انتقلت الاتفاقات الأميركية الروسية ضد حلب وأهلها إلى مرحلة جديدة، مع تسريب وكالة "رويترز" بنوداً مما قالت إنه مسودة الاتفاق الأميركي الروسي في اجتماعات جنيف المتواصلة، بينما يحاول من تبقى من مقاتلي المعارضة الصمود في الأحياء القليلة التي لا يزالون يحتفظون بها في وجه آلة القتل العالمية التي لا يشكل النظام السوري سوى أحد فصائلها. وقالت وكالة "رويترز" مساء الأحد، إن المقترح الروسي الأميركي الذي أطلعت عليه ينص على أن "مقاتلي جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) بإمكانهم فقط الرحيل إلى إدلب، بينما على الباقين التوجه لأماكن أخرى"، وذلك في غضون 48 ساعة. وإن صحت تلك التسريبات، يكون التوافق الروسي الأميركي على تهجير من تبقى من أهل حلب قد وصل إلى ذروته، نظراً إلى أن شرط خروج مقاتلي المعارضة وعائلاتهم كان في الأساس شعار القيادة الروسية بالنيابة عن النظام والمليشيات المتحالفة معه لوقف إبادة المدينة. وفي حين لم ينفِ أي طرف، صحة مضمون مسودة الاتفاق المزعوم، اكتفى نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي بالتأكيد على أن موسكو "لم تتوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة" بشأن توفير ممر آمن لمقاتلي المعارضة السورية للخروج من حلب، مع تشديده على أن المحادثات بين الخبراء الروس والأميركيين ستتواصل في جنيف. في المقابل، جزم رئيس أركان الجيش الحر، العميد أحمد بري، في حديث لـ"العربي الجديد" بأنّ "فصائل المعارضة لم توافق بعد على الخروج من أحياء حلب الشرقية"، مشيراً إلى أنّه لا علم لهم بالاتفاق الأميركي ـ الروسي.
في هذا الوقت، في ظل عجز دولي تام عن إيقاف حملة التدمير والتهجير التي تقوم بها قوات النظام السوري ومليشيات إيران بحق مدينة حلب، بدعم جوي روسي، يواصل مقاتلو المعارضة السورية تصديهم لمحاولات قوات النظام المتكررة اقتحام مناطقهم، والسيطرة على المزيد منها، فيما يتواصل نزوح المزيد من الأهالي إلى مناطق سيطرة قوات النظام، وسط تحذيرات من اعتقالات وإعدامات ميدانية بحقهم.
ومع مرور 25 يوماً على الحملة الدموية في الأحياء الشرقية من مدينة حلب، ومع الصعوبة التي تواجهها قوات النظام في تحقيق اختراقات جديدة بالأحياء المحاصرة، لجأت هذه القوات، كعادتها في هذه الحالات، إلى استخدام الأسلحة المحرمة دولياً مثل غاز "الكلور" و"النابالم". والهدف من ذلك يتمثل في إضعاف دفاعات مقاتلي المعارضة، وبث الذعر بين الأهالي وإجبارهم على النزوح، في إطار خطط النظام لاستلام المدينة فارغة من المقاتلين والسكان.
وتواصلت، أمس الأحد، الاشتباكات العنيفة على جبهات الإذاعة وجب الجلبي وبستان القصر والمعادي، دون أن تتمكن قوات النظام من تحقيق تقدم يذكر. وأعلن مقاتلو المعارضة تدميرهم دبابة وعربة "BMP" تابعتين لقوات النظام على جبهتي الأصيلة وباب المقام، كما استولوا على دبابة بالقرب من مدرسة الصناعة الخامسة غرب دوار حي المرجة. وذكرت وكالة النظام الرسمية "سانا" أن قوات النظام سيطرت بشكل كامل على حي الأصيلة وجزء من حي كرم الدعدع، إلا أن ناشطين محليين في حلب نفوا ذلك، وأكدوا تواصل الاشتباكات في المنطقة.
