تواصل قوات النظام السوري والمليشيات الموالية لها، مدعومةً بالطيران الحربي الروسي، قصف العديد من مناطق الغوطة الشرقية بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، في محاولة للسيطرة على أوسع مساحة ممكنة، باتجاه منطقتي الريحانية والشيفونية القريبة من مدينة دوما، أكبر مدن الغوطة، والتي تعتبر معقل "جيش الإسلام"، أكبر الفصائل المسيطرة على الغوطة.
وكان قد سقط عدد من القتلى والجرحى، أمس الثلاثاء، جراء استهداف الطيران الحربي عدة مناطق بأكثر من 20 غارة جوية، منها دوما، حموريا، عربين، وجوبر، وكفر بطنة، وزملكا وسقبا، في وقتٍ تواصل فيه القصف المدفعي والصاروخي لمنطقتي الريحاني والشيفونية في ظل اشتباكات عنيفة في محاولة من النظام للتقدم.
وفي هذا السياق، أوضح المراسل الصحافي في الغوطة الشرقية جواد العربيني، لـ"العربي الجديد"، أنّ "النظام يهدف من قصفه المكثف الأخير إلى الوصول لفوج الشيفونية، وذلك من خلال التفافه على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بعد أن سيطر على كتيبة الإشارة الواقعة بالقرب من بلدة الريحانية، التي يسعى للسيطرة عليها أيضاً. ومن ثمّ يسعى للوصول إلى سجن عدرا، الخاضع لسيطرته، ما يعني إطباقه الحصار على تل كردي، وهو العاصمة العسكرية لجيش الإسلام. كما يحاول في مسارٍ مواز السيطرة على فوج الشيفونية لمحاصرة منطقة المرج".
وأشار إلى أن "النظام يبدو حالياً أنه يعمل على التضييق على مدينة دوما، المحاصرة ضمن الغوطة الشرقية التي تضم العديد من المدن والبلدات، رغم أنه شبه مستحيل أن ينجح في فصل دوما عن الغوطة، حيث أنهما تشكلان كتلة واحدة".
كما اعتبر أن "سياسات الحصار وقضم الأراضي الزراعية، لا تهدف إلى اقتحام المدن بل إخضاعها بهدن كما فعل في مناطق أخرى، وهو يعلم أن الحسم العسكري شبه مستحيل وكلفته قد لا يقوى على تحملها".
بدوره، قال الناشط الإعلامي في الغوطة الشرقية، براء أبو يحيى، في حديث مع "العربي الجديد"، إن النظام يحاول منذ أشهر بشكل جدي التقدم في الغوطة، وبعد فشله بالتقدم في جوبر، يحاول اليوم التقدم على محور الشيفونية والريحانية، محاولاً استنزاف فصائل المعارضة وإمكانيات الغوطة، إضافة إلى تدمير البنية التحتية والخدماتية، وخاصة القطاع الطبي عبر استهدافه بشكل ممنهج".
كما حذّر من أنّ "الغوطة في وضع خطرٍ، لا سيما أن علاقة الفصائل تشوبها العديد من الخلافات، وصلت بعض الأحيان إلى درجة الاقتتال، رغم أن هدفها المعلن واحد، وهو إسقاط النظام".
وذكر أن "هناك جهوداً تبذل من الناشطين والثوريين، لجمع وتوحيد الجهود والفصائل في فصيل واحد يكون قادراً على حماية الغوطة".
ويعاني أهالي الغوطة من سوء الأوضاع الإنسانية، جراء الحصار المطبق عليها منذ نحو 4 سنوات، حيث تتحكم القوات النظامية بدخول المواد الغذائية إليها عبر معبر مخيم الوافدين، مقابل مبالغ مالية كبيرة، إضافة إلى وجود بعض الأنفاق، ما يجعلها تباع داخل الغوطة بأسعار مرتفعة جدا.
كما تعاني الغالبية الساحقة من السكان من الفقر المدقع، وانتشار البطالة، ما يجعلهم يعتمدون على الجمعيات والمؤسسات الخيرية وبعض المساعدات المالية التي تدخل لهم من ذويهم خارج البلاد، عقب تقاضي ضباط النظام نسباً مرتفعة مقابل السماح بإدخالها.