خطة سورية ــ روسية لاختراق وفد المعارضة لمفاوضات النظام

08 ديسمبر 2015
تخطط روسيا لإقناع دي ميستورا بالقائمة (كيريل كودريافتسيف/فرانس برس)
+ الخط -
بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الرياض، الذي بدأت أعماله يوم أمس الثلاثاء، بحضور أكثر من مئة شخصية سياسية وعسكرية من المعارضة السورية، بهدف التوصل إلى وثيقة موحدة تشكل خارطة طريق المعارضة للتفاوض مع النظام، يحاول الأخير إلى جانب بعض مؤيديه في الداخل السوري، بإيعاز روسي، التشويش على المجتمعين في الرياض، عبر التسويق لمؤتمرات لـ"معارضة داخلية" تنسق فيما بينها، بهدف الزجّ بعدد من الشخصيات المحسوبة على النظام ضمن الوفد المعارض الذي من المقرر تشكيله لمفاوضته، وذلك من خلال إقناع المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا بأن المجتمعين في سورية هم من أطياف من المعارضة بالفعل. 

ففي شمال سورية، بدأت مجموعة من الأحزاب الكردية وبعض تشكيلات ما يسمى بـ"معارضة الداخل"، أمس الثلاثاء، اجتماعاً يستمر إلى اليوم الأربعاء، في بلدة ديريك في محافظة الحسكة ضمن ما سمّي بـ "مؤتمر رميلان"، فيما من المقرر أن تجتمع، اليوم الأربعاء، في دمشق مجموعة من ممثلي الأحزاب، المشكلة تحت مظلة النظام وبالتنسيق معه، ضمن ما سمي "مؤتمر دمشق". ويعقد المؤتمر في فندق الشيراتون في دمشق، ويضم عدداً من الأحزاب السورية المرخصة من قبل النظام فضلاً عن قوى سياسية. ويهدف المؤتمر بشكل رئيسي إلى تصدير قائمة تضم وفداً يطالب بالمشاركة في المفاوضات المقرر إجراؤها مع النظام، والتي حدد المجتمعون في مؤتمر فيينا السوري قبل أسابيع، مطلع يناير/كانون الثاني المقبل، موعداً لها.


اقرأ أيضاً: رسالة إلى المؤتمرين السوريين في السعودية.. تحديات وعقبات

ويفيد مصدر مطلع من دمشق لـ"العربي الجديد"، بأن "المؤتمر ينفّذ عبر رئيس هيئة العمل الوطني الديمقراطي، محمود مرعي، المعروف بارتباطاته مع الأمن الوطني التابع للنظام". ووفقاً للمصدر، فقد "استنفر مرعي مجموعة الأحزاب المرخصة أمثال حزب التضامن، حزب سورية الوطن، حزب الشباب الوطني السوري، حزب الشباب للعدالة والتنمية، هيئة العمل الوطني الديمقراطي وبعض القوى الصغيرة، لعقد مؤتمر يدعي أنه المعارضة الداخلية، التي غيبتها السعودية ودول أخرى عن مؤتمر الرياض، وللمطالبة بتمثيلها في وفد المعارضة الخاص بالتفاوض مع النظام".

ويوضح المصدر أن "فكرة المؤتمر الأولى هي فكرة روسيا، إذ التقى السفير الروسي في دمشق، ألكسندر كينشتشاك، قبل أيام، بخمسة أشخاص من قيادات هذه القوى على رأسها محمود مرعي، وطلب منهم عقد مؤتمر باسم المعارضة السورية الداخلية، والمطالبة بأن يكونوا ممثلين في وفد المعارضة". وبحسب المصدر، فقد "تم الاتفاق على تسليم قائمة تضم عشرة ممثلين لهذه القوى، على أن تسلم إلى المبعوث الدولي الخاص بسورية، ستيفان دي ميستورا، والذي بدوره سيطرحها على لجنة التواصل الدولية الخاصة بسورية، لتقوم روسيا بدعم تلك القائمة على أنها جزء من المعارضة السورية". ويبين المصدر أن "المؤتمر يخضع لضغوط كبيرة من الرئاسة السورية والأجهزة الأمنية لإنجازه وتصدير القائمة، كما أنه سيحظى بتغطية إعلامية واسعة من قبل الإعلام الرسمي والمقرب من النظام".


وفي الطرف الآخر من البلاد، وتحديداً في محافظة الحسكة، كان "مؤتمر رميلان" قد بدأ أعماله أمس. ويضم المؤتمر مجموعة من القوى السياسية والعسكرية من الداخل السوري أهمها، القوى السياسية في الإدارة الذاتية الديمقراطية، وكتلة أحزاب المرجعية السياسية الكردية، وتيار قمح الذي يتزعمه هيثم مناع، وتجمع عهد الكرامة والحقوق، والتحالف الديمقراطي الوطني السوري. ويعتبر جزء من هذه القوى ممثلاً لقوات سورية الديمقراطية، المتحالفة مع التحالف الدولي في محاربة "داعش"، إذ تتلقى منه الأسلحة والذخائر، إضافة إلى وجود غرف عمليات مشتركة.

وتفيد مصادر مطلعة على تفاصيل "مؤتمر رميلان"، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "المؤتمر تم البدء في التحضير له قبل أسابيع عدة وليس المراد منه وضعه مقابل مؤتمر الرياض، إلا أنّ القوى المجتمعة ترى أن السعودية قامت من خلال مؤتمر الرياض بإقصاء عدد من القوى السورية الفاعلة على الأرض، ولا سيما قوى الإدارة الذاتية، وقوات سورية الديمقراطية". وترى المصادر نفسها أن "عدم دعوة هذه القوى سيساهم في فشل مؤتمر الرياض، الذي يسعى إلى إعادة إنتاج الائتلاف من جديد وتصديره للمعارضة السورية، وهذا ما لن ينجح"، على حد قولها.

اقرأ أيضاً: مؤتمر الرياض السوري: تخاذُل الغرب يعزز الأمل بنجاحه

وتشير المصادر إلى أنه "من المتوقع أن ينتج مؤتمر رميلان، الذي تنتهي أعماله اليوم، تشكيلاً سياسياً معارضاً جديداً، في ظل أحاديث عن عزم الأحزاب الكردية، وعلى رأسها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الانسحاب من هيئة التنسيق الوطنية، على خلفية تخلي الأخيرة عن تمثيل الأكراد ضمن وفدها إلى مؤتمر الرياض".


ويرى مراقبون أن ما يجري من مؤتمرات وحراك سياسي بالتوازي مع انعقاد مؤتمر الرياض، وقبيل الاجتماع الدولي المقرر في نيويورك حول سورية، والذي أكد وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أمس أنه من المفترض أن ينعقد في الثامن عشر من شهر ديسمبر/كانون الأول الحالي، يدلل على أهمية هذا المؤتمر من جهة وعلى سعي النظام والدول الحليفة له إلى اختراق المعارضة بأسماء وهيئات محسوبة عليها ومحاولة تصديرها من خلال المبعوث الأممي كمعارضة داخلية من أجل الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع النظام، من جهة ثانية. كما يعتقد بعض المراقبين أنه قد يكون هناك لقاءات جديدة عقب صدور قائمة المنظمات الإرهابية التي يعمل عليها الأردن، واعتمادها من قبل مجلس الأمن بداية العام المقبل.

اقرأ أيضاً: "العربي الجديد" ينشر خطة "مجموعة الخبراء السوريين" للانتقال السياسي