نفى مصدر مسؤول في وزارة الري والموارد المائية في مصر، تلقّي الوزارة أية معلومات عن تأجيل الاجتماع المقبل لملف أزمة سد النهضة المقرر يومي 27 و28 ديسمبر/كانون الأول الحالي، استكمالاً للمباحثات بين مصر وإثيوبيا والسودان التي جرت يومي 11 و12 من الشهر نفسه، والتي جمعت وزراء الخارجية والري في الدول الثلاث، ولم يتم فيها التوصل إلى أية نتائج إيجابية حول الخلافات الرئيسية تقاسم مياه السد، وتطبيق إعلان المبادئ الموقع بين رؤساء الدول الثلاث في مارس/آذار الماضي.
وأشار المصدر إلى أن ما يحدث في إثيوبيا من اضطرابات من قِبل قبائل "الأورومو" بعد قرار الحكومة تهجير بعض السكان من مناطقهم، لا علاقة له بقضية بناء سد النهضة، لافتاً إلى أن القبائل تعارض مشروعاً لتوسعة العاصمة أديس أبابا على حساب أراضي الرعي الخاصة بها في ولاية أوروميا، بينما يوجد السد في ولاية بني شنجول قماز.
وأوضح المصدر "إننا ننتظر قرار الحكومة الإثيوبية بشأن الاجتماع المقبل، لوضع الملاحظات المصرية على بناء السد في تلك الجولة الجديدة"، مشدداً على أن "مصر لن تلجأ للتصعيد قبل استلام رد رسمي من الجانب الإثيوبي عن حجم الإنشاءات في السد، وكذلك موقف أديس أبابا تجاه الدراسات والتوصيات الخاصة بأضرار السد الصادرة عن المكتب الاستشاري، مع الالتزام بحصص دول المصبّ الواردة في الاتفاقيات التاريخية لتقسيم مياه النيل، خصوصاً أن مخاطر بناء السد الإثيوبي الذي تبلغ سعته التخزينية 74 مليار متر مكعب ستحوّل نهر النيل إلى مجرد ممر مائي في دول المصب، مصر والسودان، ولن تشهد بحيرة ناصر تخزيناً مرة أخرى، ومن المحتمل أن تتوقف توربينات السد العالي في مصر بالعام الثاني أو الثالث لتشغيل سد النهضة".
اقرأ أيضاً: مطالبة الحكومة المصرية بالاعتراف بفشل مفاوضات سد النهضة
وتنتظر الحكومة المصرية الاجتماع المقبل بنوع من التخوّف والحذر، خشية فشله، مثل الاجتماعات السابقة، وهناك ترقب لإمكان تأجيل الاجتماع كما حدث من قبل، حيث يتم التأجيل في اللحظات الأخيرة. ويرى مراقبون أن التأجيل هذه المرة قد يكون بسبب القلاقل التي أحدثتها قبائل "الأورومو" حول العاصمة الإثيوبية، وتهديدهم بقطع طرق المواصلات الرابطة بينها وبين باقي الدولة، علماً بأن المنتمين لهذه القبائل يتجاوز عددهم الأربعين في المائة من عدد سكان إثيوبيا.
وانتقد عدد كبير من المراقبين تعامل الإعلام المصري مع التظاهرات الإثيوبية، مؤكدين أنه لا يصب في المصلحة العامة لمصر، وقد يؤدي إلى تعقيد الأمور بين الطرفين خلال أية مفاوضات مقبلة، خصوصاً بعدما أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام ديسالين، أن "الحكومة على علم بتدبير القوى الهدّامة لأعمال العنف، وستتخذ الإجراءات المشروعة ضد أية قوة تسعى لزعزعة استقرار البلاد".
واتسم تعامل الإعلام المصري الموالي لنظام عبدالفتاح السيسي، بعدم الموضوعية وضعف المعلومات الحقيقية خلال تغطيته أحداث تظاهرات الأورومو، فعلى سبيل المثال قالت بعض الصحف والقنوات الفضائية إن القبائل ترفع علم مصر في تظاهراتها، بينما الحقيقة أن بعض المتظاهرين رفعوا أعلام ولاية "أوروميا" التي تجمع معظم أبناء الأورومو في إثيوبيا وتُعتبر أديس أبابا أكبر مدينة فيها، وعلمها يماثل ألوان العلم المصري لكن تتوسطه شجرة الأورومو التقليدية وليس النسر.
كما تواصَل بعض المذيعين مع لاجئين سياسيين إثيوبيين يعيشون في مصر منذ سنوات طويلة، باعتبارهم مواطنين إثيوبيين شهوداً على مجريات الأحداث الميدانية هناك، بالإضافة إلى الربط الخاطئ بين تظاهرات محيط أديس أبابا في سد النهضة والمشاكل المائية المترتبة عليه والتي ستعاني منها مصر.
وتوقّع وزير الموارد المائية المصري الأسبق محمد نصر علام، عدم وجود أية نتائج إيجابية خلال الاجتماع السداسي المنتظر عقده في الخرطوم خلال الأيام المقبلة، مؤكداً أن "إثيوبيا فرضت واقعها في قضية السد سواء شئنا أم أبينا"، لأن العمل في الإنشاءات مستمر، والمفاوضات لا تخرج بنتائج، وهناك مماطلة كبيرة من جانب إثيوبيا"، لافتاً إلى أن مصر غير منتبهة إلى هذه المماطلة، مشيراً إلى أن تأجيل اجتماع الخرطوم لاجتماع سداسي جديد نهاية الشهر دليلٌ على الفشل، وترحيل للقضايا العالقة بين مصر والسودان وإثيوبيا.
وأضاف علام أن علاقات مصر وإثيوبيا ستكون على "المحك" وستتحوّل أزمة السد إلى نزاع كبير قد يكون باكورة حرب جديدة حول المياه، خصوصاً أن أعمال بناء السد تسير أسرع من المفاوضات، معتبراً أن القاهرة ربما تسعى لتصعيد الأزمة دولياً عبر مجلس الأمن الدولي، خصوصاً إذا فشل الاجتماع المقبل.
اقرأ أيضاً: القاهرة واستعصاء "النهضة": الاستنجاد بالرياض ووفد عسكري في إثيوبيا