اقرأ أيضاً: 26 يوماً على الغارات الروسية... خسائر النظام بالجملة
وعلى الرغم من تنفيذ الطائرات الحربية الروسية منذ بداية العملية، لـ1631 طلعة جوية استهدفت خلالها 2084 منشأة للبنية التحتية التابعة "للإرهابيين"، كما زعم منذ أيام، رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية أندريه كارتابولوف، لم تتمكن قوات النظام على الأرض في أرياف حمص وحماة واللاذقية من تحقيق خرقٍ ميداني يذكر لصالحها.
وبحسب شبكة "المرصد الموحد"، فإنّ قوات النظام خسرت خلال أكتوبر وحده ٥٩ ﺩﺑﺎﺑﺔ في المعارك التي دارت رحاها في ريف حماة، وفي ﺣﻠﺐ خسرت ٣١ ﺩﺑﺎﺑﺔ، وفي ﺩﻣﺸﻖ ﻭﺭﻳﻔﻬﺎ دمرت قوات المعارضة السورية ١٢ ﺩﺑﺎﺑﺔ، وفي ﺣﻤﺺ تم تدمير ٩، و5 في اللاذقية، وفي ﺍﻟﻘﻨﻴﻄﺮﺓ دُمرت ٤، ودبابتان في ريف إدلب، ودبابة في درعا.
كذلك فشلت هجماتها بريف حلب الجنوبي، على الرغم من احتفاظها بتل الوضيحي، وبعض المناطق المجاورة له، والتي نجحت الفصائل المقاتلة هناك خلال الأسبوع الماضي، في استعادة بعضها، مثل تل السرو والمزارع المحيطة به، وقبل ذلك قرية القرّاصي وتلالها وقرية الحويز وتلّتها وتل الجمعية.
وإذا كان الوضع بريف حلب الجنوبي، هو معارك كر وفر، وتبادل سيطرة أحياناً، وقد استقر في الأيام الأخيرة لصالح الفصائل التي تقاتل النظام، فإن الصورة بريف حمص الشمالي مغايرة لذلك تقريباً، إذ أن قوات النظام ومليشياته لم تتمكن أساساً من السيطرة على أي من المناطق التي بدأت هجوماً برياً عليها، منذ الخامس عشر من الشهر الماضي.
وكان هدف النظام العسكري من معاركه بريف حمص الشمالي، هو ربط مناطق نفوذه في مركز مدينة حمص، بتلك الخاضعة لسيطرته في حماه وجنوبها القريب. لكن تحقيق هذا الهدف، يحتاج للسيطرة على طريق طولي، يبلغ عشرين كيلومتراً مربعاً من شمال حمص حتى جنوب حماة، ويبدأ هذا الخط من مناطق الدار الكبيرة وتير معلة والغنطو، مروراً بالزعفرانة ومدينة تلبيسة، ثم الرستن، وكلها مناطق تسيطر عليها المعارضة، وفشل النظام في التقدم كيلو متراً واحداً، بعد شهرٍ من بدء حملته هناك.
وفي ريف اللاذقية لم يختلف المشهد؛ فعلى الرغم من أن فصائل المعارضة (كما في حلب خصوصاً)، فقدت خلال أربعين يوماً من المعارك الضارية، عدداً من قياداتها العسكرية، فإنها حافظت على تماسكها، وتمكنت من رد جميع الهجمات البرية المسنودة بغطاء جويٍ روسي، إذ استمات النظام لتحقيق أي خرقٍ ميداني في جبهة الساحل، التي تعتبر غاية في الأهمية بالنسبة لحالة حاضنته الشعبية معنوياً.
لكن يبقى الميدان الأبرز في هذا السياق، هو ريف حماه الشمالي، الذي تلقى (مثل حمص) أولى الضربات الجوية الروسية في الثلاثين من سبتمبر/أيلول الماضي، فيما بدأ فيه النظام حملته البرية الواسعة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ومُني خلالها بخسائر فادحة سواء على صعيد الأفراد والمعدات، أو من جهة عدم تحقيق أي تقدم ميداني، بل وخسر مواقع عسكرية بالغة الاستراتيجية، كانت كلفته خسائر كبيرة في سبيل استعادتها خلال معارك دارت في السنة الماضية.
