وبدأت عملية تحرير القاعدة مع الساعات الأولى من فجر أمس، الإثنين. وتمكنت قوات الجيش من الدخول إليها عبر البوابة الغربية للقاعدة، ومنها إلى داخل مطارها، والسيطرة على مدرج المطار، بغطاء جوي كثيف من طائرات التحالف.
اقرأ أيضاً اليمن: تحرير لحج.. والمقاومة على أبواب أبين
وشاركت في المعارك قوات يمنية كبيرة، كان قد تم تدريبها في دول عربية عدة، ووصلت ليل السبت الأحد، بعد أن تم تزويدها بمعدات عسكرية ثقيلة ومتطورة، وتم إرسالها مباشرة إلى غرب قاعدة العند الجوية والاعتماد عليها في اقتحام القاعدة. كما شارك عناصر من "المقاومة" في المعارك، فضلاً عن إشراف خبراء في التحالف العشري على سير العمليات العسكرية.
وقد علمت "العربي الجديد" أن قوات من سلاحي الطيران والمظلات المصريين، قامت بمهام الدعم والمساندة، لقوات "المقاومة الشعبية" والجيش الموالي للشرعية، التي هاجمت قاعدة العند. وأوضحت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أن القوات المصرية "ساهمت في تشكيل غطاء جوي للقوات البرية اليمنية". كما شاركت مروحيات "أباتشي" تابعة للتحالف في المعارك أمس.
وكان قد سبق اقتحام القاعدة بأكثر من ست ساعات بدء طائرات التحالف شنّ أعنف الغارات على القاعدة من دون أي توقف. وقد اختصر شهود عيان لـ"العربي الجديد" قوة القصف بالقول إنه "كان فظيعاً وكان يشاهد ويسمع إلى عدن وردفان ويافع والضالع وتعز".
هذا النصر الاستراتيجي لم يكن ممكناً لولا تمكن "المقاومة" والجيش الموالي للشرعية، وبدعم من التحالف العشري، من تحرير مدينة عدن بشكل كامل قبل أكثر من أسبوعين، في معركة أطلق عليها اسم عملية "السهم الذهبي" كمرحلة أولى ثم تلتها المرحلة الثانية حيث تم البدء في تحرير المناطق المحيطة بمدينة عدن في أطراف لحج وأبين التي تحدّ عدن.
وهدفت المرحلة الثانية إلى تأمين العاصمة الاقتصادية والتجارية لليمن من أي استهداف من داخل محافظتي لحج وأبين، في الوقت نفسه الذي كانت فيه "المقاومة" في المحافظتين تقوم بعملية فرض حصار على المليشيات داخل لحج وأبين.
في لحج، فرضت "المقاومة الشعبية" حصارها على المليشيات في قاعدة العند الجوية، من شمالها وشرقها وغربها، فضلاً عن حصار المليشيات في مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج، ولا سيما أنّ "المقاومة" تمكنت من السيطرة على مثلث العند، وهو أهم موقع استراتيجي يربط محافظات لحج وعدن جنوباً وتعز شمال غرب والضالع وردفان ويافع والبيضاء شمالاً.
وكانت قيادة "المقاومة" والمنطقة العسكرية الرابعة في عدن، تدرك جيداً أن قاعدة العند هي الأهم استراتيجياً لتأمين عدن، وأيضاً تشكل خسارتها "النكسة الكبرى" لمليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع في كل محافظات الجنوب والوسط. ومن هذا المنطلق، فإن تحريرها يعني حسم المعركة في تحرير محافظات عدة مقاومة للمليشيات تحيط بمحافظة لحج، التي تقع قاعدة العند وسطها.
وشكلت قاعدة العند طوال الفترة الماضية المركز العملياتي الأكبر لمليشيات الحوثيين والمخلوع في اليمن، لأهمية موقعها في سير المعارك في مختلف مناطق البلاد، ولا سيما الجنوبية والوسط.
وقد ألقت مليشيات الحوثيين والمخلوع طوال الفترة الماضية بثقلها في قاعدة العند الجوية، من عتاد عسكري كبير فضلاً عن طائرات وصواريخ والآلاف من المسلحين الحوثيين وقوات المخلوع صالح. وكانت المهدد الاول لمضيق باب المندب ومدينة عدن.
