وقامت حكومة يمين الوسط، "بسريّة تامة"، بمناقشة الأحزاب الدنماركية لإيجاد توافق برلماني على تلك الخطوة، قبل أعياد الميلاد، وفق ما نقلت صحيفة "بوليتيكن" عن مصادر سياسية خاصة. وأفادت هذه الأخيرة بأنّ جهداً أميركياً مضاعفاً يجري الإعداد له لاختيار قوات "كوماندوس" من الدول الحليفة لها، للقيام بعمليات برية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سورية. وبحسب مصدر برلماني دنماركي، يبدو أن الولايات المتحدة "تسرّع في عملية التحشيد البرية لقوات نخبة أوروبية، ومن بينها إسكندنافية، استعداداً لما يجري التحضير له في سورية".
وأثار الكشف عن التوجه الحكومي الدنماركي لتلبية الطلب الأميركي، جدلاً شعبياً وسياسياً. وعلى الرغم من أنّ الدنمارك شاركت منذ أكتوبر/ تشرين الأوّل 2014 بالتحالف الدولي ضد "داعش"، وأرسلت خبراء عسكريين وطائرات أف 16 إلى العراق، قبل أن تسحبها في الشهر ذاته من عام 2015 بحجة الصيانة، تعتري بعض البرلمانيين والسياسيين الدنماركيين مخاوف كثيرة من قضية إرسال قوات برية إلى سورية، تحديداً.
من جهته، يرفض وزير الخارجية الدنماركي السابق، مارتن ليدغارد، مشاركة بلاده من دون شروط مسبقة. كما يطالب ليدغارد لموافقة حزبه، الليبرالي الاجتماعي الدنماركي (الراديكالي)، على تلك الخطوة، "أن تكون المهمة واضحة في سورية، وكيفية معاملة أسرى الحرب، وأن تتوافق تلك المشاركة مع القانون الدولي".
مسألة القانون الدولي وما يشترطه ليدغارد لم تكن حاضرة في الحالة العراقية حين كان وزيراً للخارجية، وشاركت بلاده في التحالف الدولي عام 2014، وقصفت الطائرات مناطق تابعة لـ"داعش" ونشرت قوات برية، سُمّيت "خبراء". لكن في الحالة السورية، يبدو أن اليسار ويسار الوسط الدنماركي يضعان "القانون الدولي" فوق كل اعتبار.
اقرأ أيضاً: روبرت فورد لـ"العربي الجديد": الأسد يريد استسلام "المعارضة المسلحة"
فعلى الرغم من الذرائع بأنّ العراق طلب تدخلاً، قال خبراء أمنيون حينها، إنّ تدخل الدنمارك كان استجابة لطلب أميركي وليس عراقياً. ويذهب هذا اليسار اليوم، ممثلاً بحزب "الشعب الاشتراكي"، للقول إنّ التدخل في سورية برياً "سيكون عملاً إجرامياً ننخرط من خلاله في الحرب السورية"، وفق رئيسة الحزب، بيا أولسن دور. وترى هذه الأخيرة أن "الوضع المتأزم والفوضى العارمة في سورية عسكرياً وسياسياً، ربما تدفعنا لرفض تلك المشاركة".
بدوره، يبدو حزب "اللائحة الموحّدة"، أكبر الأحزاب اليسارية البرلمانية، في موقف لا يحسد عليه، وفق ما يقول أحد أعضاء لجنة الشؤون الخارجية عن الحزب، لـ"العربي الجديد"، في كوبنهاغن. ويوضح هذا المصدر أنّه "من ناحية، نريد دعم القوى الكردية والعربية التي تحارب داعش في سورية، وهو ما فعلناه منذ 2014 وطالبنا بتسليح تلك القوى. لكن من الناحية الثانية، تبقى الخشية من أن وضع قوات برية من النخبة على الأرض السورية في هذه الفترة تحديداً، حيث يشتد الصراع بين قوى كبرى وإقليمية، يعدّ خرقاً للقانون الدولي".
وللتخفيف من هواجس البعض، يشرح المحلّل العسكري لارس أرنسفارد يانسن، من أكاديمية الدفاع في كوبنهاغن، والذي عمل في قوات النخبة لمدة 22 عاماً، لصحيفة "بوليتيكن"، أنّ "المسألة لا تحمل مخاطر كبيرة في سورية". ويوضح أنّ "العملية تعتمد على قوات خاصة للتدريب على عمليات محددة الأهداف قادرة على التخفي واستخدام التقنيات الحديثة. لكن من دون الاختلاط بالسكان المحليين حيث يصعب التخفي بينهم في المدن، والتي ليس من الضروري أن يقيموا فيها". ويضيف المحلل العسكري أنّ "القوات الغربية ستكون في حالة تفوّق على داعش، لأنه حتى لو كُشفت، فإن الطيران والمسح الدائم للأرض سيمنع عناصر داعش من الاقتراب منها".
ومع التركيز الإعلامي بعد تسرّب مسألة تلبية طلب واشنطن، بدأ العمل على تحشيد قانوني لعمليات إنزال بري في سورية، من خلال استطلاع آراء خبراء في القانون الدولي. ويقول الخبير في القانون الدولي في جامعة كوبنهاغن، أندرس هينريكسن، إنّ "التوسع في العمليات نحو سورية لا يتعارض مع القانون الدولي، حتى وإن لم يكن ذلك بدعوة من النظام السوري".
اقرأ أيضاً: تجفيف أموال "داعش".. خطوات دولية عاجزة