تكشف مصادر مصرية مطلعة على ملف التحقيقات بشأن مقتل الباحث الإيطالي في القاهرة جوليو ريجيني مطلع العام الحالي، أن فريق التحقيق الإيطالي "استقر في يقينه أن مقتل الباحث تم على أيدي أفراد بجهاز أمني"، فيما يأتي تأكيد وزير الداخلية الإيطالي أنجيلينو ألفانو، أمس الأحد، أن المحققين المصريين "راجعوا موقفهم" وقرروا تمديد التحقيق في القضية، لينسف بشكل نهائي صحة الرواية التي روجّت لها وزارة الداخلية المصرية عن مقتل ريجيني على يد "تشكيل عصابي" تمت تصفية جميع أفراده. وهي الرواية التي رفضتها السلطات الإيطالية فور صدورها فضلاً عن التشكيك فيها من قبل المصريين.
ووفقاً للمصادر، فإن فريق التحقيق الإيطالي المتواجد بالقاهرة، يضم أفراداً عملوا في وقت سابق على جرائم متعلقة بالإرهاب. وتلفت المصادر إلى أنّ التقرير الأوّلي الذي أعدّوه عن ملابسات الجريمة أكد أن أسلوب التعذيب الذي تعرض له ريجيني هو أسلوب لا تقوم به سوى أجهزة أمنية لانتزاع اعترافات من متهمين. ونفت المصادر صحة ما أثارته وسائل إعلام مصرية، نقلاً عن وزارة الداخلية، أن استهداف ما يسمى بـ"تنظيم سرقة الأجانب في مصر بالإكراه" قبل أيام تمّ بالتنسيق مع فريق البحث الإيطالي، مشددة على أن هذا الأمر عارٍ تماماً من الصحة.
وكانت وزارة الداخلية المصرية قد أعلنت في وقت سابق قيامها بتصفية 5 أشخاص قالت إنهم كوّنوا تشكيلاً عصابياً استهدف سرقة الأجانب بالإكراه، وأن أعضاء هذا التشكيل العصابي متورطون في قتل ريجيني. لكن هذه الرواية استقبلتها أوساط رسمية وبرلمانية مصرية باستهجان شديد. كما هاجمتها وسائل الإعلام الإيطالية، واصفةً إعلان الداخلية المصرية بأنه "محاولات حقيرة لتدنيس الحقيقة".
وبعدما أعلنت إيطاليا عن رفضها لسيناريو مقتل الباحث الإيطالي على يد عصابة إجرامية، أعلن وزير الداخلية الإيطالي أن المحققين المصريين "راجعوا موقفهم" وقرروا تمديد التحقيق.
وقال الوزير الإيطالي، في مقابلة نشرتها صحيفة "كورييري ديلا سيرا"، أمس الأحد، "أمام حزمنا في السعي إلى الحقيقة، وافق المصريون بعد ساعات على مراجعة موقفهم وأطلعونا أن تحقيقاتهم لا تزال جارية". وشدد ألفانو على "ضرورة مشاركة محققينا مباشرة (في التحقيق) والمساهمة في الاستجوابات وأعمال التدقيق التي يجريها الزملاء في القاهرة. نظرتنا ضرورية". وتابع "أكرر لذوي جوليو والمواطنين أن الحكومة الإيطالية ستتوصل إلى أسماء القتلة".
في غضون ذلك، تشير مصادر رسمية مصرية إلى أن وزير الداخلية أصدر قراراً غير معلن تم تعميمه على كافة مديريات الأمن على مستوى الجمهورية، طالب فيه أفراد الشرطة بضرورة عدم التعامل مع أي أجنبي يتم ضبطه في أي مخالفة قانونية، وإبلاغ مكتب الوزير مباشرة عقب القبض عليه دون التعرض له بأي شكل من الأشكال. يأتي هذا في الوقت الذي أكد فيه المحامي المصري محمد السيد، الذي كان يقيم مع ريجيني في مسكنه بالقاهرة، في تصريحات أدلى بها لصحيفة "لا ستامبا" أن الحقيبة التي أظهرتها أجهزة الأمن المصرية وقالت إنها عثرت عليها بمنزل أحد الأشخاص الخمسة الذين قامت بتصفيتهم، لا تخص ريجيني، وأنه لم يرها معه طوال فترة إقامتهما معا. كما أن النظارة الشمسية التي ظهرت وسط مقتنيات ريجيني ليست خاصة به، مضيفاً أن قطعة الحشيش التي ظهرت وسط مقتنيات الباحث تم دسّها من جانب أجهزة الأمن المصرية للتأكيد على أنه كان يتعاطى المخدرات لتثير الشبهات حوله، إلا أن تقرير تشريح جثمان ريجيني الصادر في إيطاليا أثبت أنه لم يكن يتعاطى أي مواد مخدرة.