يتسارع الحراك الميداني في أفغانستان مع إعلان حركة "طالبان" بدء "هجومها الربيعي"، اليوم الجمعة، وتُشكّل المرحلة الجديدة تحدياً مخيفاً لقوات الأمن الأفغانية، المفترض أن تواجه "طالبان" للمرة الأولى منذ إعلان القوات الأميركية "نصف انسحاب" العام الماضي.
وعلى هامش الهجوم المرتقب للحركة، كانت القوى الأمنية الأفغانية قد وجّهت ضربات قاسية لـ"شبكة حقاني"، إحدى الجماعات المسلحة التي تقاتل ضد القوات الدولية والأفغانية منذ الاحتلال الأميركي لأفغانستان في العام 2001. وتُنسب الشبكة إلى أحد قادة المقاومة المسلحة للاحتلال السوفييتي لأفغانستان (1980 ـ 1989) جلال الدين حقاني، ويقودها حالياً نجله سراج الدين حقاني.
وعلى الرغم من كونها جماعة مستقلة، ترتبط "الشبكة" ارتباطاً وثيقاً بحركة "طالبان أفغانستان" بل تُعدّ جزءاً منها حتى، لأن مؤسس الحركة وقائدها الحالي من أبرز قيادات "طالبان أفغانستان"، كما شغل حقاني الأب منصب وزير القبائل في حكومة "طالبان" المقالة.
وكانت الشبكة تتميّز بقدرات قتالية عالية، ونفذت عمليات نوعية كبيرة ومنسقة ضد القوات الدولية والأفغانية، بين العامين 2001 و2003. وتمكن مسلّحوها من شنّ عمليات وصلت بها إلى أماكن خطيرة ومحصّنة أمنياً، كقواعد أميركية ووزارات ومقارّ حكومية.
وكانت القوات الأميركية وحلفاؤها والاستخبارات الأفغانية، تأمل اختراق الجماعة وقمع قوتها العسكرية من الداخل. وهو ما حصل فعلاً بعد مقتل بدر الدين حقاني، مسؤول عمليات الجماعة، وفقاً للاستخبارات الأفغانية، إثر غارة أميركية في وزيرستان في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2012.
اقرأ أيضاً: أفغانستان الفقيرة تستنجد بإيران المحاصرة
وبدأت الجماعة تفقد قوتها العسكرية شيئاً فشيئاً بعد مقتل بدر الدين، غير أنها أضحت قادرة على تنفيذ مخططاتها العسكرية إلى حد ما، حتى حادث اغتيال القيادي فيها نصير الدين حقاني، في ظروف غامضة في العاصمة الباكستانية إسلام أباد في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2013.
وبعد الضربات المتتالية، سعت الشبكة إلى جمع أوصالها، لكن الاستخبارات الأفغانية وجّهت ضربة قوية أخرى لها، باعتقال قياديين بارزين في الشبكة في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، هما أنس حقاني المسؤول المالي للشبكة، وحافظ رشيد مسؤول العمليات في إقليم خوست، جنوبي البلاد.
وشكّل اعتقالهما "القشة" التي قصمت ظهر البعير، ولم تتمكن الشبكة بعد اعتقال القياديين من لمّ شملها وجمع قواتها العسكرية. وساهمت عمليات الجيش الباكستاني في المناطق القبلية، تحديداً وزيرستان، في تدمير قوة "شبكة حقاني"، لأنها كانت تتخذ من وزيرستان قاعدة لها، وكانت تدير هناك مراكز تدريب للمقاتلين ومدارس دينية، كما تدّعي الاستخبارات الأميركية.
لكن على عكس تلك التقارير، تقول الاستخبارات الأفغانية إن "شبكة حقاني لم تتضرّر كثيراً بعمليات الجيش الباكستاني، بقدر ما تضررت بفعل عمليات الجيش والاستخبارات الأفغانية". وكانت الاستخبارات الأفغانية قد أعلنت الأسبوع الماضي اعتقال ثلاثة قادة ميدانيين في الشبكة، من دون الاعلان عن أسمائهم. كذلك أعلن الجيش الأفغاني قبل أيام عن مقتل قيادي بارز في الشبكة، هو قاري رمضان، وستة من رفاقه في عملية نوعية، استناداً إلى معلومات استخباراتية، في إقليم بكتيا، جنوبي البلاد.