واعتمدت المليشيات على القاعدة في إرسال التعزيزات إلى عدن ولحج نفسها، فضلاً عن أبين، وتعز، وفرضت حصاراً على هذه المحافظات، بما فيها مناطق ردفان ويافع ومحافظة الضالع.
في المقابل، اكتفت قيادة الجيش الموالي للشرعية و"المقاومة" فضلاً عن التحالف، خلال الفترة الماضية، بحصار القاعدة. كما عمدوا إلى قطع الإمدادات عنها فضلاً عن منع خروج أية تعزيزات منها. هذه الإجراءات، كانت، في حد ذاتها، وفقاً لمصدر عسكري، كافية نظراً لكبر قاعدة العند الجوية، التي تقدر مساحتها بقرابة 15 كليومتراً مربعاً، ويتواجد جزء منها تحت الأرض، وأخذاً بعين الاعتبار كمية العتاد العسكري والبشري الكبير للمليشيات داخل القاعدة. وهو ما صعّب من إمكانية قيام "المقاومة" والجيش الموالي للشرعية باقتحامها، ولا سيما أنّ المختطفين والأسرى يتواجدون داخل القاعدة، وتتخذهم مليشيات الحوثيين والمخلوع كدروع بشرية، وهناك من يقدر عددهم بالآلاف.
وعلى الرغم من أنّ قيادة التحالف زودت "المقاومة" وقيادة الجيش الموالي للشرعية بغرف عمليات عسكرية متنقلة متطورة لإدارة المعارك، لكن بعد تعدد تحركات القوات الموالية للشرعية في أكثر من جبهة، برزت حاجة إلى المزيد من القوات لتأمين عدن وتحرير باقي المحافظات والمناطق.
لذلك، تريثت قيادة "المقاومة" وقيادة الجيش في عدن، فضلاً عن طائرات التحالف، حتى تجهيز القوات التي وصلت ليل السبت الأحد، قبل أن تنطلق المعركة فجر أمس وتحسم عقب ساعات.
وبالتزامن مع معركة قاعدة العند، كانت "المقاومة" والجيش الموالي للشرعية قد دخلت مدينة الحوطة جنوب القاعدة، ومعسكر لبوزة شمال غرب قاعدة العند، وبالتالي تكون لحج قد تحررت مع قاعدة العند الجوية، وهي إشارة إلى أن تحرير الضالع وتعز وأبين بات مسألة وقت.
ويحد لحج جنوباً وغرباً عدن، فيما يحدها شرقاً أبين، بينما تحدها تعز من الشمال والغرب، فيما يحدها من الشمال كل من الضالع والبيضاء. وجميع هذه المحافظات مقاومة لمليشيات الحوثيين والمخلوع.
وتفيد مصادر عسكرية لـ"العربي الجديد" أن "التحالف والشرعية يسعيان إلى تحويل قاعدة العند الجوية، إلى مركز لعمليات التحالف والجيش لتحرير باقي مناطق اليمن".
في موازاة ذلك، ترجّح مصادر أنّ دول التحالف ستسلم اليمنيين قيادة العمليات العسكرية في المرحلة المقبلة، بعد تحرير قاعدة العند الجوية، وستقوم دول من التحالف بالإشراف على سير العمليات ميدانياً. ومن المرجح أن تتحول قاعدة العند، إلى قاعدة لطائرات التحالف، فضلاً عن تردد معلومات عن نية دول التحالف، مساعدة الجيش اليمني، بطائرات عسكرية كهبة.
ويعد تحرير قاعدة العند وخروج المليشيات منها أكبر خسارة يتعرضون لها منذ بدء المعارك، وبعد هزيمتهم في عدن. فهم فقدوا كميات كبيرة من السلاح كانوا يحاولون استخدامه في حال سمحت لهم الفرصة، ولا سيما أن القاعدة كانت تتواجد بداخلها حتى طائرات حربية وأسلحة وصواريخ. كما فقدوا أحد الأوراق التي كانوا يستخدمونها لتهديد باب المندب، ولا سيما أن قاعدة العند على مقربة منه. وكانت تتولى تأمينه وحمايته. وكان تواجد مليشيات يهدد عملية الملاحة البحرية في المضيق، فيما تبدد سيطرة الجيش الموالي للشرعية و"المقاومة" والتحالف على قاعدة العند، المخاوف من عرقلة سير العملية الملاحية في المضيق.
اقرأ أيضاً: يمنيون مختفون قسرياً.. الحوثيون يكررون جرائم صالح بحق معارضيهم