وباستثناء المقترح المصري بإقامة "قوة عربية مشتركة"، ومع تسريب البنود الأولية لآلية العمل في هذه القوة، بدا للجميع أنها حلم لن يتجاوز الواقع، كونها "اتفاقية غير مُلزمة بالانضمام إليها"، كما أنها "غير مُلزمة للدول بالمشاركة في عملياتها". بالإضافة إلى هذا، فإن ما يحدث من إسناد عربي لليمن ليس استباقاً لقوة الردع العربية، ولكنه جاء في إطار استجابة عربية لطلب الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور هادي بالتدخل الخليجي والعربي.
ويبدو أن العالم العربي اعتاد على عدم الاكتراث بوضع استراتيجية موحدة للمواجهة، في ظلّ الاهتمام باليمن، وتراجع الاهتمام بما يحدث في سورية من مجازر. واكتفى الزعماء العرب بالحديث عن "المأساة السورية" ودعم ما يسمى "المعارضة المعتدلة"، في ظلّ جدل خفي ومعلن حول ما يمكن أن يؤول إليه نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي لا تزال بعض العواصم العربية مقتنعة بأنه "يحمي سورية من قوى التطرف والإرهاب".
وقد مر الزعماء العرب مرور الكرام على فلسطين، التي تمسكوا بشعارات القمم العربية السابقة بشأنها، من دون توجيه أي لوم لتأكيدات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي رفض إقامة دولة فلسطينية تكون عاصمتها القدس.
ثم تكرر الأمر مع تداعيات الأحداث في العراق وتراجع الحديث عن معضلتي الطائفية والإقصاء، والإرهاب وتنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش)، الذي حظي باهتمام عربي كبير، ثم ما لبث أن وضعه الجميع في إطار جديد يرتبط بالحرب العراقية ضد التنظيم المتطرف، أو الحرب الليبية ضد التنظيم فقط.
لقد ألقت أزمة اليمن بظلالها وهيأت الفرصة لهادي ليعود إلى بلاده بحماية عربية، بينما لم تكن القمة مستعدة لسماع الآخرين من أطراف الأزمات العربية الأخرى. ويبدو أن الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، كعادته، حاول أن يبقي على العناوين، حيث تحدث في كلمته عن إنشاء قوة عربية مشتركة، والذي يُمثّل تطوراً تاريخياً يرتقي بمستوى العمل العربي المشترك، ويُعبّر عن الإرادة الجماعية في صيانة الأمن القومي العربي.
وكان الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، قد دعا إلى "استمرار عاصفة الحزم حتى استسلام العصابة (الحوثيين)"، كاشفاً عن تعرّضه "لأكثر من هجوم خلال مجيئه إلى القمة العربية". ولفت إلى أنه "في الوقت الذي اعتقدت فيه أن بلادي تجاوزت الكثير من الصعاب، بعد الانتهاء من إعداد مسودة الدستور، عادت القوى الظلامية (في إشارة إلى الحوثيين) مجدداً، لتجرّ البلد إلى الخلف، متحديةً بذلك الإرادة الشعبية وقرارات الشرعية الدولية".
اقرأ أيضاً: لقاءات عربية وغياب سوري بافتتاح قمة شرم الشيخ
وكان هادي قد وصل إلى شرم الشيخ آتياً من الرياض، التي مكث فيها أكثر من 24 ساعة، بعد مغادرته مدينة عدن، جنوبي اليمن، إلى سلطنة عمان، ومنها إلى السعودية، بعد ساعات من انطلاق عملية "عاصفة الحزم" في بلاده، يوم الخميس.
من جهته، اعتبر أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، أن "النظام السوري برئاسة بشار الأسد ليس جزءاً من أي حل سياسي في البلاد". وقال إن "النظام السوري برئاسة الأسد يمارس أشد أنواع القتل والتعذيب، وحوّل البلاد إلى ركام"، مضيفاً: "يجب أن نقف سويّاً لإيقاف الحرب ضد الشعب السوري". ودعا إلى "تحرك عربي ومن قبل مجلس الأمن لـ"رفع الحصار الظالم عن غزة".
وأضاف: "السلام العادل والشامل خيارنا الاستراتيجي الذي حافظنا عليه طوال عقود، إلا أن إسرائيل ما تزال تعتدي على الشعب الفلسطيني وقطاع غزة، وخططها لتهويد القدس مستمرة كما عبّر رئيس الوزراء الاسرائيلي". وحمّل الأمير القطري الحوثيين وأنصار الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، "المسؤولية عن التصعيد في اليمن". وحول العلاقة مع إيران، قال: "نؤكد أن حسن الجوار يقوم على الحفاظ على سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها". وأيّد الأمير الحوار في ليبيا.
وكان الشيخ تميم قد وصل إلى مصر في أول زيارة له منذ تولّي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في 25 يونيو/ حزيران 2013. ونقل التلفزيون المصر لقطات حيّة للرئيس المصري أثناء استقباله أمير قطر، بمطار شرم الشيخ.
من جهته، أكد الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، أن "عاصفة الحزم مستمرة حتى تحقق أهدافها وينعم الشعب اليمني بالأمن والاستقرار". وأضاف الملك، الذي تقود بلاده العمليات العسكرية بمشاركة تسع دول أخرى، أن "العدوان الحوثي في اليمن يشكل تهديداً كبيراً لأمن المنطقة العربية". وكان سلمان قد غادر إلى الرياض بعد الانتهاء من كلمته، يرافقه الرئيس اليمني.
اقرأ أيضاً: جمال بنعمر يعلن عودة الحوار اليمني خلال القمة العربية