يواجه مشروع "التسوية" في العراق، الذي طرحه رئيس "التحالف الوطني" عمار الحكيم مشاكل حقيقية قد تنذر بفشل تحقيقه، تتلخص في محاولات ومساع حثيثة من كتل سياسية لتقييد عمل الأمم المتحدة، وفرض شروط عليها، حيث تتولى الأخيرة التقريب بين الأطراف السياسية داخل العراق والمعارضة (منها الموجودة خارجه)، وهو ما رفع احتمالات فشل المشروع.
وقال مسؤول قريب من التحالف الوطني لـ"العربي الجديد"، إنّ "كتلا داخل التحالف وضعت شروطا تعجيزية أمام بعثة الأمم المتحدة في موضوع التسوية، من خلال رفضها فتح قنوات اتصال مع شخصيات مهمة وفعالة، يمكن من خلال إشراكها إنجاح المشروع بشكل واقعي على الأرض".
وبيّن المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه أنّ " كتلاً في التحالف، وأبرزها كتلة نوري المالكي وكتلة بدر ومستقلون والفضيلة، وضعت خطوطا حمرا على شخصيات وجهات سياسية عدة، لأسباب ودوافع شخصية وبعضها طائفية واضحة".
وأشار إلى أنّ "الأمم المتحدة تعمل على خط التسوية، بناء على طلب من التحالف الوطني الحاكم، لكن عوائق الكتل الأخرى في وضع خطوط حمراء على أغلب جهات المعارضة للعملية السياسية، تجعل من المواصلة في المشروع مستحيلة، كونه لو تم تجاوزهم، سيجعل من مشروع التسوية مجرد حبر على ورق، لا يختلف عن مشاريع سابقة" وفقا لقوله.
وأكد المصدر نفسه، أنّ "تلك الكتل حذرت عمار الحكيم من مغبة تجاوزها، وعدم الأخذ بشروطها، ملوحة بانسحابها من التسوية ورفضها في موقف رسمي مشترك، ووضعت شروطا على تحرّكات الأمم المتحدة وقدمتها للحكيم".
وأضاف أنّ "الحكيم وعد الكتل بدراسة شروطها، وأنّه سيلتقي بممثل الأمم المتحدة ويضع أمامه تلك الشروط، لأخذها بنظر الاعتبار".
من جهته، حذّر ائتلاف المالكي، رئيس التحالف الوطني، من "تقديم تنازلات إضافية ضمن مشروع التسوية، ما قد يؤدي إلى تحويل الأغلبية إلى أقلية".
وقال النائب عن الائتلاف، جاسم محمد جعفر، في تصريح صحافي، إنّ "الكتل السياسية الأخرى اتخذت من وثيقة التسوية السياسية مادة للسخرية، حيث طرح المكون السني وثيقة جديدة بنفس المسمى، بينما يناقش التحالف الكردستاني وثيقة أخرى، الأمر الذي جعل من الوثيقة الرئيسة عبثية وعديمة الفائدة".
وحذّر جعفر التحالف الوطني، من "خطورة الرضوخ للضغوط السياسية، وتحويل الأغلبية إلى أقلية"، مشيراً إلى أنّ "التحالف تعجّل بطرح المبادرة، وكان عليه التمهّل بطرحها، إلى ما بعد الانتخابات، لأجل فرز قيادة جديدة للمكون السني، تكون قادرة على مجابهة داعش بدل موالاته، كما تفعل القيادات الآن".
على الجانب الآخر، رجّحت كتلة "المواطن"، التي يتزعمها عمار الحكيم، "إخفاق مشروع التسوية التاريخية، بسبب ما تواجهه من رفض من قبل الكتل السياسية".
وقال النائب عن الكتلة، عمار الفايز، في تصريح صحافي، إنّ "صعوبات كبيرة تواجه مشروع التسوية، الأمر الذي قد يدفع باتجاه تأجيل تطبيقها في الوقت الحالي، حتى تتوفر الأرضية المناسبة لتطبيقها، وتوافق الكتل بشأنها".