فقط يمثّل نفسه، وقد تمت إزاحته من رئاسة الحزب". لكن المصادر لم تؤكد إذا كان من الممكن أن يتم تمثيل حزب "المؤتمر" بوفدين خلال المفاوضات، وفد في صف الشرعية والآخر في صف صالح.
اقرأ أيضاً: نعي المليشيات المفاوضات السياسية... للضغط على ولد الشيخ أحمد
في المقابل، يؤكد مصدر حكومي، لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة لا تزال عند موقفها من محادثات جنيف، لكنها أيضاً تراقب ما يجري على الأرض من تصعيد للمليشيات ضد المناطق والمدن، التي تقصف وتهاجم مدناً ومناطق جديدة، وهو ما يتناقض مع التزام المليشيات بتنفيذ القرار 2216، ما يدفع الحكومة للتشكيك في جدية انعقاد جولة المفاوضات الجديدة وفاعليتها في تنفيذ القرار الأممي". لكن المصدر يشدد على أن "الحكومة والرئاسة عاكفتان على متابعة الأوضاع على الأرض، وتوفير الخدمات للمواطنين، ومتابعة إعصار تشابالا وأضراره، فضلاً عن فك الحصار عن محافظة تعز، أكثر من اهتمامهما بالجلوس مع المليشيات، على طاولة تبدو نتائج فشلها سابقة لانعقادها، من خلال تصرفات الانقلابيين على الأرض".
وتتزامن الجهود السياسية مع استمرار الغارات الجوية والمعارك الميدانية بين الحوثيين والموالين لصالح من جهة، وبين "المقاومة" والقوات الموالية للشرعية من جهة أخرى، وخصوصاً في محافظة تعز، التي تتحدث فيها "المقاومة" عن عملية مدعومة من التحالف لتحريرها في الفترة القليلة المقبلة. وفي السياق نفسه، وصلت قوات وتعزيزات جديدة للتحالف إلى تعز، وباتت تحت إدارة المجلس العسكري فيها، والذي يُعتقد أنه من سيتولى عملية تحرير تعز بالتنسيق المباشر مع التحالف، من خلال الغرفة الخاصة التي أُنشئت لمعركة تحريرها. وقالت مصادر عسكرية في تعز لوكالة "فرانس برس"، إن التحالف أرسل 30 عربة عسكرية بينها دبابات، إلى المحافظة.
في غضون ذلك، لا يخلو يوم من غارات جوية في صنعاء ومحيطها، مع استمرار الضربات الجوية على وتيرتها في محافظة صعدة معقل الحوثيين، الواقعة على الحدود مع السعودية. وتركزت الغارات في صنعاء أخيراً على الضواحي، حيث المناطق المحيطة بالعاصمة، وخصوصاً في منطقة سنحان، مسقط رأس صالح، ومنطقتي بني حشيش، وخولان وغيرهما من المناطق القريبة من محافظة مأرب.
وفي السياق نفسه، تشير مصادر لـ"العربي الجديد"، إلى أن المليشيات دفعت بتعزيزات كبيرة إلى إب وشمال الضالع والبيضاء في مؤشر على نقل المعركة إلى هذه المناطق بعد أن بدأت بذور الخسارة في تعز. وتمكّنت "المقاومة" في الضالع من صد هجمات لمليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع، بعد فتحها ثلاث جبهات، وهي جبهة البيضاء إلى جبن شمال شرق الضالع، فضلاً عن جبهتين من إب جبهة الرضمة إلى دمت شمال الضالع، وجبهة السبرة غرب قعطبة شمال الضالع.
اقرأ أيضاً: تعز... بوابة الشمال والجنوب اليمني تترقّب التحرير