تشير المصادر نفسها لـ"العربي الجديد" إلى أنّ المفاوضات دخلت "نفقاً مظلماً خلال الأسابيع القليلة الأخيرة، بعد تعثر التوصل إلى اتفاق بين المكتبين الاستشاريين الفنيين، والذي كان موعده النهائي 5 سبتمبر/ أيلول المنصرم، ثم انسحاب المكتب الهولندي، وعدم ثقة بعض اﻷطراف في المكتب الفرنسي منفرداً".
اقرأ أيضاً: خبراء يتهمون الحكومة المصرية بالتراخي في ملف "سد النهضة"
ووفقاً للمصادر، فإنّ وزراء الري في الدول الثلاث من المقرر أن يجتمعوا في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، على أن يركّز اﻻجتماع على دراسة احتمالات اختيار مكتب استشاري آخر، مع تحديد أجل قصير لإتمام هذه الخطوة، بناء على اتفاق سياسي بين مصر وإثيوبيا، نظراً لأن أي تأجيل يصب فقط في صالح الجانب اﻹثيوبي.
وبات واضحاً أن إثيوبيا تراهن على عنصر الوقت، نظراً ﻷنها ستبدأ فترة ملء الخزان منتصف العام المقبل، باﻹضافة إلى عنصر تحسن علاقتها بالمؤسسات المالية الدولية والجهات المانحة ومن خلفها الوﻻيات المتحدة. وقد تجلّى هذا التحسن في زيارة الرئيس باراك أوباما هذا العام إلى أديس أبابا، والتي كانت اﻷولى من نوعها لرئيس أميركي.
ووفقاً للمصادر نفسها، فإن لقاء الرئيس المصري برئيس الوزراء اﻹثيوبي، هايلي مريام ديسالين، على هامش اجتماعات اﻷمم المتحدة في نيويورك، جاء متوتراً، على الرغم من العلاقة الجيدة بين الرجلين والحفاوة التي قوبل بها السيسي في أديس أبابا في مارس/ آذار الماضي.
وتشير المصادر إلى أنّ السيسي، أعرب خلال اللقاء، عن غضبه من تعثر المفاوضات، موضحاً أنّ "مصر تقدر رغبة إثيوبيا في التنمية لكنها لم تشعر بأن أديس أبابا تقدر تخوف القاهرة من الجفاف". وهو ما نفاه ديسالين، والذي حاول تخفيف أجواء التوتر بالتركيز على استمرار البحث عن حل فني للقضية.
وتزامن لقاء السيسي وديسالين مع زيارة بطريرك الكنيسة المصرية، البابا تواضروس الثاني، إلى إثيوبيا لمدة خمسة أيام انتهت يوم الثلاثاء الماضي. وجاءت الزيارة بعدما لجأ النظام المصري إلى الكنيسة للمساعدة في حل الملف الشائك بين البلدين وإيصال رسالة إلى الإثيوبيين توضح أزمة المياه التي تعاني منها مصر.
ولم يتحدث تواضروس الثاني في المسائل الفنية المرتبطة بسد النهضة خلال الزيارة، لكنه حاول حشد رأي عام إثيوبي أكثر مرونة تجاه مصر من خلال علاقته الجيدة بالكنيسة اﻹثيوبية، والتي كانت تابعة للبطريركية المصرية قبل انفصالها منتصف القرن الماضي. غير أن أياً من المسؤولين اﻹثيوبيين لم يتحدث عن القضية خلال وجود تواضروس الثاني، مما يجعل الزيارة بلا نتائج مباشرة عملياً.
من جهته، يشير وزير الموارد المائية المصري الأسبق، نصر علام، إلى فشل كافة الجهود المصرية لحل أزمة السد في الوقت الذي أنجزت فيه أديس أبابا ما يقرب من 50 في المائة من بناء السد. ويعتبر علام أن تحدث بطريرك الكنيسة المصرية عن الأزمة يدل على مدى فشل مصر في حلها. كذلك يرى أن مصر "تلعب في الوقت الضائع" بسبب الانتهاء من جسم السد، واصفاً بلوغ هذه المرحلة بـ"الحرجة على مصر" لكونها ستؤدي إلى توقف السد العالي، وسيتضرر من ورائه 10 ملايين فلاح، والشعب سيفقد مياه الشرب والزراعة، على حد قوله.
وتتخوف مصر من تأثير سد النهضة، والذي شرعت إثيوبيا في تشييده قبل نحو عامين على نهر النيل، على حصتها السنوية من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب). في المقابل، يؤكد الجانب الإثيوبي أن السد يمثل نفعاً في مجال توليد الطاقة، ولن تكون له تأثيرات سلبية على مصالح كل من مصر والسودان.
وكانت الدول الثلاث قد وقعت ما يسمى بـ"وثيقة الخرطوم" في مارس/ آذار الماضي، ووضعت الخطوط الرئيسية توطئة لإنهاء هذه الأزمة. غير أن تنفيذ الوثيقة شهد تعثراً أثار العديد من علامات الاستفهام، لا سيما بسبب الخلافات بين المكتبين الاستشاريين التي استهلكت فترة الأشهر الستة الماضية منذ توقيع الوثيقة، واستمرار الجانب الإثيوبي في عملية البناء والإنشاءات بحيث تم تنفيذ 47 في المائة منها.
اقرأ أيضاً: خبراء إثيوبيون يشككون في نوايا بلادهم من سد النهضة