أقنع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، نائب رئيس الشاباك الحالي، بالترشح لمنصب قيادة الشرطة، بهدف تعزيز البعد الأمني في التعامل مع الاحتجاجات الفلسطينية، خصوصاً أن القيادي الاستخباراتي، والذي يرمز له بالحرف (ر)، كان مسؤولاً عن الضفة الغربية والقدس خلال الانتفاضة الثانية، ما يعني اطلاعه على هوية الناشطين الفلسطينيين وعناصر المقاومة.
ولاحقا، سمح نتنياهو، ظهر الأحد، بنشر هوية واسم نائب رئيس الشاباك المرشح لقيادة الشرطة الإسرائيلية. وأعلنت مواقع إسرائيلية مختلفة أن الحديث يدور عن روني الشيخ. وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن روني الشيخ، هو من أنصار التيار الديني الصهيوني، وقد كان على مدار 25 عاما يعيش في إحدى مستوطنات الضفة الغربية القريبة من رام الله.
وتولى الشيخ، الذي خدم في سلاح المظلية الإسرائيلية، مناصب عديدة داخل جهاز الشاباك، وكان مسؤولا عن قطاعات الضفة الغربية والقدس المحتلة خلال الانتفاضة الثانية. وقد اضطر، بحسب موقع يديعوت أحرونوت، إلى مغادرة المستوطنة التي عاش فيها بعد ترقيته لمنصب نائب رئيس الشاباك في العام الماضي، أيضا بفعل مضايقات تعرض لها من قبل المستوطنين أنفسهم، بسبب منصبه المذكور.
وكشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم الأحد، أن "الشيخ وافق على ترشيحه لتولي منصب قيادة الشرطة، بعد طلب من وزير الأمن الداخلي، جلعاد اردان، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وقد استخدم الأخير ذريعة المصلحة الأمنية العليا لدولة إسرائيل، لإقناع (ر) بالترشح".
وألمح مراسل الصحيفة، يانيف كوفوفيتش، إلى أن "نتنياهو أقنع نائب رئيس الشباك بالقبول بالترشح، بدلاً من البقاء في الجهاز العام".
وجاء هذا التطور، أواخر الأسبوع الماضي، بعد أن عَدَل أردان نهائياً عن تعيين العقيد جال هيرش مفتشاً عاماً للشرطة، على ضوء شبهات تتعلق بنشاطه التجاري وعمله في مجال تجارة السلاح والخبرات الأمنية.
إضافة إلى سلسلة التحقيقات، والتي تجريها المباحث الأميركية الفدرالية في نشاط هيرش المذكور، خصوصاً، وقد تعامل بحسب ما نشرت وسائل إعلام إسرائيلية وأجنبية في بيع أسلحة وعتاد، شملت منظومات أمنية أميركية لدول أفريقية وأوروبية، بينها أوكرانيا.
ووفقاً لما سُمح بنشره، فإن نائب رئيس الشاباك، والذي يحمل رتبة موازية لرتبة جنرال في الجيش الإسرائيلي، ينتمي إلى التيار الديني الصهيوني، وهو مستوطن سابق كان يعيش في إحدى المستوطنات القريبة من رام الله، قبل انتقاله خلال الأعوام الأخيرة للسكن داخل إسرائيل.
خطوة ترشيح نائب رئيس الشاباك لتولي منصب قيادة الشرطة، تؤشر إلى نيّات نتنياهو في المرحلة الحالية باتجاه التصعيد في القدس، لمحاربة كافة أشكال المقاومة الشعبية، وتشديد قبضة الشرطة على السكان.
وكذلك، تعزيز البعد الأمني في التعامل مع الاحتجاجات الفلسطينية، لجهة إبراز الجانب الأمني و"حفظ النظام العام في عاصمة إسرائيل الأبدية"، باعتبار المقاومة الشعبية في المدينة وفي الأحياء والقرى، مسألة أمنية، وليست مسألة احتلال ومقاومة.
ويحمل تعيين الشيخ، في حال جرى إقراره في لجنة التعيينات الرسمية، والتي يترأسها القاضي تيركل، رسائل للفلسطينيين في الداخل ونشاطهم الاحتجاجي ضد ممارسات وسياسات الاحتلال، بأن التعامل معهم سيعود إلى المنظور الأمني الشاباكي.
وطبقاً لتقديرات الصحف، فإن قائد الشرطة الجديد، سيستعين، في سلك الشرطة، بمساعدي وقادة "الشاباك"، ممن يحملون عقلية أمنية تعتمد على أساليب أجهزة المخابرات التي تختلف عن أساليب الشرطة، خاصة ما يتعلق بالسرية وعدم الشفافية.
اقرأ أيضاً: "يوم النفير والرباط": مواجهات في الأقصى
خطة نتنياهو
ولا يمكن أيضاً، عزل هذه الخطوة عن سياسة نتنياهو وخطته المعلنة في الأسابيع الأخيرة للتصعيد، ليس في القدس المحتلة فقط، وإنما في الداخل الفلسطيني، تحت ستار مواجهة "إرهاب الحجارة والزجاجات الحارقة".
وقد شملت هذه الخطة، تعديل أوامر إطلاق النار والسماح لأفراد الشرطة بإطلاق الرصاص الحي، من دون التأكد من هوية وعمر راشقي الحجارة، وهل هم من الأطفال القاصرين أم من البالغين الذين يتحملون مسؤولية "جنائية".
وسبق لنتنياهو أن أكد أن تعديل أوامر إطلاق النار، والسماح باستخدام بنادق روجر التي استعملت خلال الانتفاضة الأولى، سيسري في كافة أنحاء إسرائيل، بما في ذلك الجليل والنقب. كذلك أعلن عزمه منح أفراد الشرطة كل الوسائل اللازمة لأداء عملهم.
تضاف إلى ذلك التعديلات القانونية، والتي تهدف إلى تسهيل فرض أحكام سجن مشددة على راشقي الحجارة، مثل التعديل المقترح بفرض حد أدنى من السجن، لفترة تتراوح بين عامين ونصف العام إلى أربعة أعوام، مع تحديد العقوبة القصوى 20 عاماً، وهو ما أدرج قبل أشهر في تعديل قانون العقوبات.
ومن المتوقع أن يشهد الكنيست، منتصف الشهر المقبل، بعد انتهاء الأعياد اليهودية، حملة مكثفة من عمليات التشريع القانونية لترجمة بنود الخطة التي تكرر إعلانها في الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك أيضاً فرض غرامات مالية باهظة على أهالي القاصرين ممن يتهمهم الاحتلال برشق الحجارة، وسحب المخصصات المختلفة كالتأمين الوطني، وملاحقة الأهالي في كل مخالفة، ولو كانت مجرد مخالفة سير.
اقرأ أيضاً: حماس: العقوبات الإسرائيلية لم تثنِ "راشقي الحجارة"