وترافقت الاشتباكات أمس، مع قصف جوي بالصواريخ الفراغية والقنابل العنقودية على أحياء الأنصاري وجسر الحج وتل الزرازير والسكري، إضافة إلى قصف صاروخي ومدفعي مكثف لقوات النظام على المنطقة. وسقط صاروخ أرض-أرض على حي الإذاعة الذي تتقاسم السيطرة عليه قوات النظام والمعارضة، ما تسبب بدمار كبير في ممتلكات المدنيين. وسقط صاروخ آخر على حي الكلاسة الذي تعرض أيضاً لقصف جوي ومدفعي.
اقــرأ أيضاً
وكان طيران النظام المروحي ألقى في وقت متأخر من ليلة السبت، براميل متفجرة تحوي غاز "الكلور" السام على حي الكلاسة، ما أدى إلى حالات اختناق بين المدنيين. وقصفت المقاتلات الحربية الروسية بقنابل "النابالم" الحارق منطقة جسر الحج في مدينة حلب، بالتزامن مع قصف بالقنابل العنقودية من الطيران الحربي على الأبنية السكنية في حي الفردوس.
وتسببت الضربات الجوية باندلاع حرائق، وإصابة عدد من المدنيين، من جراء قصف جوي بالقنابل الفوسفورية فجر أمس الأحد، على أحياء الأنصاري المشهد والزبدية والكلاسة وبستان القصر وغيره، كما قُتل مدني في حي الزبدية برصاص قناص قوات النظام المتمركز في حي الإذاعة المجاور.
من جهة أخرى، أعلنت مصادر في المعارضة السورية مقتل القائد العسكري لفصائل المعارضة في الأحياء المحاصرة بمدينة حلب، أبو الوليد عقاب، إثر اشتباكات مع قوات النظام شرقي المدينة. وقال مصدر في "جبهة فتح الشام" إن "أبا الوليد عقاب، ترك التنظيم قبل مدة، وعمل بشكل مستقل، قبل أن يتم تعيينه قائداً للعمليات العسكرية لفصائل حلب قبل أيام قليلة".
وامتد القصف الجوي والمدفعي إلى ريف حلب حيث استهدفت طائرات روسية بالقنابل العنقودية بلدة كفر حمرة بريف حلب الشمالي. وقصفت مدفعية النظام وراجماته قرى: خلصة، والقراصي، والراشدين الخامسة في ريف حلب الجنوبي.
وفي محافظة إدلب، قال الناشط، جابر أبو محمد، الموجود هناك لـ"العربي الجديد"، إن "قوات النظام السوري ارتكبت مجزرة جديدة، جراء قصف جوي استهدف سوق الخضار، وسط مدينة معرة النعمان في ريف إدلب، أسفر عن مقتل سبعة مدنيين وجرح العشرات بينهم أطفال". كما قتلت سيدة وأصيب 11 آخرون جرّاء قصف الطيران الحربي بالصواريخ السوق الشعبي في مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي، فيما طاول القصف الجوي قريتي الكندة وتل مرديخ.
إعدامات لنازحين
في غضون ذلك، يتواصل نزوح المدنيين من الأحياء الشرقية المحاصرة شرقي حلب، باتجاه المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام السوري أخيراً، في شمال شرقي المدينة، وسط أنباء عن إعدامات ميدانية تقوم بها قوات النظام بحق عدد منهم واعتقال آخرين. وفي حديث لـ"لعربي الجديد"، أوضح الناشط في "مركز حلب الإعلامي"، فراس بدوي، أن السبب الرئيسي للنزوح هو تواصل القصف على الأحياء الشرقية، إضافة إلى انقطاع المياه عن معظمها، ونفاد الطعام والحد الأدنى من مقومات الحياة الطبيعية. ووصف الوضع الحالي في المنطقة الشرقية بأنه يشبه "يوم الحشر، إذ إن أعدادا كبيرة من الناس تفترش الأرض (...) ولا أفران ولا مشافي ولا طعام ولا ماء"، وفق تعبيره.
وشهدت أحياء الأنصاري والزبدية وبستان القصر حركة نزوح كبيرة نحو المناطق الشرقية والشمالية الشرقية التي تقدمت إليها قوات النظام قبل أسبوع. واقتادت قوات النظام معظم المدنيين إلى مناطق في حي الصاخور، في حين تمكن آخرون من الوصول إلى مناطق تسيطر عليها مليشيات "وحدات حماية الشعب" الكردية في حي الشيخ مقصود محيطه.
