تحاول مليشيات الحوثيين إلى جانب الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، عرقلة أي محادثات سلام جديدة مع الشرعية اليمنية، عبر اشتراط وقف الحرب قبل انعقاد الجولة الجديدة. وفيما يحاول المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، حسم موعد الجولة من خلال سلسلة المشاورات التي يجريها منذ أيام، والتي قادته إلى صنعاء يوم الأحد الماضي، اشتعلت الجبهات في العديد من المحافظات، وخصوصاً في البيضاء بعد تصعيد "المقاومة" لعملياتها في المحافظة.
شرط تحالف الانقلاب
وكان المتحدث الرسمي للحوثيين، رئيس الوفد لمحادثات سويسرا، محمد عبد السلام، قد أكد في تصريحات تلفزيونية لقناة "المسيرة" الفضائية (التابعة للحوثيين)، يوم الأحد الماضي، أنهم لا يمكن أن يدخلوا في جولة محادثات جديدة في ظل الحرب. واعتبر عبد السلام أنّ المبعوث الأممي يريد أن ينجح لكنه لا يمتلك القرار، "بل ينقل رسائل هنا ورسائل هناك"، معتبراً أن القرار الأول والأخير سيكون للولايات المتحدة التي اتهمها بتعطيل محادثات الشهر الماضي. ويتزامن هذا الموقف مع تواجد ولد الشيخ أحمد في صنعاء، حيث يجري لقاءات غير معلنة منذ وصوله إليها يوم الأحد الماضي، في إطار محاولته إقناع طرفي الانقلاب بحضور جولة المحادثات المقبلة التي تأجلت من 14 يناير/كانون الثاني الحالي إلى أواخر الشهر بشكل مبدئي.
وترى مصادر تحدثت لـ "العربي الجديد" أنّ زيارة ولد الشيخ أحمد إلى صنعاء لن تغيّر من الأمر شيئاً وأن ممثلي تحالف الانقلاب سيبلغانه أنهما لن يشاركا في أي جولة جديدة ما لم تتوقف الحرب، في وقت ألمحت فيه مصادر مقربة من الحوثيين إلى أن المبعوث الأممي لا يحمل جديداً في هذا الصدد.
ومن المتوقع أن ينقل ولد الشيخ أحمد شروط الحوثيين لنقاشها مع مسؤولي الشرعية اليمنية الذين يتهمون الانقلابيين بعدم الالتزام بمقررات محادثات سويسرا الخاصة بـ "بناء الثقة"، وفي مقدمتها الإفراج عن المعتقلين وفك الحصار عن محافظة تعز. ويعتبر الطرف الحكومي أن وقف إطلاق النار، وتحديداً العمليات العسكرية التي ينفذها التحالف العربي ضد الانقلابيين، مرهون بوجود التزام غير مشروط من قبل المليشيات وقوات المخلوع، بقرار مجلس الأمن الدولي 2216 الذي يطالب المليشيات بالإفراج عن المعتقلين والانسحاب من المدن التي استولوا عليها ووقف العمليات العسكرية وغير ذلك من النقاط. ويتوقع أن يدفع الموقف الأخير للحوثيين وحلفائهم بجولة المحادثات إلى تأجيل متكرر على غرار الجولة السابقة التي كان موعدها الأول أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي ثم تأجلت أكثر من مرة وصولاً إلى منتصف ديسمبر/كانون الأول المنصرم.
اقرأ أيضاً: اليمن: غارات متجددة للتحالف ومعارك في الجوف والبيضاء وتعز
اشتعال الجبهات
وشهدت مختلف جبهات القتال في محافظات تعز ومأرب والجوف وحجة والبيضاء تصعيداً بوتيرة المواجهات والغارات الجوية خلال الأيام الماضية في ظل تقدم لـ"المقاومة" والقوات الموالية للشرعية في العديد من الجبهات ومحاولات حوثية للتقدم في مواقع أخرى.
وتشكل التطورات في محافظة البيضاء الحدث الميداني الأبرز خلال الساعات الماضية، إذ وسّعت "المقاومة" في المحافظة من عملياتها ضد مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع، ما ترجم في تفاقم معاناة المليشيات في مختلف الجبهات المنتشرة في وسط البلاد وشمالها وشرقها وغربها. وفتحت "المقاومة" جبهة جديدة داخل محافظة البيضاء تتمثل في جبهة الصومعة والعقلة بعد فتح جبهات الزاهر وقبائل آل حميقان ومنطقة قيفة ومكيراس وذي ناعم ومحيط مدينة البيضاء مركز المحافظة. وتؤكد مصادر في "المقاومة" لـ"العربي الجديد" أن "هناك جبهات إضافية ستفتح في البيضاء ضد المليشيات، ستحول المحافظة كلها إلى نار تحرق المليشيات، بعدما تمكنت المقاومة من ترتيب صفوفها والتنسيق فيما بينها".
وتمكنت "المقاومة" من إحراز تقدم كبير في مختلف الجبهات في المحافظة وحصلت على دعم كبير في العتاد والمقاتلين الذين تم تدريبهم في صفوف الجيش الوطني في مناطق عدة. إضافة إلى ذلك يتقن الأغلبية من أبناء المحافظة التي تنتشر فيها القبائل اليمنية استخدام السلاح. وخلال اليومين الماضيين تعرضت المليشيات لخسائر اضطرت أغلب قواتها إلى الفرار إلى محيط مدينة البيضاء، مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه. وتسبب فتح جبهات عدة في محافظة البيضاء في إرباك خطط مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع، ولا سيما أنّ البيضاء، الواقعة وسط اليمن، ثاني أكبر محافظة تعرضت فيها المليشيات للاستنزاف والخسائر. وكانت "المقاومة" في محافظة البيضاء قد اعتمدت على استنزاف المليشيات من خلال الكمائن والعمليات النوعية قبل أن تنتقل، منذ منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلى المواجهة المباشرة. وبدأت في الزاهر وقبائل آل حميقان ثم انتقلت إلى مكيراس وتلتها منطقة ذي ناعم وقيفة وتلاها أخيراً الصومعة والعقلة، في تطور جديد في أداء "المقاومة" التي تستغل حالة الانهيار في صفوف المليشيات في مختلف المحافظات والجبهات.
كما أن فتح جبهات عدة في البيضاء يزيد من صعوبة عمليات المليشيات العسكرية، ولا سيما أنها كانت تستخدم البيضاء كمركز توزيع وقيادة. ومن المتوقع أن يؤدي خسارة المليشيات لمراكزها إلى تهديد الخط الرئيسي لإمداد مسلحيها في تعز وإب وشمال الضالع.
اقرأ أيضاً: والدة يمنية تلاحقها الفواجع من صنعاء إلى ديترويت