تحاول إسرائيل استغلال التوتر بين أنقرة وموسكو في أعقاب إسقاط الطائرة الحربية الروسية من قبل المقاتلات التركية، في محاولة تحسين قدرتها على تحقيق مصالحها في سورية من خلال تكثيف التنسيق مع الروس. فبمجرد أن تم الإعلان عن إسقاط الطائرة الروسية، بادر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى الاتصال بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لترتيب لقاء معه على هامش انعقاد قمة المناخ في باريس.
ونقل الصحافي الإسرائيلي أمير تيفون، عن أوساط في ديوان نتنياهو، قولها إن إسرائيل تكتشف الطاقة الكبيرة في التنسيق مع الروس من أجل تحقيق المصالح الإسرائيلية في سورية، مشيرة إلى أن إسقاط الطائرة الروسية ضاعف من أهمية التنسيق مع موسكو وعزز من جدواه. وفي تقرير نشره موقع "والا"، نوّه تيفون إلى أن نتنياهو معني بالتفاهم مع بوتين حول آليات لمراقبة أنشطة إيران وحزب الله في سورية ولضمان عدم استغلالهما الوجود الروسي في تمرير السلاح للبنان. ومن أجل مضاعفة توظيف حادثة إسقاط الطائرة الروسية ومن أجل كسب تعاطف بوتين، فقد عمدت إسرائيل لكشف النقاب عن أن الطائرات الحربية الروسية اخترقت الأجواء الإسرائيلية أثناء تنفيذها غارات ضد قوى المعارضة السورية. وأشار إلى هذه الحوادث وزير الأمن الإسرائيلي موشيه يعالون.
ونوّهت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن يعالون حاول من خلال الكشف عن هذه الحادثة التدليل للروس على أن إسرائيل هي الأكثر حرصاً على نجاح المهمة الروسية في سورية. وحسب أوساط أمنية في تل أبيب، نقلت عنها وسائل إعلام إسرائيلية، فإن روسيا ترى في مواصلة إسرائيل توجيه الضربات لأهداف حزب الله وإيران في سورية جزءاً من "حربها المشروعة" ضد الإرهاب. فقد قال رئيس الدائرة الأمنية والسياسية في وزارة الحرب الإسرائيلية الجنرال عاموس جلعاد، إن "روسيا ضمنت لإسرائيل هامش حرية مطلق في سورية، على اعتبار أنها تقر بحقها في مكافحة الإرهاب". ونقلت صحيفة "هآرتس" عن جلعاد قوله إن نتنياهو وبوتين اتفقا في اتصالاتهما العديدة على أنه يجب عدم استبعاد أن تقوم الطائرات الروسية باختراق الأجواء الإسرائيلية أثناء تنفيذها عملياتها في سورية، مشيراً إلى أن المهم أن تعمل آليات التنسيق الثنائي بشكل يضمن عدم تحوّل مثل هذه الأحداث إلى سبب لتوتر العلاقات بين الطرفين، كما حدث بين تركيا وروسيا.
اقرأ أيضاً: استراتيجية الاحتلال... عِبَر ومصالح من الأزمة التركية الروسية
وقد تكرّس إدراك لدى السلطات الإسرائيلية مفاده أن روسيا معنية باستنفاد التعاون الذي يمكن أن تحصل عليه من إسرائيل من أجل تحسين قدرتها على تحقيق أهدافها في سورية، في حين أن إسرائيل معنية باستنفاد الطاقة الكامنة في الوجود العسكري الروسي في سورية. وقد عبّر عن هذا الأمر السفير الإسرائيلي في موسكو تسفي مغين، في مقابلة أجراها مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، إذ قال إن بوتين "يرى في إسرائيل صديقاً يتفهّم دوافع التدخّل الروسي في سورية ويدرك عوائده الإيجابية، في حين أن إسرائيل ترى في روسيا حليفاً وتتفهّم تصميمها على الحفاظ على أمنها القومي".
وفي السياق، تبيّن أن إسرائيل استفادت اقتصادياً من التوتر التركي ـ الروسي. فقد كشفت صحيفة "ميكور ريشون" الإسرائيلية أن روسيا أبلغت إسرائيل برغبتها في استيراد الخضار والفواكه منها بعد أن قرر بوتين التوقف عن استيرادها من تركيا. وفي الوقت ذاته، فإن إسرائيل تحاول استغلال هجمات باريس وقرار الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند تكثيف الغارات الجوية على مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية في عرض خدماتها على باريس ومدها بالمعلومات الاستخبارية اللازمة مقابل إحداث تغيير في السياسة الفرنسية تجاه القضية الفرنسية. وكشف موقع "والا" أن نتنياهو يعرض على الفرنسيين تزويدهم بالمعلومات الاستخبارية التي تحسّن من قدرتهم على التدخّل العسكري في سورية، على أمل أن يفضي الأمر إلى تخلي فرنسا عن محاولات تمرير مشروع قانون في مجلس الأمن الدولي يدعو لإقامة دولة فلسطينية من دون التنسيق مع إسرائيل.
في هذه الأثناء، كشفت مجلة "إسرائيل ديفنس" أن طائرات "تورنادو" الألمانية التي ستشارك في تعقّب قادة تنظيم "داعش" في سورية ستعتمد في عملها على تقنيات عسكرية طوّرها مجمع الصناعات الجوية في إسرائيل.
اقرأ أيضاً: نتنياهو وبوتين يثنيان على التنسيق الأمني بين بلديهما