وفي هذا السياق، أكد مصدر محلي لـ"العربي الجديد" أن قوات النظام أقدمت على إعدام عدد من المدنيين بعد وصولهم لمناطق سيطرتها شرقي حلب، وتركت جثثهم قرب جامع الخيرات بحي الصاخور. وأضاف أن "من بين الذين قامت قوات النظام بإعدامهم مؤذن جامع سد اللوز في حي الشعار، محمد أبو الورد، وهو أحد منشدي الثورة السورية وذلك بعدما قام بتسليم نفسه مع عائلته عند وصوله إلى حي الصاخور، في وقت لم يتضح فيه مصير بقية العائلة". وأوضح المصدر أنه تم اقتياد عدد من الشبان نحو مناطق سيطرة قوات النظام غرب حلب، لتجنيدهم على الأرجح للقتال في صفوف قوات نظام بشار الأسد.
وكان الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، أعلن أن مركز حميميم الروسي الواقع في اللاذقية "أمّن خروج زهاء 8 آلاف مدني عبر الممرات الآمنة في حي المغاير". وذكر أن "جميع المدنيين الذين نزحوا عن مناطق القتال، وُزعوا على المراكز الإغاثية". وتقول وزارة الدفاع الروسية أن أكثر من 78 ألف مدني خرجوا من شرقي حلب منذ انطلاق العمليات العسكرية في المنطقة. من جهتها، ذكرت مصادر قوات النظام أنه خرج خلال الساعات الأخيرة نحو أربعة آلاف مدني عبر معابر دوار قاضي عسكر ودوار باب النيرب والعزيزة وباب الحديد في القسم الجنوبي من أحياء مدينة حلب الشرقية.
اقــرأ أيضاً
وتواصلت، أمس الأحد، الاشتباكات العنيفة على جبهات الإذاعة وجب الجلبي وبستان القصر والمعادي، دون أن تتمكن قوات النظام من تحقيق تقدم يذكر. وأعلن مقاتلو المعارضة تدميرهم دبابة وعربة "BMP" تابعتين لقوات النظام على جبهتي الأصيلة وباب المقام، كما استولوا على دبابة بالقرب من مدرسة الصناعة الخامسة غرب دوار حي المرجة. وذكرت وكالة النظام الرسمية "سانا" أن قوات النظام سيطرت بشكل كامل على حي الأصيلة وجزء من حي كرم الدعدع، إلا أن ناشطين محليين في حلب نفوا ذلك، وأكدوا تواصل الاشتباكات في المنطقة.
وترافقت الاشتباكات أمس، مع قصف جوي بالصواريخ الفراغية والقنابل العنقودية على أحياء الأنصاري وجسر الحج وتل الزرازير والسكري، إضافة إلى قصف صاروخي ومدفعي مكثف لقوات النظام على المنطقة. وسقط صاروخ أرض-أرض على حي الإذاعة الذي تتقاسم السيطرة عليه قوات النظام والمعارضة، ما تسبب بدمار كبير في ممتلكات المدنيين. وسقط صاروخ آخر على حي الكلاسة الذي تعرض أيضاً لقصف جوي ومدفعي.
وكان طيران النظام المروحي ألقى في وقت متأخر من ليلة السبت، براميل متفجرة تحوي غاز "الكلور" السام على حي الكلاسة، ما أدى إلى حالات اختناق بين المدنيين. وقصفت المقاتلات الحربية الروسية بقنابل "النابالم" الحارق منطقة جسر الحج في مدينة حلب، بالتزامن مع قصف بالقنابل العنقودية من الطيران الحربي على الأبنية السكنية في حي الفردوس.
وتسببت الضربات الجوية باندلاع حرائق، وإصابة عدد من المدنيين، من جراء قصف جوي بالقنابل الفوسفورية فجر أمس الأحد، على أحياء الأنصاري المشهد والزبدية والكلاسة وبستان القصر وغيره، كما قُتل مدني في حي الزبدية برصاص قناص قوات النظام المتمركز في حي الإذاعة المجاور.
