طاولت الانتقادات التي وُجّهت الى أداء الدبلوماسية التونسية في قضية اغتيال الشهيد محمد الزواري على يد الموساد الإسرائيلي، وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، وشملت شخصه ومسيرته المهنية، بحيث اعتبره شقٌّ من نواب المعارضة رمزاً للتطبيع مع الكيان الصهيوني، باعتباره ترأس مكتب الاتصال مع الكيان الصهيوني في حقبة الرئيس المخلوع بن علي.
ولكن الجهيناوي دافع عن نفسه وعن وزارته، مذكراً بأن الظرف التاريخي والعمل على حل القضية الفلسطينية، كان يستوجب الإبقاء على خط اتصال مع إسرائيل.
وكان رئيس الكتلة الديمقراطية سالم لبيض قد طلب، في مداخلته، من وزير الخارجية الاستقالة من منصبه، أو سحب الثقة منه من طرف النواب، مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بوزير "مطبع"، على حد تعبيره، وأن بقاءه على رأس الخارجية رسالة سياسية في حد ذاتها، تطرح عدة تساؤلات حول من يقود السياسة الخارجية للبلاد.
وترددت الاتهامات بالتطبيع للجهيناوي على ألسنة نواب المعارضة، فيما ذهب نواب حزب "النداء" إلى الدفاع عنه واعتبار من يتهمونه قد وقعوا في المزايدات السياسية والشعوبية ليس أكثر.
وبدا الجهيناوي، خلال مداخلته أكثر حزماً في الرد عمّن اتهموه بالتطبيع، ورغم تكرر هذه الاتهامات إلا أن الوزير رد لأول مرة عليها، قائلاً إن من اتهمه بالتطبيع قد "نسي التاريخ والظروف المحيطة بفتح مكتب اتصال لدى إسرائيل" وأنه لا يمكن "المزايدة بالحس الوطني والإيمان بالقضية الفلسطينية العادلة وتوزيعه على أشخاص دون آخرين" معبّراً عن خشيته من أن يكون اتهامه بالتطبيع من قبيل المزايدة السياسية والتشويه ليس أكثر.
وأوضح الجهيناوي أنه لم يكن موجوداً بالكيان الصهيوني في إطار التطبيع، وإنما في إطار مساعي الدولة التونسية آنذاك لإيجاد حل تقوم على أساسه دولة فلسطينية مستقلة، وباطلاع القيادات الفلسطينية التي كانت على علم بذلك، منبّهاً إلى أنه تم إيقاف مكتب الاتصال وإغلاقه، وفتح سفارة لتونس في غزة، وهو ما نسجت على أثره عدة دول عربية.
وفي السياق، أعلن وزير الخارجية التونسي أن تونس قدمت في إطار ترؤسها للمجموعة العربية بالأمم المتحدة قراراً لمجلس الأمن يدين الاستيطان الإسرائيلي ورفع الوصاية على الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن القرار عُرض على مجلس الأمن بالتزامن مع انعقاد الجلسة العامة بالبرلمان التونسي، حول قضية التطبيع.
إلى ذلك، تابع وزير الخارجية أن "الدبلوماسية التونسية قد بدأت فعلاً في العمل على ملف اغتيال الشهيد محمد الزواري، حيث انطلقت البعثات في الخارج في جمع المعطيات ورصد المقالات والتصريحات التي تثبت تورط أو اعتراف أي طرف أجنبي في الاغتيال، واتصلت بالجهات الأجنبية المعنية لمساعدة الأبحاث، وتسهيل عمل وزارتي الداخلية والعدل في تعقب الجناة والحصول على معطيات مفيدة، وتهيئة الظروف لطلبات المساعدة القضائية". كما اتصلت الوزارة بالشرطة الفلسطينية لتقديم كل المعطيات المتوفرة لديها في إطار الأبحاث.