لم يكن أكثر المتفائلين يتوقعون أن يتم اختيار المستشار حسام عبد الرحيم، رئيس محكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى في العام القضائي 2014-2015، وزيراً للعدل، خاصة بعد الكلمة المليئة بالأخطاء اللغوية والنحوية التي ألقاها أمام الرئيس، عبد الفتاح السيسي، خلال زيارته لدار القضاء العالي في يناير/ كانون الثاني 2015 في حفل عيد القضاء.
وكانت كلمة عبدالرحيم، التي ألقاها حينها، قد أثارت عاصفة من السخرية والانتقادات، سواء على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، أم في أروقة المحاكم، بسبب كلماتها الملتبسة، و"خرقها" لقواعد النحو والصرف، و"اعتدائها" على النصوص الدينية المأثورة، خاصة بعدما تلا، بصورة خاطئة، الآية القرآنية: "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة"، والتي ختمها بعبارة: "صدق رسول الله العظيم".
وعيّن عبد الرحيم خلفاً للوزير المقال أحمد الزند، بعد منافسة شرسة مع النائب الحالي لرئيس محكمة النقض، عادل الشوربجي، والذي يحظى بشعبية واسعة في أوساط القضاء، إلاّ أن علاقته السابقة بـ"تيار استقلال القضاء" رجحت كفة عبدالرحيم، المعروف في أوساط القضاء بسرعة غضبه، وقلة أصدقائه، وتأييده الشديد للنظام.
ولعبد الرحيم سجل حافل بالقرارات التي أصدرها انتصاراً للنظام الحالي ضدا في تقاليد القضاء واستقلاله، فهو صاحب حكم عزل النائب العام الأسبق، طلعت عبدالله، بسبب مخالفات مالية مزعومة، تتمثل في عدم إجراء مناقصة لترسية عملية تركيب كاميرات مراقبة في محيط مكتبه بدار القضاء.
اقرأ أيضا: رجل جمال مبارك وزيرا لمالية مصر
التهمة التي حكم بموجبها عبد الرحيم على عبد الله اعتبرها كثيرون مجرد ذريعة لإبعاده عن القضاء، لقبوله منصب النائب العام في عهد الرئيس المعزول، محمد مرسي، في إطار الحرب على قضاة الاستقلال والمقربين من "الإخوان".
وفي إطار هذه الحرب، أيضاً، كان الوزير الجديد صاحب قرار إحالة معظم "قضاة تيار الاستقلال" إلى المحاكمة التأديبية، بعضهم في القضية المعروفة إعلامياً بـ"قضاة بيان رابعة"، والبعض الآخر بتهمة المشاركة في تأسيس مجموعة "قضاة من أجل مصر" والانتماء إليها، كما كان صاحب قرار رفع الحصانة عن القاضي السابق حسن النجار، محافظ الشرقية في عهد مرسي، تمهيداً لاتهامه ومحاكمته، ثم معاقبته بالحبس، بتهمة التظاهر في ضاحية مدينة نصر العام الماضي.
ووزير العدل الجديد هو أحد من شاركوا في إصدار قرار مجلس القضاء الأعلى، القاضي بإلغاء اختبارات وتعيينات النيابة العامة التي جرت قبل أحداث 30 يونيو/ حزيران 2013، بحجة انتماء عدد من المقبولين وأقاربهم لجماعة "الإخوان"، وإعادة التحريات الأمنية بشأنهم، وعدم قبول المئات من أبناء البسطاء بهذه الحجة، ما نتج عنه تعيين دفعة لا تقل نسبة أبناء القضاة فيها عن 50%.
ورغم كل هذه الوقائع، التي تعكس انتماءات وزير العدل الجديد، إلاّ أن المخاوف تسيطر على القضاة التابعين والمؤيدين للزند، بسبب طبيعة عبدالرحيم الصارمة المختلفة عن أسلوب تعامل سلفه مع المقربين منه، وميله للانفراد باتخاذ القرارات أو إشراك عدد محدود من مستشاريه فيها.
ويرى المتابعون أن هذه الصفات قد تؤدي إلى اتخاذ عبدالرحيم قرارا بإبعاد عشرات القضاة الذين انتدبهم الزند للعمل بديوان وزارة العدل، والجهات المعاونة للقضاء، كترضية لهم وضماناً لولائهم، بحيث استحدث لهم مناصب ومسميات وظيفية ودرجات مالية جديدة، وهو ما لا يحتاج إليه عبدالرحيم حالياً، ما يهدد باندلاع أزمة داخل الوزارة.
اقرأ أيضا: التعديل الحكومي بمصر: 10 حقائب والإبقاء على الداخلية والتجارة