من جهة أخرى، أعلنت مصادر في المعارضة السورية مقتل القائد العسكري لفصائل المعارضة في الأحياء المحاصرة بمدينة حلب، أبو الوليد عقاب، إثر اشتباكات مع قوات النظام شرقي المدينة. وقال مصدر في "جبهة فتح الشام" إن "أبا الوليد عقاب، ترك التنظيم قبل مدة، وعمل بشكل مستقل، قبل أن يتم تعيينه قائداً للعمليات العسكرية لفصائل حلب قبل أيام قليلة".
وامتد القصف الجوي والمدفعي إلى ريف حلب حيث استهدفت طائرات روسية بالقنابل العنقودية بلدة كفر حمرة بريف حلب الشمالي. وقصفت مدفعية النظام وراجماته قرى: خلصة، والقراصي، والراشدين الخامسة في ريف حلب الجنوبي.
وفي محافظة إدلب، قال الناشط، جابر أبو محمد، الموجود هناك لـ"العربي الجديد"، إن "قوات النظام السوري ارتكبت مجزرة جديدة، جراء قصف جوي استهدف سوق الخضار، وسط مدينة معرة النعمان في ريف إدلب، أسفر عن مقتل سبعة مدنيين وجرح العشرات بينهم أطفال". كما قتلت سيدة وأصيب 11 آخرون جرّاء قصف الطيران الحربي بالصواريخ السوق الشعبي في مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي، فيما طاول القصف الجوي قريتي الكندة وتل مرديخ.
إعدامات لنازحين
في غضون ذلك، يتواصل نزوح المدنيين من الأحياء الشرقية المحاصرة شرقي حلب، باتجاه المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام السوري أخيراً، في شمال شرقي المدينة، وسط أنباء عن إعدامات ميدانية تقوم بها قوات النظام بحق عدد منهم واعتقال آخرين. وفي حديث لـ"لعربي الجديد"، أوضح الناشط في "مركز حلب الإعلامي"، فراس بدوي، أن السبب الرئيسي للنزوح هو تواصل القصف على الأحياء الشرقية، إضافة إلى انقطاع المياه عن معظمها، ونفاد الطعام والحد الأدنى من مقومات الحياة الطبيعية. ووصف الوضع الحالي في المنطقة الشرقية بأنه يشبه "يوم الحشر، إذ إن أعدادا كبيرة من الناس تفترش الأرض (...) ولا أفران ولا مشافي ولا طعام ولا ماء"، وفق تعبيره.
وفي هذا السياق، أكد مصدر محلي لـ"العربي الجديد" أن قوات النظام أقدمت على إعدام عدد من المدنيين بعد وصولهم لمناطق سيطرتها شرقي حلب، وتركت جثثهم قرب جامع الخيرات بحي الصاخور. وأضاف أن "من بين الذين قامت قوات النظام بإعدامهم مؤذن جامع سد اللوز في حي الشعار، محمد أبو الورد، وهو أحد منشدي الثورة السورية وذلك بعدما قام بتسليم نفسه مع عائلته عند وصوله إلى حي الصاخور، في وقت لم يتضح فيه مصير بقية العائلة". وأوضح المصدر أنه تم اقتياد عدد من الشبان نحو مناطق سيطرة قوات النظام غرب حلب، لتجنيدهم على الأرجح للقتال في صفوف قوات نظام بشار الأسد.
وكان الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، أعلن أن مركز حميميم الروسي الواقع في اللاذقية "أمّن خروج زهاء 8 آلاف مدني عبر الممرات الآمنة في حي المغاير". وذكر أن "جميع المدنيين الذين نزحوا عن مناطق القتال، وُزعوا على المراكز الإغاثية". وتقول وزارة الدفاع الروسية أن أكثر من 78 ألف مدني خرجوا من شرقي حلب منذ انطلاق العمليات العسكرية في المنطقة. من جهتها، ذكرت مصادر قوات النظام أنه خرج خلال الساعات الأخيرة نحو أربعة آلاف مدني عبر معابر دوار قاضي عسكر ودوار باب النيرب والعزيزة وباب الحديد في القسم الجنوبي من أحياء مدينة حلب الشرقية.