تحوّل في الاعتداءات
في أبريل/نيسان الماضي، ظهرت بوادر استهداف عناصر "داعش" للمصريين المسيحيين. وبحسب ما رصده مراسل "العربي الجديد" في القاهرة، فإن البيانات المنسوبة لتنظيم "داعش" بدأت تتخذ منحى جديداً، يتمثل في التوجّه لأن تشمل الاعتداءات في العاصمة المصرية، استهداف الكنائس والمسيحيين، لضرب النظام من خلالهم، على اعتبار أن العمليات المسلحة ضد قوات الجيش والشرطة في سيناء، التي يقودها فرع التنظيم هناك "ولاية سيناء"، لا يمكن أن تُحدث ضغطاً على النظام الحالي أو تزعزع مركزه، ولذلك لا بد من توجيه ضربات في المركز بعمليات تُحدث، إلى جانب الخسائر في الأرواح، ضجّة كبيرة.
وفي هذا السياق، رأى مراقبون أن العمليات في القاهرة، محاولة لتخفيف الضغط على سيناء، وإرباك الأجهزة الأمنية المعنية بملف مواجهة الجماعات الإرهابية. ولكن هذا الاتجاه، علّق عليه باحث في شؤون الحركات الإسلامية، بقوله إن "العمليات في سيناء وطبيعة المواجهة هناك تختلف عن القاهرة، وبالتالي لا مجال للربط بين الأمرين". وأضاف الباحث، أن "العمليات في سيناء تتصدّى لها قوات الجيش في المقام الأول، بمشاركة بسيطة من أفراد الشرطة، والمنطقة هناك تُعتبر معزولة عن العاصمة، ولذلك الانعكاس والتأثير قليل للغاية".
واعتبر أن وجهة النظر بمحاولة عناصر "داعش" تخفيف الضغط على سيناء، "أمر غير منطقي في تحليل استراتيجية التنظيم في عملياته بالقاهرة، فهو يريد الضرب في المركز بقوة لإحداث أكبر تأثير، مع استمرار عمليات "ولاية سيناء" ضد الجيش هناك". وأشار إلى أن هناك رؤية جديدة حول استهداف المسيحيين من قبل "داعش"، سواء في سيناء أو خارجها، إذ قتل عناصر "ولاية سيناء" رجال دين مسيحيين، وفي القاهرة تم تفجير كنيسة.
الثغرات الأمنية
الثغرات الأمنية المصرية، تظل حاضرة في أغلب أعمال العنف والتفجيرات ومحاولة اغتيال شخصيات عامة، في ظل عدم القدرة على مواجهة المجموعات التي تعمل في إطار القاهرة الكبرى، بشكل أساسي. ومن وقت لآخر، تعلن الأجهزة الأمنية تفكيك وكشف خلايا إرهابية، في ظل الاعتماد على أساليب قديمة في مواجهة هذه المجموعات. ويعتبر مراقبون، أن عملية تفجير الكنيسة، تنطوي على تخطيط وتنفيذ دقيقين، بما أن مكان الكنيسة من أكثر المناطق التي تشهد تشديداً أمنياً، وهو ما يعني رصد المكان بشكل دقيق على فترات طويلة، لاختيار توقيت التنفيذ. ويعكس الاعتداء، إذا صحت رواية التنظيم، وجود قدر كبير من تدريب وقدرة خلية "داعش" على التخفّي وسط هذا الكمّ الهائل من سكان القاهرة، أو على الأقل حرية الحركة من مناطق قريبة من العاصمة والعودة إلى مركزهم مرة أخرى. ويذهب مراقبون إلى أن تراجع العمليات التي ينفذها "داعش" لا يعني القضاء عليها، ولكن ربما كان الاختفاء اختياراً لخدمة أهداف معينة، خصوصاً أن خيوط عملية مقتل رجال المباحث في حلوان وتورط ضباط شرطة، كان يمكن أن تهدد عمل مجموعة "داعش" في القاهرة.