انشغل ظريف بعقد لقاءات مع مسؤولين مشاركين في المؤتمر، بالتزامن مع استئناف أعضاء وفده جولة محادثات جديدة مع ممثلين عن دول "5+1" على هامش المؤتمر. وكشف ظريف أن "اللقاءات عُقدت للبدء بكتابة بنود الاتفاق النهائي بين إيران والغرب".
كما اجتمع مساعدا وزير الخارجية عباس عراقجي ومجيد تخت روانجي، مع مساعدة منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي هيلغا شميدت، يوم الخميس وأمس الجمعة، لاستكمال ما بدأ به الوفد الإيراني في فيينا، الأسبوع الماضي.
ونقلت وكالة أنباء "إيسنا" الإيرانية عن أحد الدبلوماسيين الإيرانيين الموجودين في نيويورك، من دون ذكر اسمه، أن "الأطراف التي اجتمعت في فيينا قبل أيام، واستكملت لقاءاتها في الولايات المتحدة على هامش المؤتمر، تعمل على طرح وجهات نظر جديدة، تتعلق بصياغة دقيقة للبنود العامة والتي أعلن عنها في لوزان السويسرية".
ومع أنه من المتوقع ألا تُحقق هذه الجولة من المفاوضات انعطافة في مسار المحادثات بين طهران ومجموعة السداسية الدولية، وفقاً لمعظم المراقبين، إلا أن الاجتماعات الإيرانية ـ الأميركية على وجه الخصوص، ولقاءات ظريف في نيويورك وتصريحاته، لاقت اهتماماً كبيراً.
وكما جرت العادة، قدّم ظريف تقريراً مفصلاً على صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يخاطب من خلالها الإيرانيين في الداخل. وذكر أن "مشاركة إيران في مؤتمر مراجعة معاهدة الحد من الانتشار النووي لها أهمية خاصة، لأنها تترأس الدورة الحالية لمنظمة دول عدم الانحياز".
حتى أن ظريف ألقى كلمة المنظمة في المؤتمر، وأضاف أنه "ركّز على الانعكاس الإيجابي لهذه المشاركة، على مسار المحادثات في المستقبل القريب". وقال إن "إيران تبذل جهدها بشدة كي تثبت أنها لا تريد امتلاك سلاح نووي، وهو ما سيضمن لها اعترافاً دولياً بكونها دولة نووية، تطوّر برنامجها لأغراض سلمية". وشدد على "إصرار طهران على نزع الأسلحة النووية في الشرق الأوسط وعدم السماح لإسرائيل بامتلاكها".
كما كشف ظريف أن "لقاءه بوزير الخارجية الأميركي جون كيري، يوم الاثنين، تناول القضايا التفصيلية المتعلقة بالبرنامج النووي"، مشيراً إلى أن "فريقه المفاوض يستكمل العمل للتوصل لنتيجة حاسمة وبنّاءة، سيُعلن عنها في المستقبل القريب".
واعتبرت المواقع الإيرانية، أن "مجيء كيري للقاء ظريف في مقر البعثة الإيرانية في نيويورك، يدلّ على تقارب يصبّ في مصلحة القوة والنفوذ الإيرانيين". كما أجمعت الصفحات الأولى من الصحف الإيرانية في اليوم التالي للقاء الوزيرين، أن "جلوس كيري وظريف على سجادة إيرانية كما بدا في الصور الملتقطة، يعني انتصاراً لطهران". واعتبرت الصحف أنه "يُمكن تحليل ذلك بمثابة مسعى جدّي لإيجاد حلّ نهائي لأزمة النووي الإيراني بما يصبّ في مصلحة حكومتي البلدين معاً".
اقرأ أيضاً وزير دفاع النظام السوري في طهران: أسئلة ومؤشرات
وفي الوقت عينه، اهتم الطيف المحافظ في البلاد، بلقاء ظريف التلفزيوني مع الصحافي الأميركي تشارلي روز، والذي بثّ يومي الثلاثاء والأربعاء، كما تم التركيز على محاضرة ظريف وردّه على أسئلة الحاضرين في جامعة نيويورك.
واهتمّ الداخل الايراني بردّ ظريف على السيناتور الأميركي توم كاتن، الذي وجّه رسالة في وقتٍ سابق لقادة إيران، باسم 47 سيناتوراً من الحزب الجمهوري، جاء فيها أن "أي اتفاق نووي مُحتمل سيُعتبر لاغياً مع انتهاء ولاية الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما". وردّ ظريف "كل الأطراف الآن بحاجة لدبلوماسية جادة، لا لهجوم شخصي ينمّ عن غطرسة. وكل العقوبات ستُلغى، سواء رغب السيناتور كاتن بهذا أم لم يرغب".
وتُعدّ نقطة "إلغاء العقوبات" التي تحفّظ عليها كثر في الداخل الإيراني والأميركي على حدّ سواء، أساس نشاط الخارجية الإيرانية، فاتفاق لوزان نصّ على إلغاء العقوبات الأميركية والأوروبية والعقوبات التي أقرّها مجلس الأمن الدولي أيضاً. لكن النقطة غير الواضحة بالنسبة للجميع، هي آلية إلغاء العقوبات، وما إذا كان هذا سيتمّ بشكل فوري أم تدريجي، أو سيُمنح القرار كامتياز لإيران، بعد التأكّد من التزامها بالبنود الفنية والتقنية المتعلقة بالاتفاق.
ولم يكتفِ ظريف بهذا، بل وجّه رسائل عدة أيضاً، منها ما وُجّه للقيادة الأميركية، بقوله إنه "حضر إلى نيويورك للتأكد من التزام الولايات المتحدة بتعهّداتها"، ومنها ما وُجّه لرافضي إلغاء كل العقوبات، ومنهم الجمهوريون في الكونغرس، الذين يحاولون إقرار مشروع يلزم الحكومة الأميركية على الحصول على موافقة الكونغرس بحال اتخاذ قرار رفع الحظر.
وذكر ظريف، أنه "لا يُمكن لإيران أن ترضى بالإبقاء على العقوبات بحال التوصل لاتفاق"، مضيفاً أثناء محاضرته في جامعة نيويورك، أنه "بحال توقيع الاتفاق مع دول 5+1، فهذا يعني إقرار الاتفاق مباشرة في مجلس الأمن وتحت الفصل السابع، وهو ما سيلزم الجميع بإلغاء عقوباتهم على بلاده". وشدد أن "ايران غير معنية بمعادلات الصراع في الداخل الأميركي".
ووسط كل هذا، تمنح المعطيات الصادرة من نيويورك الحوار الإيراني الأميركي أهمية خاصة، لتزامنه مع التوتر الذي ساد الخليح العربي، لجهة احتجاز إيران سفينة تجارية، تحمل علم جزر المارشال، وعلى متنها 24 شخصاً على حدودها المائية جنوبي البلاد، الأمر الذي لم يؤثر على الحوار بين الجانبين، على ما يبدو.
اقرأ أيضاً: كيري يبحث مع ظريف الأزمة اليمنية