تتزامن هذه المخاوف مع إشارة مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد" إلى أن جهاز الأمن الوطني، بعد تغيير رئيسه ووكيليه، تعمد تسريب بيانات مجهولة ونسبها إلى جهات وكيانات غير معروفة، تتضمن تحذيراً من أن بعض الكنائس والأديرة ودور العبادة المسيحية يمكن أن تتعرض للتهديد خلال احتفالات عيد الميلاد، ليلة ويوم السابع من يناير المقبل، موعد احتفال الكنيسة الأرثوذكسية المصرية.
وتوضح المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "بعض هذه البيانات تم تسريبها إلى رجال دين مسيحيين، وأنهم بدورهم، خاطبوا جهات عدة منها وزير الداخلية المصري مجدي عبدالغفار، ورئاسة مجلس الوزراء وأجهزة المخابرات العامة والحربية، التي رفعت الأمر لمؤسسة الرئاسة، وتلقت تعليمات مباشرة منها بطمأنة رجال الكنيسة بأنّ الدولة لن تسمح بذلك".
اقرأ أيضاً: الأجهزة الأمنية تستنفر لاستكمال أغلبية "دعم مصر" بإسقاط العضوية
ووفقاً للمصادر، فإنّ دوائر عدة، قريبة من مؤسسة الرئاسة، نصحت السلطات بـ"عدم السماح لأجهزة وزارة الداخلية باستنساخ طريقة العادلي، لأن النتائج هذه المرة ستكون أكثر كارثية على السلطة والدولة معاً، وأن ذلك سيكون رسالة للداخل والخارج بأن أجهزة الدولة وصلت إلى مرحلة فقدان السيطرة، والفشل الأمني الصريح". وفي السياق، تشير مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد" إلى أنه تم إيقاف مجموعة من ضباط جهاز الأمن الوطني عن العمل، بسبب تسريبهم بياناً لجهة مزعومة تسمي نفسها "الذئاب المنفردة"، يُهدد باستهداف دور العبادة المسيحية ليلة رأس السنة، ولا سيما أنهم سربوا البيان المزعوم، إلى عدد من السفارات الأوروبية والأميركية المعتمدة لدى القاهرة. وعلى الإثر طالبت السفارات رعاياها بعدم التحرك في عدد من المناطق المصرية، ولا سيما المناطق السياحية والأديرة والكنائس، والالتزام بأماكن إقامتهم. كما طالبت هذه السفارات "أن يكون أي تحرك من جانب الرعايا بتصريح خاص من السفارة، ومعرفة الأماكن التي سيتوجهون لها من أجل الموافقة عليها من عدمها".
يُذكر أن وزير الداخلية المصري، اللواء مجدي عبد الغفار، أطاح قبل أسبوع برئيس جهاز الأمن الوطني، أمن الدولة سابقاً ونائبيه، ونقلهم إلى قطاعات أخرى. وأجرى حركة تنقلات محدودة في قيادات الوزارة، تأتي في إطار حالة الفشل الأمني التي تعاني منها الوزارة، في ظل عدم القدرة على مواجهة الجماعات المسلحة. وقرر الوزير تعيين اللواء محمد شعراوي رئيساً لجهاز الأمن الوطني خلفاً للواء صلاح حجازي، بعد الإطاحة به ونائبيه اللواء، محمود الجميلي، واللواء هشام البستاوي. وتقرر تعيين حجازي مساعداً للوزير في قطاع الأمن الاقتصادي، والجميلي مديراً لأمن الإسكندرية، والبستاوي في الطرق والمنافذ.
من جهته، يقول خبير أمني تحدث لـ"العربي الجديد"، إنّ واضعي البيان المزعوم، لم يصلوا حتى إلى حرفية أجهزة العادلي، فقد ضمّنوا بيانهم معلومات أمنية دقيقة تتعلق بخطط التأمين في مثل هذه الحالات. الملاحظة نفسها يشير إليها أيضاً خبير مصري باحث في شؤون الجماعات المسلحة. واتفق الاثنان على أنه كان لافتاً للانتباه أن البيان المزعوم تضمن تسريب خرائط تفصيلية لبعض الأديرة والكنائس المصرية عبر صفحة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، بما في ذلك التهديدات الواردة في البيان المزعوم، ضد دير "البراموس" بوادي النطرون في محافظة البحيرة عبر الدعوة إلى تدميره وقتل الرهبان الموجودين فيه. وتضمن البيان المزعوم اسماً وهمياً سمّى نفسه "القيادي الداعشي أبو إياد المصري"، ونشر خريطة لدير البراموس تحتوي على كافة المعلومات التفصيلية الخاصة بالدير ومساحته وأسماء الكنائس بداخله، وهو ما يعزز الشكوك بأنّ جهة أمنية ما هي واضعة البيان.
في غضون ذلك، دعا "ائتلاف الأقباط" الدولة، ممثلة في قوات الجيش والشرطة، إلى القيام بواجبها لحماية الأقباط وحماية المنشآت الخاصة بهم، التي من بينها دور العبادة على أكمل وجه خلال الفترة المقبلة. وطالب مؤسس الائتلاف، فادي يوسف، أجهزة الدولة بوضع خطة أمنية كفيله بحماية وتأمين الأديرة والكنائس، ولا سيما الأماكن التي أعلن عن احتمال استهدافها.
ويعتزم بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تواضروس الثاني، الاجتماع مع عدد من كبار المسؤولين في الدولة لبحث خطة تأمين الكنائس، كما تبحث الكنيسة مقترحاً يقضي بأن تبكر مواعيد الصلوات، بهدف تسهيل مهمة القوى الأمنية. وطلبت السلطات الأمنية المصرية من الكنائس بوضع كاميرات داخلية وخارجية حول عدد من الكنائس والأديرة لرصد كل التحركات، ولا سيما بعد وصول معلومات عن احتمال دخول شخصيات داخل دور عبادة الأقباط لتدميرها من الداخل. كما طلبت الأجهزة بعدم وجود أي سيارات بمحيط كافة الكنائس والأديرة، ونصب بوابات إلكترونية أمام البوابات، وتفتيش مرتاديها والتأكد من هوياتهم، والتحقق من شخصياتهم أثناء دخولهم. كما تم الاتفاق مع الكهنة على تغيير مواعيد خروج رواد الكنيسة لدواعٍ أمنية.
اقرأ أيضاً زيارة تواضروس إلى القدس: تطبيع عملي وتمسك نظري بالمقاطعة