فقد استعادت الفصائل المقاتلة بريف حماة الشمالي، خلال اليومين الماضيين، مناطق عطشان، تل سكيك، وقرية أم حارتين. وهذه المناطق، كانت الإنجاز الوحيد الذي يُحسب للنظام خلال جميع معاركه في حماة منذ أكثر من شهر. غير أن التطور الأبرز عموماً، جاء في اقتحام الفصائل، لتل عثمان، ولاحقاً السيطرة بالكامل على مدينة مورك الاستراتيجية، التي جاء تقهقر قوات النظام فيها سريعاً ومفاجئاً.
في هذا السياق، أكد رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر العميد أحمد بري لـ"العربي الجديد" بأن "النظام فتح جبهة ريف حماة على طول 35 كيلومتراً، معتمداً على القوة الإيرانية برياً، والغطاء الجوي الروسي، لكنه خسر كل ما استطاع إنجازه، فضلاً عن مقتل المئات من جنوده والمليشيات المساندة له في المعارك".
وقال إن "تقدّم الفصائل الأخير غاية في الأهمية، لأن تل عثمان مثلاً، كان يعتبر بالنسبة للنظام، قاعدة نارية ونقطة إسناد أهم من مورك، عسكرياً. ويشرف التل على مناطق هامة. وحاولت الفصائل السيطرة عليه عدة مرات سابقاً، وكان ذلك صعباً بسبب القوة الجوية التي يمتلكها النظام".
وأضاف بري أن "استرداد مورك لاحقاً للسيطرة على تل عثمان، كان مهماً للغاية بالنسبة للمعارضة، كونها ذات موقع استراتيجي حساس، ومدخل حماة الشمالي ونقطة انطلاق لجنوب إدلب. وهذا الإنجاز للمعارضة يبعد خطر النظام كثيراً ويجعل فصائل إدلب وحماة في وضع مريح نسبياً".
وأكّد القيادي العسكري في المعارضة السورية، أن "النظام بقي سنة كاملة يحاول استرداد مورك ونجح في ذلك خلال أكتوبر/تشرين الأول عام 2014، بعدما خسر أكثر من 100 دبابة ومدرعة حينها، وهذا الرقم خسره خلال شهر واحد فقط، وخسر فوقه نحو 400 من قواته ومليشياته في الأسبوع الأول لمعركة ريف حماة، وخسر فوق ذلك مناطق كان تحصن فيها خلال السنة الماضية (مورك، تل عثمان) بل وتواجه المناطق التي يعتبرها حاضنة شعبية خطر اقتراب الفصائل المقاتلة منها (معان ومحيطها)".
ولفت العميد بري إلى أن "معنويات قوات النظام منهارة" ويضرب مثالاً على ذلك بالقول "حصلنا على معلومات مؤكدة من مشفى حماة الوطني، بأن عدد الجرحى الذي وصل لهناك خلال الأيام الأولى للهجوم، كانت بحدود ألف مصاب، بينهم 400 حالة إصابة لجنود وضباط تقصدوا إصابة أنفسهم أو طلبوا من زملائهم أن يصيبوهم، من أجل الذهاب للمشفى والهروب من الجبهة".
ونقل القيادي العسكري عن مصدر في قوات النظام (لم يسمه أو يعطي صفته) بأن "جنرالاً روسياً قال لرئيس اللجنة الأمنية بحماة اللواء توفيق يونس خلال المعارك الأخيرة، بأن النظام ليس لديه مقاتلون أشداء وجنوده ليست لديهم إرادة قتالية، فاحتج اللواء يونس على ما اعتبره إهانة من الجنرال الروسي في حماة، ولاحقاً لذلك تم نقل اللواء توفيق يونس إلى مكان آخر على إثر هذه المشادة الكلامية".
وفي السياق، ذهب الخبير العسكري والاستراتيجي فايز دويري، إلى القول إن التدخل العسكري الروسي في سورية، لم يحقق أي نتيجة، وأشار إلى أن "بعض التقارير ذكرت أن روسيا أرسلت خمس سفن ومعدات تصل الى حجم فرقة، ولكن هذه المعلومات لم تتأكد بعد، وفي حال تأكدت فهي تحضيرات لعمليات عسكرية كبيرة لكن أجواء فيينا تنفي ذلك".
وأكد دويري لـ"العربي الجديد" بأن "الدعم الروسي لم يقدم الكثير للنظام السوري وهذا سبب بحث روسيا عن حل سياسي"، قائلاً إن "(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يريد النزول عن الشجرة".
اقرأ أيضاً: النظام السوري والروس يُشعلان معركة استنزاف المعارضة