اعتبر عدد من رؤساء الموساد السابقين في إسرائيل وعسكريين سابقين، ممن أخذوا دوراً في مسيرة المفاوضات الإسرائيلية - العربية المختلفة، أن الفرصة سانحة لفرض اتفاق سلام على الفلسطينيين عبر اتفاقية تسوية إقليمية بشراكة مع الدول العربية المعتدلة، والتي يمكن لها أن تشكّل أداة الضغط المطلوبة على الجانب الفلسطيني.
وأعلن نائب وزير الخارجية في عهد حكومة بيغن الأولى، يهودا بن مئير، خلال ندوة نظمها معهد الأمن القومي الإسرائيلي، التابع لجامعة تل أبيب، بمناسبة صدور كتاب "المفاوضات في زمن الصراع" أنه وبناء على التجربة مع كل من مصر والأردن، يمكن لإسرائيل أن تصل فقط عبر مفاوضات سرية لاتفاقية سلام مع الجانب الفلسطيني ومع الدول العربية الأخرى، وليس عبر مفاوضات علنية، وبأطراف متعددة. ودلّل بن مئير على ذلك بالسرية التامة التي فرضها رئيس الحكومة الإسرائيلية مناحم بيغن والرئيس المصري الراحل أنور السادات على المحادثات السرية التي قادها كل من وزير الخارجية الإسرائيلي موشي ديان ونائب رئيس وزراء مصر حسن التهامي.
ولم يكن بن مئير الوحيد الذي خرج بهذا الاعتقاد، فقد انضم إليه رئيسا الموساد السابقين، داني يتوم وشبتاي شبيط. واعتبر الاثنان أنه إذا أريد للمفاوضات أن تنجح، فيجب تجنّب إشراك وإقحام الولايات المتحدة الأميركية منذ المراحل الأولى، وإبقاؤها خارج الصورة وعند اقتراب التوصل إلى الاتفاق النهائي فقط يمكن إطلاعها لتأخذ دوراً مساعداً، ولكن ليس منذ البداية.
وكشف داني ياتوم، والذي كان رئيساً للموساد في عهد رئيس الوزراء الإسرئيلي إسحاق رابين، وكان من قباطنة المحادثات السرية بين إسرائيل والأردن، أن العاهل الأردني الراحل الملك حسين كان قد اشترط على رابين عدم إطلاع شمعون بيرس على تفاصيل المحادثات، خوفاً من تسريبها من قبل الأخير لوسائل الإعلام الأمر الذي من شأنه أن يفشل المفاوضات ويحبط فرص التوصل إلى اتفاق بين الطرفين.
أما شبتاي شبيط فأقرّ أن الموساد عرف بالصدفة عن المحادثات السرية في أوسلو، وأنه حاول طرح الموضوع على رابين، معتقداً أن بيرس ونائبه، يوسي بيلين، يديران مفاوضات مع منظمة التحرير من وراء رابين، إلا أنه فوجئ أن الأخير كان على علم بها، لكنه لم يكن يظن أنها ستفضي إلى اتفاق.
وكشف شبتاي شابيط، في حديثه عن آفاق المفاوضات أو الحراك السياسي مستقبلاً، عن اعتقاده بضرورة استغلال الأوضاع السائدة في العالم العربي، وتراجع أهمية ومكانة القضية الفلسطينية، للسعي لتحقيق جملة مصالح مع الدول المعتدلة، عبر جعل المبادرة العربية أساساً للمفاوضات، وتوظيف دور الدول العربية المعتدلة في المفاوضات لجهة الضغط على الطرف الفلسطيني، كعبرة مما حدث في القاهرة عندما رفض ياسر عرفات أمام الكاميرات التوقيع على اتفاق القاهرة، ورضخ بعد تدخل الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك فقط. واعتبر شابيط أن الظروف العربية ترشح دولاً عربية لأخذ هذا الدور، وليس الولايات المتحدة أو أي طرف خارجي آخر.
أما مبعوث أولمرت خلال مفاوضات أنابوليس، العقيد احتياط أوي ديكل، فقد كشف أنه تم عقد أكثر من 300 جلسة تفاوضية لكن لم يتمخض عن المفاوضات شيء لكونها علنية، مما كان يضطر المفاوضين إلى التشدد في مواقفهم، وبالتالي لم يكن بالإمكان إحراز تقدم حقيقي. واعتبر ديكل أنه لا يجوز الانتظار عملياً لمعرفة ما الذي سيحدث في المنطقة، لأن التعويل على بقاء الوضع القائم الحالي "الستاتوس كوو" يحمل في طياته المخاطر لإسرائيل. ووصف اتخاذ قرار كهذا بأنه سيكون أسوأ قرار يمكن لإسرائيل أن تتخذه في هذه الظروف.
اقرأ أيضاً "تلغراف": توني بلير يقود وساطة سريّة بين حماس وإسرائيل