على مدار الأسبوع الذي أعقب إصدار قانون الإرهاب، في صيغته المكبِّلة للحريات وحق الصحافة والإعلام في تعدد المصادر، تزايدت وتيرة التفجيرات والعمليات العنيفة، ولا سيما مع استهداف مبنى الأمن الوطني في قلب القاهرة الكبرى، فضلاً عن حافلة شرطية في محافظة البحيرة. وبخلاف العمليات الموجهة ضد تجمعات الشرطة في المحافظات المختلفة، يبقى أن الوضع في سيناء لم يزدد إلا تعتيماً من قِبل الجيش المصري.
اقرأ أيضاً: قانون "كل مواطن إرهابي"
وبحسب مصادر مقربة من دوائر مؤسسة الرئاسة واتخاذ القرار، فإن قانون الإرهاب، بشكل أساسي، يستهدف منع نشر أخبار تتعلق بسيناء تحديداً، حتى لا تؤثر العمليات ضد قوات الجيش على الروح المعنوية للجيش والشعب المصري، وتؤدي إلى فقدان الثقة بالجيش.
وتقول المصادر، التي طلبت عدم ذكر اسمها، لـ"العربي الجديد"، إنّ الشؤون المعنوية في الجيش رفضت أكثر من مرة نشر أخبار تتعلق بسيناء عند تواصل بعض وسائل الإعلام معها، على الرغم من أن الوقائع حدثت أمام الصحافيين. وتلفت المصادر إلى أنّ الشؤون المعنوية شددت على عدم نشر أي أخبار إلا بعد بيان المتحدث الرسمي العسكري، العميد محمد سمير.
إلا أن آخر خبر نشره المتحدث العسكري، كان يوم 20 أغسطس/آب عن لقاء جمع رئيس أركان الجيش المصري، الفريق محمود حجازي، مع وفد أمني بريطاني رفيع المستوى برئاسة نائب مستشار الأمن القومي البريطاني جون جينكيز.
في المقابل، لم يشر المتحدث العسكري، عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، إلى العمليات ضد الجيش في سيناء. كما لم يتطرق إلى عمليات الجيش ضد الجماعات المسلحة وتحديدا تنظيم "ولاية سيناء".
وفيما انتشرت أخبار مساء الأحد عن تبادل لإطلاق النار بين عناصر في حرس الحدود ومسلحين في منطقة الفرافرة في محافظة الوادي الجديد، لم يؤكد سمير الخبر أو ينفِه .
ولم يحدث خرق لقانون الإرهاب في ما يتعلق بسيناء، إلا في بعض الصحف بأخبار قليلة جداً، تطرقت إلى مقتل ضابط في الجيش وإصابات أخرى في استهداف آلية عسكرية.
ويلاحظ أنّ ما يرد في الصحف والمواقع الإخبارية عن الوضع في سيناء يأتي على لسان عسكري أو أمني مجهول. ورغم أن هذا يعد خرقاً لقانون الإرهاب، إلا أنها أخبار تخرج من سياق لا يهز صورة الجيش.
وتشير الأخبار المتداولة عن دهم عناصر من الجيش لتجمعات المسلحين في سيناء، وإلى مقتل عدد من المنتمين للجماعات الجهادية، فيما لم يلق القبض على أحد لتنفيذ قانون الإرهاب عليه.
في غضون ذلك، تؤكد مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، أنّ قانون الإرهاب لن يحل الأزمة القائمة في سيناء، ولكنه يزيدها تعقيداً ويزيد تعتيماً على حقيقة الوضع.
وتقول المصادر نفسها إن الأوضاع في سيناء على حالها ولم تتأثر بالقانون الجديد، مشيرةً إلى أنّ الهجمات مستمرة من قبل التنظيم المسلح. كما أن عمليات الجيش ضد المدنيين والاعتقالات مستمرة أيضاً.
ونفّذ تنظيم "ولاية سيناء"، الأحد الماضي، 3 عمليات لاستهداف الكتيبة 101 التابعة للجيش وآليات عسكرية. وهي تفجير عبوة ناسفة في دبابة للجيش ما أدى إلى احتراقها بالكامل، وإطلاق صاروخي كاتيوشا 107 على الكتيبة 101 في مدينة العريش، فضلاً عن تفجير عبوة ناسفة على آلية للشرطة من نوع همر، على طريق البحر بجوار فندق "بالم بلازا" بمدينة العريش، وفقاً لبيان التنظيم.
كما أعلن التنظيم، يوم الاثنين، عن استهداف كمين "الماسورة" جنوب رفح بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، واستمرت الاشتباكات لفترة طويلة.
وفي سياق تصاعد العمليات ضد الشرطة خارج سيناء، قُتل شرطيان مصريان، وأصيب 24 آخرون، الاثنين أيضاً، في تفجير عبوة ناسفة استهدفت حافلة تابعة للشرطة في منطقة إدفينا، بمحافظة البحيرة (شمال مصر).
وقبل تلك العملية، تبنّى تنظيم "الدولة الإسلامية"، استهداف مبنى الأمن الوطني في منطقة شبرا الخيمة، ضمن القاهرة الكبرى. وبحسب البيان المعلن من قبل التنظيم الأم، من دون ذكر لولاية سيناء، فإن العملية جاءت ثأراً لمن وصفهم بـ"شهداء عرب شركس".
وفي السياق، يقول الخبير الأمني، العميد محمود قطري، إن القانون الجديد لن يساعد على مواجهة الجماعات المسلحة، ولكن الحل في تطوير منظومة الأمن وجمع المعلومات. ويشير إلى أن العمليات الأخيرة التي شهدتها محافظات مصرية بعيداً عن سيناء، تؤكد تحدي تلك الجماعات والتنظيمات للدولة المصرية والأجهزة الأمنية. ويلفت إلى أن أغلب عناصر تلك الجماعات ليست معروفة إلى الأمن، وهي أكبر أزمة تواجه أي جهاز أمني بغياب المعلومات في "الحرب على الإرهاب".
من جهته، يقول خبير عسكري، إن عمليات "ولاية سيناء" مستمرة ولن تتوقف والجميع يعلم بذلك، ولكن القانون جاء لتقليل التأثيرات السلبية النفسية على الجيش والشعب.
ويضيف الخبير، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن العمليات ضد التنظيم الجهادي تحتاج وقتاً طويلاً للغاية، لأن "حروب الإرهاب والعصابات" لا تنتهي بين يوم وليلة وبتشريعات جديدة. بدوره، يشير الخبير نفسه، إلى أنّ الأزمة في عدم توافر المعلومات حول عناصر التنظيم، قائلاً: "كل يوم تخرج مصادر أمنية وعسكرية تؤكد قتل عناصر بارزة ومؤثرة للتنظيم، فيما الوضع على الأرض لا يعكس ذلك مطلقاً، إذ إنّ عمليات التنظيم لا تزال مستمرة بقوة".
اقرأ أيضاً: السيسي ديكتاتوراً فاشلاً