بعد عمليات شد وجذب استمرت أكثر من ثلاثة أشهر، بدأت القوات العراقية صباح أمس الثلاثاء، مدعومة بالآلاف من أبناء العشائر، وتحت مظلة أميركية، الهجوم على مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار، بغية استردادها من مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الذي لا يبدو أن لديه خياراً غير القتال بعد تطويق المدينة من اتجاهاتها الاربعة وعزلها عن الفلوجة شرقاً وهيت غرباً، وسط غموض مقلق يلف مصير مئات الأسر المحاصرة داخل الرمادي.
واستغلت القوات العراقية تحسّن الأحوال الجوية في المدينة ومحيطها، لبدء الهجوم البري الواسع، إلا أنها نكثت بالمهلة التي أعطتها للأهالي للخروج من المدينة، وهي 72 ساعة كان من المفترض أن تنتهي مساء اليوم الأربعاء، وهو ما أثار مخاوف على مصير المدنيين في المدينة.
ووفقاً لقائد قوات الجيش العراقي في الأنبار، اللواء الركن اسماعيل المحلاوي، فإن "القوات العراقية ممثّلة بالجيش وجهاز مكافحة الإرهاب والفصائل العشائرية والشرطة الاتحادية، باشرت الهجوم من ثلاثة محاور، الجنوبي والشمالي والغربي، بينما تحاصر المحور الشرقي لمنع هروب مقاتلي التنظيم منه".
ويضيف المحلاوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الطيران الدولي والعراقي يشاركان في العملية، فضلاً عن المدفعية الثقيلة التي تتلقى صوراً جوية ملوّنة عن تحركات ومواقع داعش داخل المدينة"، مشيراً إلى أن "الهجوم حقق تقدّماً كبيراً وتم الدخول إلى عدة أحياء في المدينة، ودارت حرب شوارع عنيفة فيها"، لافتاً إلى أنه "تم تدمير حقول الألغام والأفخاخ التي نصبها داعش حول المدينة بعد ساعات من الهجوم"، مؤكداً "أن الهدف تحرير المدينة بالكامل وسنبث بشرى ذلك قريباً"، وفقا لقوله.
اقرأ أيضاً: بدء عملية تحرير الرمادي وقتال عنيف داخل المدينة
من جهته، يقول ضابط في الجيش العراقي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن "المعارك عنيفة للغاية وداعش استخدم الانتحاريين من جنسيات آسيوية وعربية لمنع تقدّمنا"، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الضربات الجوية حققت تفوقاً لنا والطيران الأميركي يُشكّل مظلة ممتازة، فقد دمر منصات الصواريخ والمدافع وحقول الألغام، وقصفَ تجمعات التنظيم وشلَّ حركته مما سهّل عملنا كثيراً".
وحول مصير المدنيين المتواجدين في المدينة، يشير الضابط إلى أنه "لم يتمكّن أحد من الخروج، وعلمنا أن داعش يحتجزهم وهم عدد غير قليل، لكن هناك توجيهاً للجنود بالحرص قدر الإمكان على الأهداف المرسومة وتمييز المدني من المسلح"، وفقاً لقوله.
أما القائد العسكري لقوات العشائر في الأنبار محمد الدليمي، فيتوقّع أن تنتهي العمليات وتتحرر المدينة سريعاً. ويوضح الدليمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الوضع جيد على الرغم من وقوع خسائر في الساعات الأولى للهجوم من الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب بسبب العمليات الانتحارية والأفخاخ.
ويكشف الدليمي أن مليشيات "الحشد الشعبي" تم اقصاؤها عن العملية "بسبب حساسية المدينة واحتمال تكرار سيناريو تكريت نفسه، عندما أحرقت المليشيات المدينة بعد نهب محتوياتها ما زاد من جفاء الأهالي وعدم تعاونهم مع جهود تحرير المدن"، معلناً أن "الساعات المقبلة قد تشهد تحوّلات كبيرة، خصوصاً مع انهيار خطوط داعش الدفاعية"، آملاً "أن تعود الرمادي لحضن العراق سريعاً".
وفي داخل الرمادي، يلف الغموض وضع مسلحي "داعش" الذين تفرقوا على شكل جيوب صغيرة في المدينة، وخصوصاً داخل الأحياء السكنية، للتقليل من خسائرهم البشرية خلال قصف التحالف الدولي. وأكدت مصادر متطابقة من داخل الرمادي مقتل 12 مدنياً، بينهم طفلان، في القصف الجوي، إلا أن الجيش العراقي نفى علمه بمقتلهم.
اقرأ أيضاً: العراق: أهالي الرمادي بين الموت والاعتقال