انتهى البرلمان المصري خلال الساعات الماضية من إقرار أكثر من 100 قانون من بين 340 قانوناً صدرت في غياب البرلمان وسيقوم بدراستها، ما يؤكد أن هناك اتجاهاً من قبل النواب إلى "سلق القوانين" خلال 15 يوماً وفقاً للدستور، كما يرى قانونيون وخبراء مصريون تحدثوا لـ"العربي الجديد"، محذرين من خطورة الأمر. ويؤكد هؤلاء أن توزيع القوانين على اللجان الـ19 فضلاً عن وجود 6 لجان أخرى خاصة، هدفه الانتهاء بسرعة من تلك القوانين والموافقة عليها خدمة لأهداف سياسية، في تكرار لما كان ينفذه نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك في احتكاره لإرادة الشعب.
وعلى الرغم من صدور 147 قانوناً في عهد الرئيس المؤقت، عدلي منصور، و298 قانوناً منذ تولي الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي الحكم، فإن ما سيقوم مجلس النواب بمراجعته يبلغ 340 قانوناً فقط، هي التي صدرت عقب إقرار الدستور المصري الجديد في 18 يناير/ كانون الثاني 2014. بينما يبلغ عدد الاتفاقيات والقوانين الصادرة في فترتي الرئاستين 476.
ومن أبرز القوانين التي صدرت في غياب البرلمان، قانون الإرهاب، ومنع التظاهر، ومكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات، وبناء وترميم الكنائس، وزيادة المعاشات العسكرية، وقانون الخدمة المدنية، وتعديل قانون التقاعد، وقوانين الصحافة، والمرور، والعقوبات، والإجراءات الجنائية، وإعفاء رؤساء الأجهزة الرقابية من مناصبهم، وضريبة المبيعات، والضريبة العقارية، وشهادات استثمار وتنمية قناة السويس، وإنشاء بيت الزكاة والصدقات، وقانون الأزهر، وإنشاء صندوق تحيا مصر، وتقسيم الدوائر، وقانون شركات حراسة المنشآت والأموال، وتعديل قانون المحكمة الدستورية العليا، إلى جانب التصديق على جميع الاتفاقيات التي أبرمتها مصر في غياب البرلمان وعددها 101 اتفاقية، فضلاً عن 31 قانوناً بالترخيص لوزير البترول في التعاقد مع بعض الشركات للبحث عن البترول، و56 قانوناً باعتماد موازنات الدولة والهيئات العامة.
اقرأ أيضاً: تشريعية النواب المصري تقر 24 قانوناً بشعار "ممنوع النقاش"
وعلى الرغم من مشكلات البرلمان المصري الكثيرة، ومناقشة القوانين، اهتم البعض بقضية رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة واتهامه بتضليل الرأي العام عندما أكد أن الفساد وصل إلى 600 مليار خلال العام الماضي، وهو ما كذبه تقرير السيسي، وانتهز البعض تلك القضية لتأييد السيسي. فقام النائب مصطفى بكري بجمع تواقيع من النواب بإعلان فقدان رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الثقة والاعتبار لإضراره بالأمن القومي للبلاد والسلام الاجتماعي، وإفشاء أسرار المهنة بغير الطريق القانوني الذي يوجب أن يرسل التقارير فقط إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، مطالباً بمحاكمته وتوجيه تهمة الخيانة العظمى له.
ويقول الخبير القانوني المستشار عمرو عبدالرازق، إن اللجان الخاصة التي شكّلها البرلمان لمناقشة القوانين التي صدرت منذ إقرار الدستور الجديد، أمر غير مفهوم، لأن هذه اللجان تُعطي تقارير عامة من دون دراية قانونية، وبالتالي كان على المجلس استطلاع رأي المحكمة الدستورية لحسم أمر فترة الـ15 يوماً بقرار ملزم، حتى لا يُقر البرلمان قانوناً ويحكم بعدم دستوريته، ما يدخلنا في مشكلة جديدة. ويؤكد أن ما يحدث داخل قبة البرلمان أمر محزن وبداية لوجود قوانين مشوّهة وغير مفهومة، معتبراً أن إلغاء البث التلفزيوني لوقائع الجلسات، مُخططٌ له حتى لا يشاهد المواطن ما يدور داخل الجلسات، لافتاً إلى أنه كان من الأفضل طرح كل القوانين على مجلس النواب، ولكن ما حدث هو تقسيم تلك القوانين وطرحها على اللجان للبتّ فيها داخل غرف مغلقة، وهو مكمن الكارثة.
ويضيف عبدالرازق أنه من العيب أن يقوم النواب بالاهتمام بقضية المستشار جنينة وترْك القوانين المعلقة، معتبراً أن "الحملة الموجّهة ضد رئيس الجهاز مغرضة وتستهدف إزاحة الرجل، وكان الأحرى بالدولة أن تقف وراءه في مواجهة الفساد المستشري في أرجاء الأجهزة والوزارات".
من جهته، يرى الفقيه الدستوري المستشار إبراهيم أبازيد، أن ما يحدث من "سلق" عدد من القوانين والموافقة عليها، بداية لتنفيذ مخطط "تفخيخ" مجلس النواب، ما يُعرّض البرلمان لشبح الحل في أي وقت، معتبراً أن "تلك القوانين التي تمت الموافقة عليها، والتي أغلبها تأتي ضد المواطن عدا قانون الخدمة المدنية الذي رُفض من قِبل النواب، ستكون بداية لرفع دعاوى لحل البرلمان والعودة لنقطة الصفر مرة أخرى، وإن كان هذا الأمر صعباً من وجهة نظري لكون أن أكثر من 90 في المائة من أعضاء المجلس موالون للنظام وبالتالي يُستبعد الحل، وبقاء قرار الحل في "درج مكتب القيادة" لتخرج به في أي وقت، في حال حدوث خلاف كبير".
ويشير أبازيد إلى أن النظام الحالي يخشى من المجلس النيابي الجديد، لكون أن معظم السلطات بيده، ويحاول اللعب بورقة الضغط على البرلمان بالشكل الذي يجبره على الانصياع لأوامره، وإلا يتم حله، مؤكداً أن "النواب لا يريدون حل البرلمان بعد المبالغ الكبيرة التي دفعها عدد منهم للوصول إلى الكرسي، وبالتالي ليس هناك مانع في الموافقة على القوانين التي تسير مع خطى الدولة".
اقرأ أيضاً: مصر: لجان برلمان "موافقون" تُقرّ قوانين منصور والسيسي