شهدت الجزائر، خلال العقد الأخير، سلسلة من فضائح الفساد طاولت قطاعات حيوية في البلاد، كالنفط والطاقة والأشغال العامة والمالية، وصدمت هذه القضايا الرأي العام في الجزائر بسبب فداحتها ومستوى المسؤولين المتورطين فيها. قبل سنتين بدأت محكمة جزائرية البت في أكبر قضية فساد في قطاع النفط، تتعلق بصفقات أبرمتها شركة النفط الجزائرية "سوناطراك"، مع أربع شركات أجنبية بينها شركة ألمانية وأخرى إيطالية، اتهمتها المحكمة بأنها حصلت على صفقات غير قانونية في الجزائر، سميت بقضية "سوناطراك 1". تورط في القضية 19 متهماً بينهم كبار المسؤولين في "سوناطراك"، وأبرزهم المدير العام السابق للشركة الحكومية النفطية، محمد مزيان واثنين من أبنائه و16 متهماً آخرين، من بينهم ثمانية مديرين تنفيذيين على رأسهم المدير المكلف النقلَ عبر الأنابيب ومدير النشاطات القبلية. وضمت لائحة المتهمين مسؤولي أربع شركات أجنبية هي "سايبام" و"مجمع فونكوراك" و"شركة كونتال" وشركة "فونكوراك بليتاك" الألمانية.
وفي مارس/آذار 2014، تفجّرت قضية ثانية تتعلق بشركة "سوناطراك"، تورط فيها وزير الطاقة الجزائري السابق، شكيب خليل، المتواجد في واشنطن حينها ونجلاه وزوجته ونجل شقيق وزير الخارجية الجزائري الأسبق، محمد بجاوي، وأصدرت السلطات الجزائرية طلبات جلب دولية في حق تسعة متهمين في القضية. ودلت التحقيقات في هذه القضية على وجود شبكة دولية كبيرة للفساد، تشمل مسؤولين جزائريين في قطاع الطاقة ومسؤولين في شركة "سوناطراك" كانت تتلقى رشى وعمولات من شركات أجنبية تنشط في الجزائر، مقابل الحصول على صفقات مع شركة النفط الجزائرية "سوناطراك". وتوصلت التحقيقات إلى وجود حسابات مصرفية في سنغافورة والإمارات وسويسرا وفرنسا وإيطاليا وهونغ كونغ والولايات المتحدة الأميركية للمتهمين، وتم العمل على استرجاع هذه الأموال إلى الجزائر.
وكان قد سبق فضيحة "سوناطراك" تفجّر قضية "الطريق السيار شرق غرب" الذي يمتد على طول 1216 كيلومتراً، وبلغ عدد المتهمين في القضية 23 شخصاً، وسبع شركات أجنبية. وجاء في القضية التي حرّكها القضاء الجزائري عام 2009، اتهامات بـ"قيادة جمعية أشرار واستغلال النفوذ والرشوة وغسيل الأموال وتبديد أموال عامة". وقُدّرت قيمة مشروع إنجاز "الطريق السيار شرق غرب" بستة مليارات دولار أميركي، وبعد خضوع المشروع لسلسلة من عمليات إعادة تقييم قيمة إنجازه خلال عامي 2011 و2012 وصلت قيمته إلى 11 مليار دولار أميركي، ثم تمت إعادة تقييم قيمة الإنجاز في سنة 2014 إلى أكثر من 13 مليار دولار أميركي بعد تعثّر الإنجاز، ليتم فضح صفقات فساد وتضخيم فواتير.
واستغل خليفة هذه الأموال في خلق شبكة علاقات في الجزائر وفرنسا وبريطانيا ومناطق أخرى، وعمل على الدعاية لنفسه باستغلال ممثلين مشهورين كالممثل الفرنسي جيرار ديبارديو. وشملت القضية عدداً كبيراً من الشخصيات ذات صلة بالقضية بينهم وزراء ومسؤولون، ومنهم وزير السكن الحالي عبدالمجيد تبون، ورئيس المجلس الدستوري الذي كان وزيراً للمالية السابق مراد مدلسي، والوزير السابق والرئيس السابق لحركة "مجتمع السلم" أبو جرة سلطاني، والأمين العام لاتحاد العمال عبدالمجيد سيدي السعيد، ورئيس بنك الجزائر السابق عبد الوهاب كيرمان، ورئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد روراوة. ولجأ خليفة إلى المملكة المتحدة سنة 2003 وقُبض عليه في 27 مارس/آذار 2007 في بريطانيا في إطار أمر توقيف أوروبي أصدرته محكمة فرنسية. وسلّمت السلطات البريطانية خليفة إلى الجزائر في ديسمبر/كانون الأول 2013.