من مطار بغداد الدولي، أطلق المالكي الذي حظي باستقبال واسع من أعضاء حزبه "الدعوة الإسلامية"، تصريحات حادة قال فيها إنّ "الجبناء والعملاء لإسرائيل والغرب لن يثنونا عن مواصلة الطريق"، وإنّ "المخطط الوهّابي هو الخطر القريب، والمخطط الإسرائيلي هو الذي يليه". ونظّم أنصار المالكي استقبالاً غير تقليدي له في المطار ليلة الأربعاء الماضي في مشهد متعمّد التنظيم من قبل المالكي للعبادي. بعد عودته، وضع المالكي خصمه العبادي في موقف محرج للغاية، بعدما ورد اسم المالكي على رأس قائمة المتهمين بسقوط الموصل، فضلاً عن تحدّيه للسلطة القضائية العراقية بإمكانية تطبيق القانون ومحاسبته في ملفات الفساد المتهم بها.
في هذا السياق، يقول مسؤول في التحالف الوطني لـ"العربي الجديد"، إنّ "عودة المالكي إلى العراق تعني انتصاره على العبادي الذي حاول أن يقصيه سياسياً، ويفتح عليه ملفات الفساد وملف سقوط الموصل، ليكون مطلوباً للقضاء العراقي، ولا يستطيع دخول العراق". ويوضح المسؤول في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "المالكي وجّه ضربة قاضية للعبادي، بعدما حظي بدعم إيراني جديد وضمانات وحصانة من كل ملفات الفساد المتهم بها، الأمر الذي يضع العبادي أمام تحدٍ سيخسره بالتأكيد، لأنّ الضمانات الإيرانيّة أقوى من سلطة القضاء والقانون العراقي".
ويشير المسؤول إلى أنّ "ما سيزيد من حرج العبادي، هي قضية سقوط الموصل وإحالة وزارة الدفاع للمتهمين ممن وردت أسماؤهم في تقرير اللجنة، إلى القضاء العسكري"، مبيّناً أنّ "وجود اسم المالكي على رأس القائمة في تقرير اللجنة يحتّم على العبادي إحالته أيضاً إلى القضاء كونه المسؤول الأول، ولا يمكن استثناء أحد، وخصوصاً أنّ تقرير اللجنة صوّت عليه البرلمان وأحاله إلى القضاء العراقي". ويؤكّد أنّ "العبادي سيقف عاجزاً أمام كل تلك الملفات، ولن يستطيع تطبيق القانون على المالكي، الأمر الذي سيضع العبادي في موقف محرج لا يستطيع الخروج منه".
اقرأ أيضاً: إيران تحذّر من عواقب محاكمة المالكي و"الحشد" يتدخل
في المقابل، يؤكد عضو في حزب "الدعوة الإسلامية" التي يتزعمها المالكي، لـ"العربي الجديد" حصول المالكي على ضمانات إيرانية بعدم المساس به، مضيفاً أنّ "المالكي التقى المرشد الأعلى، علي خامنئي، وقيادات إيرانية وحصل على تفويض للعودة إلى العراق ورعاية مصالح الحزب"، مبيّناً أنّ قضية الموصل والفساد ملفّقة، وسيتم إلغاؤها بالقضاء، إذ إنّ المالكي قرّر مواجهة القضاء من خلال توكيل محامين، على الرغم من براءته، لأنّه لا توجد أدلّة ضدّه".
من جهته، يرى الخبير السياسي فراس العيثاوي، أنّ "الدعم الإيراني فيتو يضرب كل قرارات السلطة العراقيّة، مهما كانت". ويقول العيثاوي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الشعب العراقي غاضب ويريد القضاء على الفساد. وكما هو معروف، فإنّ المالكي من أكثر المسؤولين العراقيين المتهمين بالفساد وحماية الفاسدين خلال فترة حكمه"، مبيّناً أنّه "قانونيّاً، المتهم بريء حتى تثبت إدانته. وبناءً على ذلك، فإنّ المتهم لا يمكن أن تثبت إدانته أو براءته إلّا من خلال القضاء والتحقيقات. لذا، فإنّ ملفات المالكي سواء المتعلقة بالفساد أو بسقوط الموصل، لا يمكن إثبات براءته أو إدانته فيها، إلّا بعد أن يحال إلى القضاء والمحاكم المختصّة للتحقيق فيها".
ويشير العيثاوي إلى أنّ "إحالة تلك الملفات إلى القضاء أصبحت أمراً صعب التطبيق، بل مستحيلاً. ولا يستطيع العبادي تطبيق ذلك، الأمر الذي سيثبت فشله في إدارة الدولة، وفشله في تطبيق الإصلاحات التي ينتظرها الشعب"، مضيفاً أنّ "عودة المالكي أثبتت أنّ القانون في العراق يطبّق على البعض دون الآخرين، وأنّ هناك أشخاصاً محصّنون من القضاء مهما كان حجم ملفات الفساد والانتهاكات المتورطين فيها".
ويؤكّد العيثاوي أنّه "بشكل عام، فإن عودة المالكي إلى العراق كبّلت حكومة العبادي، لتصبح عاجزة عن تطبيق القانون، وعن إرضاء الشعب الغاضب"، مشيراً إلى أنّ "مهلة الثلاثين يوماً، التي حدّدها البرلمان للعبادي، هي تحدٍ آخر له، وأنّ الأخير سيجد نفسه عاجزاً عن تنفيذ شيء وعن تطبيق القانون". ويشير إلى أنّ "المالكي سيستغل الثورة الشعبيّة ويحشد أنصاره ضمن المتظاهرين، محاولاً إسقاط حكومة العبادي".
يشار إلى أنّ العبادي أصدر قراراً بمنع المسؤولين العراقيين من السفر، ممّن تحوم حولهم شبهات الفساد، فيما لم يستطع تطبيق القرار على المالكي الذي خرقه وقام بزيارة إلى إيران عبر مطار بغداد، ومن ثم عاد عبر المطار ذاته على الرغم من قرار المنع.
اقرأ أيضاً: المالكي مسوّغاً سقوط الموصل: مؤامرة دُبّرت في كردستان العراق