ووقعت تنسيقية حركات الأزواد، أمس السبت، في باماكو على اتفاق "السلم والمصالحة" في مالي، المنبثق عن مسار الجزائر.
وتضم التنسيقية مجموعة من الحركات الأزوادية التي تحفظت على جملة من بنود اتفاق الجزائر، الذي وُقّع بين الحكومة المالية وحركات أزوادية أخرى قبل شهرين.
وتتعلق البنود الخلافية بالاعتراف المتبادل بين الطرفين، إذ تطالب الحركات الأزوادية، من الحكومة المالية الاعتراف بشرعيتها وتعزيز حقوق السكان الطوارق في التنمية، في حين تطالب الحكومة من تلك الحركات الاعتراف بوحدة التراب المالي واستبعاد فكرة الانفصال.
يضاف إلى هذه البنود، ينعدم التوافق حول كيفية إدارة مناطق الشمال، التي تسكنها غالبية من الطوارق، وإدماج عناصر الحركات المسلحة في أجهزة الأمن والجيش ومسائل التنمية.
الاتفاق، الذي حضر حفل توقيعه، الرئيس المالي، إبراهيم بوبكر كايتا، ووزراء في الحكومة وأعضاء من الوساطة الدولية، وممثل تنسيقية حركات الأزواد، سيدي ابراهيم ولد سيداتي، يمثل آخر حلقة في مسار من المفاوضات والاتفاقات التمهيدية.
فقد جرى التوقيع على اتفاق "السلم والمصالحة" في مالي في 15 أيار/ مايو المنصرم، من طرف الحكومة المالية والحركات السياسية - العسكرية لشمال مالي المنخرطة في أرضية الجزائر.
ووقعت على هذا الاتفاق مجموعتان من أصل خمس تنضوي في تنسيقية حركات الأزواد، وهما "التنسيقية من أجل شعب الأزواد" و "تنسيقية الحركات والجبهات الوطنية للمقاومة".
وفي الخامس من حزيران/ يونيو الجاري، وقعت أطراف الحوار المالية في الجزائر على محضر نتائج المفاوضات حول تنفيذ اتفاق "السلم والمصالحة" في مالي. كما وقعت على وثيقة تنص على الترتيبات الأمنية في الشمال. سبق ذلك التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في الجزائر، في مايو 2014، متعهدة بحل المشكلات والخلافات بالحوار السياسي.
وقررت الجماعات المسلحة لحركات الأزواد، بموجب الاتفاق، الانسحاب من مقاطعة ميناكا بمنطقة غاو، طبقاً للترتيب الأمني من أجل وقف الاقتتال، على أن تنشر قوات من الجيش المالي.
اقرأ أيضاً: حركات أزوادية توّقع اتفاق سلام في مالي بوساطة جزائرية
وأوضح وزير الخارجية الجزائري، رمضان لعمامرة، أن "لجنة الوساطة التي تكون قد أنهت اعمالها، ستتحول إلى لجنة لمتابعة تنفيذ تدابير اتفاقيات الجزائر وباماكو، بما يضمن استتباب الأمن والاستقرار في شمال مالي، وتنفيذ كافة بنود الاتفاقيات المتصلة بالشان الأمني أو الشق السياسي".
ووصف لعمامرة الاتفاق بـ"الحدث التاريخي الذي سيسمح بعودة الأمن والسلام إلى شمال مالي"، مبدياً استعداد بلاده لـ"المساهمة في تحقيق الأمن والمصالحة والتطور وتمكين الشعب المالي من تجاوز خلافاته عبرالحوار".
لكن الاهتمام السياسي للجزائر بالمشكلة المالية، لا يتعلق بقضية الجوار، بقدر ما يعتبره المراقبون حرصاً على الأمن الذاتي.
وبحسب الخبير في الشؤون الاستراتيجية، قوي بوحنية، فإن "حرص الجزائر على أمنها الاستراتيجي، يجعلها تضع منطقة شمال مالي، ضمن مساحة العمق الاستراتيجي الخاص بها، خصوصاً في مجال مكافحة الارهاب، إذ إن هذه المنطقة ظلت لعقود مركزاً للحركات الإرهابية".
لكن مراقبين، مازالوا يشككون بصمود اتفاق السلام، ليس بسبب الاتفاقيات التي وقعت سابقاً ولم تصمد لفترة طويلة، بل بسبب عوامل داخلية وخارجية. تتعلق الأولى بهشاشة البنية التحتية والفقر والعوز الاجتماعي في منطقة شمال مالي، ما يوفر كل ظروف اللاسلم، في حين تتمثل العوامل الخارجية بالمجموعات الإرهابية، والأطراف الإقليمية التي تلعب أدواراً ضد مسار السلام في مالي.
اقرأ أيضاً:الدبلوماسية الجزائرية تنتصر في اتفاق مالي