وأكد المتحدث باسم الحكومة المحلية نبي الله بيرخيل، أن "رمضان كان يدير عمليات شبكة حقاني في الأقاليم الجنوبية منذ فترة، بعد فقدان الشبكة لقياداتها البارزة، وفي مقدمتهم إخوة حقاني الثلاثة، بدر الدين حقاني، ونصير الدين حقاني، وأنس حقاني". وعدّ المسؤولون المحليون مقتل القيادي نجاحاً كبيراً لقوات الأمن الأفغانية، وصفعة قوية لـ"شبكة حقاني" التي تلفظ أنفاسها الأخيرة، كما يزعم بعض المراقبين.
وبعد الحادث بيومين، أعلنت مصادر عسكرية باكستانية على الطرف الثاني من الحدود، أن قوات الجيش الباكستاني قتلت قيادياً مهماً في الشبكة هو فاروق زدران، خلال مواجهة مسلحة اندلعت في منطقة وانا، جنوب وزيرستان. وأشارت المصادر إلى أن "زدران قُتل عند عبوره الحدود بين مقاطعتي شمال وجنوب وزيرستان القبليتين"، وسلّم الجيش جثمانه إلى مسلحي "طالبان أفغانستان"، بواسطة زعماء القبائل.
وبعيداً عن الأحداث الميدانية، تضرّرت الشبكة مالياً بعد مقتل نصير الدين حقاني في باكستان، واعتقال أنس حقاني في أفغانستان، لأنهما كانا مسؤولَي جمع الأموال للشبكة، حسب الاستخبارات الأفغانية، في ظلّ حظر الحكومة الباكستانية الشبكة في يناير/ كانون الثاني الماضي، بناءً على طلبٍ أميركي.
وعلى الرغم من إعلان باكستان حظر الشبكة، ووعودها المتكررة بالتصدي لكافة الجماعات التي تهدد أمن المنطقة بما فيها "شبكة حقاني"، لا يزال الأفغان يزعمون أن الشبكة تحصل على الدعم من باكستان. وحذّرت وسائل الإعلام الأفغانية أخيراً من "احتمال عودة مقاتلي الشبكة إلى وزيرستان مع عودة النازحين في باكستان، بسبب عمليات الجيش، إلى منازلهم". وأشارت إلى أن "مئات من مقاتلي الشبكة، ينوون العودة إلى وزيرستان، ويُخشى من إقامتهم مراكز التدريب مجدداً".
أما عن أسباب تدهور قوة الشبكة المسلحة، فمن أهمها، اختراقها من قبل الاستخبارات الأفغانية والدولية، وتمكّنها من الوصول إلى قيادات الشبكة البارزين، ومن ثم القضاء عليهم أو اعتقالهم، إضافة إلى أن "القبائل البشتونية"، وتحديداً في مناطق نفوذ الشبكة كإقليم بكتيا وبكتيكا وخوست، ساندت الجيش الأفغاني في عملياته ضد الشبكة، وهو السبب الحقيقي الذي قصم ظهرها.
وعملت "القبائل البشتونية" على دعم الجيش بسبب استهدافها من الشبكة، خصوصاً الهجوم الانتحاري الذي استهدف مباراة كرة الطائرة في إقليم بكتيا، في جنوب البلاد في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، والذي أدى إلى مقتل عشرات من أفراد القبائل، بينهم قيادات في الجيش القبلي. ولم تتبنّ أي جماعة الهجوم، إلا أن الاستخبارات الأفغانية، وبعض المصادر القبلية، أشارت إلى أن "شبكة حقاني تقف وراء الهجوم"، الذي عمّ الغضب بسببه في الأوساط القبلية، وحتى في أوساط "طالبان".
ولم يردع وقوف القبائل إلى جانب الجيش الأفغاني الشبكة عن مواصلة استهدافاتها، وآخرها كان الهجوم على مسيرة قبلية في إقليم بكتيا نفسه مطلع الشهر الحالي. وأكدت الاستخبارات الأفغانية، بعد الهجوم مباشرة، أنها رصدت مكالمات هاتفية تؤكد أن زعيم الشبكة سراج الدين حقاني كان على اتصال مع منفّذ الهجوم، الذي يُعتقد أنه مواطن باكستاني.
