ورأى عدد من المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين، ممّن رافقوا السبسي إلى واشنطن، أن "الزيارة مفصلية في العلاقات بين البلدين، وفتحت أفقاً جديداً للعلاقات، ويُمكن عبرها توجيه رسائل طمأنة لبقية دول العالم، في هذا الظرف الصعب الذي تمرّ به تونس على المستويين الأمني والاقتصادي".
واعتبروا أن "حصول تونس على مرتبة الحليف الاستراتيجي خارج حلف الأطلسي، واحد من أهم إنجازات الزيارة، وهي شراكة ستتيح لتونس تعزيز التعاون العسكري ورفع جاهزية قواتها على المستويين البشري واللوجيستي، والحصول على المخزون الاحتياطي الحربي من معدات وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، المُحتفظ به خارج القواعد العسكرية، واستخدام التمويل الأميركي لشراء أو تأجير معدات دفاعية. كذلك تُمنح الأولوية لتونس عند تقديم الفائض من المعدات العسكرية، والمشاركة في مبادرات مكافحة الاٍرهاب والتعاون مع وزارة الدفاع في مشاريع البحث والتطوير والحصول منها على قروض لذلك".
اقرأ أيضاً: ماذا وراء التحالف التونسي الأميركي؟
وتستفيد بعض الدول العربية من هذه المرتبة المتقدمة في الشراكة مع الولايات المتحدة، على غرار البحرين والكويت والمغرب ومصر، بالإضافة إلى أستراليا وكوريا الجنوبية وإسرائيل وباكستان وأفغانستان. وتأمل تونس في أن يفيدها العقد الجديد في حسم معركتها ضد الإرهاب.
غير أن السؤال الذي يُطرح في هذا الشأن، هو المقابل الذي يمكن أن تدفعه تونس في اتفاقية استراتيجية كهذه. وتؤكد معلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، من بعض مرافقي السبسي إلى واشنطن، أنه "لم يجرِ الحديث مطلقاً ولا الإشارة إلى قاعدة أميركية في تونس، مثلما لمّح بعضهم، بل لم تقع الإشارة حتى إلى ما يُسمى بتسهيلات عسكرية".
وعلمت "العربي الجديد" أن "إعلان هذه الشراكة لم يكن متاحاً ليلة إقرارها، ولكن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن حسم الموضوع، وعجّل فيه بعد لقائه السبسي، وأقنع الرئيس الأميركي باراك أوباما بعدم تأجيل ذلك، كما كان مبرمجاً منذ البداية".
وذكرت مصادر مطّلعة على لقاء السبسي ـ أوباما، أن "الرئيسين تحدثا مطولاً بخصوص الوضع في ليبيا، وأبلغ السبسي أوباما قناعته الخاصة بخصوص الحلّ الليبي، والذي لا بدّ أن يقوم على أساس التعامل مع طرفي النزاع على قدم المساواة، والتعجيل بالحلّ السياسي بين حكومتي طبرق وطرابلس. وأبلغه استعداد تونس لأداء دور في هذا المجال".
وتؤكد بعض المصادر أن "الرئيس الأميركي يمكن أن يقتنع بوجهة نظر كهذه، خصوصاً أنه يرى أن ما أكده له السبسي في عام 2011، خلال لقائهما الأول في مدينة دوفيل الفرنسية، من أن تونس ستثبت أنها ستصالح بين الإسلام والديمقراطية كان صحيحاً". وتضيف المصادر أن "أوباما سأل السبسي: ماذا أفعل لأكون مثلك عندما أبلغ سنّك، فأجابه الرئيس التونسي: أنت على الطريق الصحيح".
ويكشف اللقاء مدى انشغال الإدارة الأميركية بالوضع الإقليمي في شمال أفريقيا، ليس بسبب الوضع الليبي فقط، بل كذلك بسبب قلقها حول الجزائر، والتي يتساءل الجميع حول مرحلة ما بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فيها، في ظلّ متغيرات جوهرية في المنطقة وتنامي ظاهرة التشدد الديني التي تهددها.
لذلك دعا السبسي وأوباما إلى الإسراع بحلّ الملف الليبي، خصوصاً أن الطرفين المتنازعين يتقاتلان، بينما تتسلّح المجموعات المسلّحة في مدنٍ أخرى، وتهدد ما يعتبره أوباما "الاستثناء التونسي". غير أن الرئيس التونسي لفت نظر مضيفه الأميركي، قائلاً إن "تونس لا تريد أن تكون استثناءً بل ترغب في أن تتحوّل إلى مثال".
وعدا عن الأهمية العسكرية والسياسية لزيارة السبسي، فقد تحققت فوائد عدة، منها: تمكين تونس من ضمان قرض بقيمة 500 مليون دولار، سيسمح في تخفيض نسبة فائدة القرض من 2.5 في المائة إلى 2 في المائة مما سيوفر للبلاد 224 مليون دولار خلال مدة استرجاع القرض المقدرة بسبع سنوات، وهو ما سيمكن من بناء ثلاثة مستشفيات جامعية كبرى، في المناطق المحرومة وفق وزير المالية. كما تمّ توقيع اتفاقيات سياحية مع شركات ترويجية وفندقية عدة مثل سلسلة "هيلتون"، والتي ستعود إلى تونس، فضلاً عن استحداث اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين.
اقرأ أيضاً: الدبلوماسية التونسية في وحل الرمال الليبية