في فرصة أخيرة لرسم الخطوط العريضة لعملية السلام في الشرق الأوسط، يعرض وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في خطاب اليوم الأربعاء، رؤية إدارة الرئيس باراك أوباما، لاتفاق نهائي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مستفيداً من الدروس "المرة"، بعد فشل مساعيه عام 2014.
وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، نقلاً عن مسؤول رفيع المستوى في الخارجية الأميركية، أنّ كيري كان ينوي إلقاء خطابه هذا، الخميس الماضي، قبيل موعد التصويت على مشروع القرار في مجلس الأمن، لكنّه تراجع عن ذلك صباح اليوم التالي، بعدما طلبت مصر بضغط من نتنياهو، تأجيل التصويت، وذلك غداة تلقّي الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالاً من ترامب بطلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وأضاف المسؤول ذاته أن كيري يعرض خطابه من أجل "التصدّي لبعض الانتقادات المضللة"، رداً على الحملة الإسرائيلية الأخيرة على أوباما، على خلفية امتناع واشنطن عن استخدام حق النقض (الفيتو) خلال التصويت على مشروع قرار مجلس الأمن 2334 لإدانة الاستيطان.
وبينما ينهي كيري مهامه كوزير للخارجية الأميركية في غضون ثلاثة أسابيع، يعتبر خطابه اليوم، جولة أخيرة من فصول العلاقة المتوترة بين أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في وقت يتحضر الرئيس المنتخب دونالد ترامب للدخول إلى البيت الأبيض، في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل.
وكشف المسؤول عن أنّ كيري سيؤكد في خطابه على أنّ التصويت على القرار 2334 لم يكن "غير مسبوق"، مشيراً في الوقت عينه، إلى أنّ موقف أوباما لا يعني "التخلّي" عن إسرائيل، لافتاً إلى أنّ وزير الخارجية سيعرض في خطابه حالات سمح خلالها مسؤولون في واشنطن بتصويت مماثل في عهد الرؤساء السابقين.
المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، قال إنّ كيري سيشير في خطابه، إلى أنّه، باستثناء موقف إسرائيل، كان هناك "إجماع دولي كامل"، ضد إقامة مستوطنات إسرائيلية في مناطق قد تكون موضع المفاوضات في نهاية المطاف.
وأوضح أنّ كيري لطالما رغب في إلقاء خطاب يرسم اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني، لكنّه كان يتراجع تحت ضغط مسؤولي البيت الأبيض، الذين كانوا يعتبرون خطوة كهذه "غير ضرورية"، قد تثير غضب نتنياهو.
لكّن البيت الأبيض، بحسب المسؤول، أعطى الضوء الأخصر في هذا التوقيت لإلقاء الخطاب، بعدما اتفق كيري وأوباما، الأسبوع الماضي، على أنّ الوقت "قد حان"، للامتناع عن استخدام الفيتو أمام قرار مجلس الأمن، والذي شكّل فجوة لعلّها الأكبر، في تاريخ العلاقات الأميركية الإسرائيلية المتينة.
وستتضمن خطة كيري التي يعرضها في خطابه، والتي يعتبر اقتراح حل الدولتين مفتاحاً أساسياً لها، ضرورة تركيز محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية على النقاط التي شكلت موضع الخلاف، وعطّلت عقوداً من محاولات التفاوض، وأبرز هذه النقاط: أين سترسم الحدود، كيف يتم تحقيق الأمن، وضع مدينة القدس، كيفية التعامل مع الاعتراف المتبادل بدولتين إسرائيلية وفلسطينية، كلتاهما مليئة بالألغام، فضلاً عن تضمين الخطاب "كلمات رمزية" عن الأمور التي تعني الطرفين، وكانت سبباً على مدى السنين في تصلب المواقف.
وخلال الأسابيع الثلاثة المتبقية لكيري في مهامه، فإنّ الولايات المتحدة، بحسب المسؤول، لا تتوقع مزيداً من إجراءات الأمم المتحدة ضد إسرائيل، تزامناً مع طرح خطته.
ومع اختيار هذا الموعد المتأخر لطرح خطته، قبيل أسابيع من تنصيب ترامب الذي وقف إلى جانب إسرائيل في وجه الأمم المتحدة على خلفية قرار مجلس الأمن، فليس واضحاً ما سيحققه خطاب كيري، باستثناء وضع خطوط عريضة لمجموعة من المبادئ، يعتقد أنّها قد تشكل أساساً للمحادثات، إذا ما اتفق على استئنافها يوماً ما.
يذكر أنّ الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، ألقى خطاباً مماثلاً في نهاية ولايته الرئاسية، بعد انهيار محادثات كامب دايفيد.