تونس: انقسام سياسي حول "التعاون" مع إيران

18 ديسمبر 2015
وصف "تيار المحبة" الاتفاق بـ"الخطر" (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
يتواصل السجال في تونس، بعد إطلاق زعيم "تيار المحبة" في تونس، الهاشمي الحامدي، حملة واسعة تستهدف الحكومة بسبب اتفاق سياحي بين الحكومتين التونسية والإيرانية، داعياً حزب "نداء تونس" وحركة "النهضة"، إلى التدخل ومراجعة هذا الاتفاق الذي وصفه بـ"الخطير، ويُمثّل تهديداً لأمن تونس القومي واستقرارها ومستقبلها".
وكان كل من وزيرة السياحة، سلمى اللومي الرقيق، ونائب رئيس الجمهورية الإيرانية مسعود سلطاني، قد وقّعا يوم السبت الماضي، في ختام الدورة الخامسة للجنة المشتركة التونسية الإيرانية، على برنامج تعاون يمتد لثلاث سنوات ويتعلق بإقامة مشاريع استثمارية وتسهيل الحركة السياحية ومساعدة وكالات السفريات على تصميم برامج سياحية مشتركة.

يقول عضو "تيار المحبة"، أيمن الزواغي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنّ "تيار المحبة سيتقدم بطلب عاجل للقاء رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، ورئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، ورئيس الحكومة الحبيب الصيد". ويوضح الزواغي أن "اللقاء سيتمحور حول أسباب رفض تيار المحبة للاتفاق السياحي مع إيران وتوضيح تداعياته على تونس". ويؤكد أنهم "سيطالبون بتجميد العمل بهذا الاتفاق إلى حين عرضه ومناقشته في مجلس نواب الشعب أو عرضه على استفتاء شعبي". ويشير الزواغي إلى "وجود مخاوف من أن يؤدي هذا الاتفاق إلى انقسامات وفتنة داخلية"، متطرقاً إلى "النفوذ الإيراني في العراق وسورية ولبنان". ويلفت إلى أن "الزعيم الحبيب بورقيبة استشعر الخطر في العام 1981، فأغلق المركز الثقافي الإيراني بتونس، وقطع العلاقات مع طهران"، معتبراً أن "المملكة المغربية فعلت نفس الأمر قبل نحو عامين".
ويدعو الزواغي "حركة النهضة" إلى "مراجعة موقفها، وسحب تأييدها لهذا الاتفاق، مشيراً إلى أن "تونس لا تبيع أمنها القومي ببضعة مليارات قد تتأتى من السياحة". ويؤكد أنه "في حال تعنت الحكومة، فإن تيار المحبة سيشن حملة النصف مليون توقيع لإسقاط الحكومة"، على حد قوله.


اقرأ أيضاً: حزب تونسي يدعو إلى إسقاط الحكومة "فيسبوكياً" بسبب إيران

من جهته، يعتبر القيادي في "حركة النهضة"، العجمي الوريمي، أنّ "إيران دولة إسلامية، وتونس تسعى إلى تمتين الروابط من خلال الاتفاقيات التي تجمعها بالعرب والمسلمين ومختلف الشركاء، وذلك في إطار احترام الثوابت واستقلالية القرار والاتفاقيات المشتركة". ويقول الوريمي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنه "لا بدّ من تدعيم الروابط سواء كانت مبادلات تجارية أو تعاونا فنيا، أو ثقاقيا أو تنقلا للبشر أو تبادلا سياحيا". ويعتبر أن "تونس دولة تُشجّع على الانفتاح، وأنه لا ينبغي أن تكون العلاقات بين الدول مبنية على خوف شعب من شعب آخر، بل على التعاون وتقديم التسهيلات من الجانبين".
ويرى الوريمي أنه "طالما أن الدستور والاتفاقيات الدولية تضبط طبيعة التعاون بين الدولتين، فلا خوف من ذلك". ويُشدّد على أن "موقف تيار المحبة مبني ربما على تقديرات، وقراءة للأوضاع الإقليمية التي تعد إيران طرفاً فاعلاً فيها"، معتبراً أنها "لن تؤثر بشكل أو بآخر على تونس وعلى استقرارها".

ولم يستبعد أن "يكون موقف تيار المحبة مبنيا على حساسية تجاه إيران، أو على توجّهات سياسية ومذهبية"، مضيفاً "نحترم الدول العربية الإسلامية، طالما أنهم يبادلوننا نفس الاحترام". ويكشف أن "الحركة ستجتمع، وسيتم النظر في الاتفاقية داخل مجلس نواب الشعب للمزيد من المناقشة".

في سياق متصل، يرى النائب عن "نداء تونس"، خالد شوكات، أنّ "تيار المحبة بالغ كثيراً في موقفه"، معتبراً أن "هذه التحركات لا يفهم منها إلا الدفعا بتونس للدخول في سياسة المحاور، أي أن يكون هناك طرفا ضد طرف. وهو أمر غير مقبول". ويلفت شوكات في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "هناك دولاً عربية أقامت علاقات مع إسرائيل، وأن تيار المحبة لم يُحرّك ساكناً، ولم يدعُ ولو مرة واحدة إلى حملات ضد التطبيع"، معتبراً أن "ايران دولة شقيقة وصديقة وتنتمي إلى العالم الإسلامي". وينوّه إلى أن "تونس تقيم علاقات مع شتّى الدول والقارات من مختلف أنحاء العالم".
ويدعو شوكات إلى "المحافظة على علاقات طيبة بين تونس وباقي البلدان، فلا يسمح لهم بالتدخل في شؤون تونس ولا تتدخّل تونس في شؤونهم". ويلفت إلى أن "العلاقات التونسية الإيرانية قديمة، والسفارة الايرانية في تونس موجودة منذ أعوام عدة".
ويشير شوكات إلى أنّ "تونس لا ترى أي خطر إيراني عليها، ولن تفرض عليها أي شيء، بل تعتبر العلاقات طبيعية بين دولتين مسلمتين، وما يجمع البلدين أكبر مما يفرقهما".

اقرأ أيضاً: 17 ديسمبر التونسي من البوعزيزي إلى أوسلو

دلالات