من دون شك، قد يريح انهيار "شبكة حقاني" وفقدان قواتها العسكرية قوات الأمن الأفغانية نسبياً، لكن بروز جماعات جديدة كتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وجماعة "أنصار الله" الطاجيكي، و"جند الله" الأوزبكي، يدقّ ناقوس خطر جديد.
اقرأ أيضاً: لملمة صفوف "طالبان باكستان" يربك الجيش ويعيق نفوذ "داعش"
وعلى هامش الهجوم المرتقب للحركة، كانت القوى الأمنية الأفغانية قد وجّهت ضربات قاسية لـ"شبكة حقاني"، إحدى الجماعات المسلحة التي تقاتل ضد القوات الدولية والأفغانية منذ الاحتلال الأميركي لأفغانستان في العام 2001. وتُنسب الشبكة إلى أحد قادة المقاومة المسلحة للاحتلال السوفييتي لأفغانستان (1980 ـ 1989) جلال الدين حقاني، ويقودها حالياً نجله سراج الدين حقاني.
وعلى الرغم من كونها جماعة مستقلة، ترتبط "الشبكة" ارتباطاً وثيقاً بحركة "طالبان أفغانستان" بل تُعدّ جزءاً منها حتى، لأن مؤسس الحركة وقائدها الحالي من أبرز قيادات "طالبان أفغانستان"، كما شغل حقاني الأب منصب وزير القبائل في حكومة "طالبان" المقالة.
وكانت الشبكة تتميّز بقدرات قتالية عالية، ونفذت عمليات نوعية كبيرة ومنسقة ضد القوات الدولية والأفغانية، بين العامين 2001 و2003. وتمكن مسلّحوها من شنّ عمليات وصلت بها إلى أماكن خطيرة ومحصّنة أمنياً، كقواعد أميركية ووزارات ومقارّ حكومية.
اقرأ أيضاً: أفغانستان الفقيرة تستنجد بإيران المحاصرة
وبدأت الجماعة تفقد قوتها العسكرية شيئاً فشيئاً بعد مقتل بدر الدين، غير أنها أضحت قادرة على تنفيذ مخططاتها العسكرية إلى حد ما، حتى حادث اغتيال القيادي فيها نصير الدين حقاني، في ظروف غامضة في العاصمة الباكستانية إسلام أباد في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2013.
وبعد الضربات المتتالية، سعت الشبكة إلى جمع أوصالها، لكن الاستخبارات الأفغانية وجّهت ضربة قوية أخرى لها، باعتقال قياديين بارزين في الشبكة في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، هما أنس حقاني المسؤول المالي للشبكة، وحافظ رشيد مسؤول العمليات في إقليم خوست، جنوبي البلاد.
وشكّل اعتقالهما "القشة" التي قصمت ظهر البعير، ولم تتمكن الشبكة بعد اعتقال القياديين من لمّ شملها وجمع قواتها العسكرية. وساهمت عمليات الجيش الباكستاني في المناطق القبلية، تحديداً وزيرستان، في تدمير قوة "شبكة حقاني"، لأنها كانت تتخذ من وزيرستان قاعدة لها، وكانت تدير هناك مراكز تدريب للمقاتلين ومدارس دينية، كما تدّعي الاستخبارات الأميركية.
لكن على عكس تلك التقارير، تقول الاستخبارات الأفغانية إن "شبكة حقاني لم تتضرّر كثيراً بعمليات الجيش الباكستاني، بقدر ما تضررت بفعل عمليات الجيش والاستخبارات الأفغانية". وكانت الاستخبارات الأفغانية قد أعلنت الأسبوع الماضي اعتقال ثلاثة قادة ميدانيين في الشبكة، من دون الاعلان عن أسمائهم. كذلك أعلن الجيش الأفغاني قبل أيام عن مقتل قيادي بارز في الشبكة، هو قاري رمضان، وستة من رفاقه في عملية نوعية، استناداً إلى معلومات استخباراتية، في إقليم بكتيا، جنوبي البلاد.
