حاولت عناصر من الشرطة الإيرانية، في وقتٍ متأخر من ليل الأحد، اعتقال النائب الإصلاحي في البرلمان الإيراني، محمود صادقي، لكنه رفض مرافقتهم، مفضّلاً الاعتكاف في بيته، الأمر الذي أثار جدلاً وانتقادات في الداخل الإيراني.
وفي حين لم يعلن سبب تحرّك الشرطة لاعتقال النائب الإصلاحي، أكدت الأنباء المتداولة أنه مطلوب للاعتقال بسبب اتهامه السلطة القضائية بـ"الفساد والاختلاس"، فيما تشير معطيات أخرى إلى تقدم مجموعة من الطلاب بشكوى ضده بسبب تصريحات سابقة.
ورفض صادقي مرافقة عناصر الشرطة، قبل أن يتوجّه عدد من النواب إلى بيته لدعمه، كما تجمع ما يقارب ستين شخصاً، بينهم نشطاء سياسيون، اعتراضاً على محاولة اعتقاله، ملبّين دعوة بعض الجهات الإصلاحية التي طلبت دعم النائب عن دائرة العاصمة طهران، إلى أن طلب منهم شقيقه علي صادقي فضّ التجمع، قائلاً إن "الظروف الراهنة في إيران، تتطلب هدوءاً وتحقيق الانسجام بين المواطنين".
وبحسب بعض المواقع الإيرانية المقرّبة من تيار الإصلاح، أكد صادقي أن تصريحات شقيقه الصادرة سابقاً في البرلمان، لم تكن تهدف لتشويش الرأي العام الإيراني، أو توجيه تهم لشخص بعينه، قائلاً إن "رئيس السلطة القضائية ومسؤولي الإدعاء العام، كلهم يستحقون الاحترام".
بدوره، نشر النائب محمود صادقي رسالة صوتية فجر الاثنين، شكر فيها كل من وقف إلى جانبه، ولا سيما أعضاء الهيئة الرئاسية لمجلس الشورى الإسلامي، ومنهم رئيسه علي لاريجاني، ونائبه علي مطهري، كما أثنى على موقف رئيس لجنة الأمل الإصلاحية في البرلمان، محمد رضا عارف، والذين حاولوا إلغاء قرار السلطة القضائية الموجه لعناصر الشرطة لاعتقال صادقي، الذي رأى، بدوره أيضا، أن محاولة اعتقاله تناقض للدستور الإيراني. وشدد على أنه "يسمح للنواب بإبداء وجهة نظرهم حول عمل أي مسؤول وحول أية قضية، كما لا يحق لعناصر الشرطة اعتقال أي أحد دون إذن رسمي، وفي وقت متأخر من الليل"، كما ذكر.
من ناحيتها، نقلت وكالة "أنباء فارس" عن مصدر وصفته بـ"المطلع" أنّ "قرار اعتقال صادقي جاء بناء على شكوى مقدمة من قبل طلاب جامعيين منذ عدة أشهر، إذ اتهموه بنشر الافتراءات"، مؤكداً أنه "منذ ذلك الوقت، تم إبلاغ صادقي عدة مرات بالحضور للمحكمة للرد على هذه الاتهامات، لكنه امتنع عن ذلك".
وأضاف المصدر "استناداً للقانون، تم إبلاغ الهيئة الرئاسية للبرلمان بضرورة حضور صادقي، لكنه امتنع كذلك، وبسبب كل هذا تم إرسال عناصر الشرطة إلى منزله، إلا أنه رفض مرافقتهم، وفضل تشويش الرأي العام، وإثارة البلبلة"، حسب قوله.
يذكر أن محمود صادقي هو نجل رجل الدين محمد حسين صادقي، الذي درس في الحوزة العلمية في قم، وشارك في الثورة الإسلامية الإيرانية، واعتقل في زمن الشاه البهلوي الذي خلعته الثورة، وتولى مسؤوليات عدة في الجمهورية، ومنها رئاسة محكمة الثورة، ووصل إلى مقعد في مجلس الشورى الإسلامي، إلى حين مقتله في تفجير وقع في مقر حزب "الجمهورية الإسلامية" عام 1981.
صادقي الابن من مواليد مدينة قم عام 1962، وهو سياسي إصلاحي، وأكاديمي، حاصل على شهادة الدكتوراة في الحقوق، ويترأس لجنة النقابات الإيرانية، كما كان عضوا في لجان تحكيم لعدة مؤتمرات ومهرجانات علمية، وصدرت له كتب وتحقيقات ودراسات عدة في مجال حقوق المرأة، وحقوق العائلة وحقوق انتقال ونقل التكنولوجيا والتقنيات.
كان مستشارا لوزير التعليم العالي بين عامي 2013 و2015، وهو عضو اللجنة الحقوقية للرقابة على النشر الجامعي، وعضو اللجنة الخاصة لمجموعة دراسات حقوق المرأة التابعة لجامعة تربيت مدرس المعروفة، وتولى رئاسة فرع الحقوق في الجامعة ذاتها، كما كان وكيلا قضائيا في محاكم وزارة العدل.
وخلال جلسة استجوابية برلمانية لوزير الاقتصاد، علي طيب نيا، طرح صادقي سؤالا عن الحسابات الشخصية لرئيس السلطة القضائية، صادق لاريجاني، وذلك عقب نشر بعض الجهات في الداخل الإيراني أن لدى هذا الأخير 63 حساباً مصرفياً شخصياً، تدخل إليها أموال كفالات المعتقلين والسجناء ممن يطلق سراحهم.
ورد لاريجاني أخيرا على هذه الاتهامات، قائلاً إن "الحسابات تعود للسلطة القضائية وغير مسجلة باسمه"، منتقداً دور الرئيس الإيراني، حسن روحاني، وحتى شقيقه رئيس البرلمان، علي لاريجاني، إذ احتجا على منع محاضرة لنائب هذا الأخير، علي مطهري، في مشهد، معتبرين أنه "على السلطة القضائية متابعة الموضوع، بينما لا يقفون بوجه من يوجّه تهماً وافتراءات واهية"، حسب تعبيره.