وأكد المتحدث باسم الحكومة المحلية نبي الله بيرخيل، أن "رمضان كان يدير عمليات شبكة حقاني في الأقاليم الجنوبية منذ فترة، بعد فقدان الشبكة لقياداتها البارزة، وفي مقدمتهم إخوة حقاني الثلاثة، بدر الدين حقاني، ونصير الدين حقاني، وأنس حقاني". وعدّ المسؤولون المحليون مقتل القيادي نجاحاً كبيراً لقوات الأمن الأفغانية، وصفعة قوية لـ"شبكة حقاني" التي تلفظ أنفاسها الأخيرة، كما يزعم بعض المراقبين.
وبعد الحادث بيومين، أعلنت مصادر عسكرية باكستانية على الطرف الثاني من الحدود، أن قوات الجيش الباكستاني قتلت قيادياً مهماً في الشبكة هو فاروق زدران، خلال مواجهة مسلحة اندلعت في منطقة وانا، جنوب وزيرستان. وأشارت المصادر إلى أن "زدران قُتل عند عبوره الحدود بين مقاطعتي شمال وجنوب وزيرستان القبليتين"، وسلّم الجيش جثمانه إلى مسلحي "طالبان أفغانستان"، بواسطة زعماء القبائل.
وبعيداً عن الأحداث الميدانية، تضرّرت الشبكة مالياً بعد مقتل نصير الدين حقاني في باكستان، واعتقال أنس حقاني في أفغانستان، لأنهما كانا مسؤولَي جمع الأموال للشبكة، حسب الاستخبارات الأفغانية، في ظلّ حظر الحكومة الباكستانية الشبكة في يناير/ كانون الثاني الماضي، بناءً على طلبٍ أميركي.
وعلى الرغم من إعلان باكستان حظر الشبكة، ووعودها المتكررة بالتصدي لكافة الجماعات التي تهدد أمن المنطقة بما فيها "شبكة حقاني"، لا يزال الأفغان يزعمون أن الشبكة تحصل على الدعم من باكستان. وحذّرت وسائل الإعلام الأفغانية أخيراً من "احتمال عودة مقاتلي الشبكة إلى وزيرستان مع عودة النازحين في باكستان، بسبب عمليات الجيش، إلى منازلهم". وأشارت إلى أن "مئات من مقاتلي الشبكة، ينوون العودة إلى وزيرستان، ويُخشى من إقامتهم مراكز التدريب مجدداً".
وعملت "القبائل البشتونية" على دعم الجيش بسبب استهدافها من الشبكة، خصوصاً الهجوم الانتحاري الذي استهدف مباراة كرة الطائرة في إقليم بكتيا، في جنوب البلاد في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، والذي أدى إلى مقتل عشرات من أفراد القبائل، بينهم قيادات في الجيش القبلي. ولم تتبنّ أي جماعة الهجوم، إلا أن الاستخبارات الأفغانية، وبعض المصادر القبلية، أشارت إلى أن "شبكة حقاني تقف وراء الهجوم"، الذي عمّ الغضب بسببه في الأوساط القبلية، وحتى في أوساط "طالبان".
ولم يردع وقوف القبائل إلى جانب الجيش الأفغاني الشبكة عن مواصلة استهدافاتها، وآخرها كان الهجوم على مسيرة قبلية في إقليم بكتيا نفسه مطلع الشهر الحالي. وأكدت الاستخبارات الأفغانية، بعد الهجوم مباشرة، أنها رصدت مكالمات هاتفية تؤكد أن زعيم الشبكة سراج الدين حقاني كان على اتصال مع منفّذ الهجوم، الذي يُعتقد أنه مواطن باكستاني.
من دون شك، قد يريح انهيار "شبكة حقاني" وفقدان قواتها العسكرية قوات الأمن الأفغانية نسبياً، لكن بروز جماعات جديدة كتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وجماعة "أنصار الله" الطاجيكي، و"جند الله" الأوزبكي، يدقّ ناقوس خطر جديد.
اقرأ أيضاً: لملمة صفوف "طالبان باكستان" يربك الجيش ويعيق نفوذ "داعش"