تأكد ظهر اليوم، الأربعاء، وصول المجلس الرئاسي للحكومة المقترحة من البعثة الأممية إلى مقر القاعدة البحرية بطرابلس قادماً من تونس عبر البحر.
ووصل المجلس برئيسه وبقية أعضائه باستثناء العضوين المنسحبين عمر الأسود وعلي القطراني.
وتشير كل المعلومات المتقاطعة إلى أن المجلس تحرك من تونس إلى القاعدة البحرية في طرابلس عبر قطعة بحرية، لا يعرف إن كانت تونسية أو غربية، في الوقت الذي تؤكد فيه مصادر من المجلس أن الباخرة ليبية، بعد أن استحال سفره إلى العاصمة الليبية جوّاً، بسبب إقفال المجال الجوي أمام محاولات سابقة، وتشديد حكومة طرابلس للإجراءات الأمنية على المطار.
وقالت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، إن فائز السراج وفريقه فقط سافروا بحراً إلى ليبيا، عبر قطعة بحرية، في حين سافر بقية أعضاء المجلس براً إلى طرابلس عبر بوابة رأس جدير.
وأضافت أن إطلاق النار المكثف الذي سُجِّل في العاصمة، أمس، كان بسبب الإيحاء بأن المجلس سيسافر جواً إلى ليبيا، وقالت إن حالة من الهدوء الحذر تسيطر الآن على طرابلس.
وقال المجلس الرئاسي الليبي على صفحته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي إن "المجلس وصل طرابلس على متن زورق البحرية الليبية (السدادة) يرافقه عدد من القطع البحرية الليبية للتأمين والحماية".
وبمناسبة بداية عمل المجلس الرئاسي من العاصمة، أكد رئيس المجلس فائز السراج في تصريح صحافي، أن المجلس "سيعمل على توحيد مؤسسات الدولة الليبية، وتنفيذ حزمة من التدابير العاجلة للتخفيف من معاناة المواطنين الأمنية والاقتصادية، والإسراع في إنجاز ملف المصالحة الوطنية وجبر الضرر"، مضيفاً أنه "آن الأوان لنعمل معاً كليبيين من أجل ليبيا، وطي صفحة الأمس والنظر إلى المستقبل بروح متسامحة واثقة في الله، فليبيا لليبيين جميعاً، والانتقام والإقصاء والتشفي والحقد لا يبني دولة ولا يقيم أمة".
وكان في استقبال المجلس الرئاسي، لدى وصوله طرابلس، وزير الداخلية السيد عارف الخوجة، ورئيس لجنة الترتيبات الأمنية العميد ركن عبد الرحمن الطويل من أعضاء اللجنة، كما كانت في الاستقبال مجموعة من الضباط.
وكشف رئيس لجنة الترتيبات الأمنية العقيد عبد الرحمان الطويل، أن توفّق المجلس في الدخول إلى طرابلس جاء بعد ترتيبات طويلة جداً، انطلقت منذ أكثر من سنة ونصف السنة، وتم منع دخول المجلس عن طريق حكومة طرابلس مرات عديدة، خصوصاً جواً، وتابع "لذلك اخترنا طريق البحر عن طريق البحرية الليبية وبالتعاون والتنسيق مع وزارة الدفاع التونسية"، نافياً تدخل قوات أجنبية في ذلك.
وشدّد الطويل في تصريحات صحافية، على أن الجيش والشرطة وتشكيلات مسلحة كثيرة ستتولى تأمين المجلس، وهي مجهّزة بالكامل.
وأكد الطويل أن القاعدة البحرية ستكون مقر المجلس والحكومة، لغاية تسلّمها المقرات الرسمية.
وأشار إلى أن "أغلب الليبيين يساندون حكومة الوفاق، وفي الوقت الحالي لا وجود لردود فعل أو احتجاجات".
وأشار إلى أن بعض أعضاء المجلس دخلوا سابقاً إلى طرابلس وتحدثوا مع بعض الأطراف على الأرض وتنقلوا بكل حرية وأمان.
وقال المستشار الإعلامي للمجلس الرئاسي فتحي بن عيسى، على صفحته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، "رغم حملات التشكيك والاستهزاء وبث الأراجيف، فإن السراج متوكل على الله وعاقد العزم على أن يفي بوعده، وأنه بعد أن حاولنا ليلاً يبدو أننا سنحاول نهاراً".
وأضاف بن عيسى، ظهر اليوم الأربعاء، في حوار مع قناة ليبية، أن المجلس وصل طرابلس في وضح النهار، وكان مصراً على عدم إراقة دماء الليبيين أثناء هذه العملية، وفق شروط لجنة الترتيبات الأمنية.
وأكد بن عيسى أن المجلس وصل إلى ليبيا عبر باخرة ليبية وليس إيطالية، كما يروج بعضهم، حتى تسقط كل التأويلات حول وصول "السراج على ظهر دبابة أجنبية".
وتابع بن عيسى أنه يتم تأمين الحكومة من تشكيلات أمنية في القاعدة البحرية التي ستكون مقر المجلس مؤقتاً.
وأضاف أن المجلس سيصدر بياناً بعد قليل، يؤكد فيه أنه "لم يأت لينتقم من أحد أو يصفي حساباته مع أحد، ويريد توحيد المؤسسات والشعب الليبي".
وشدّد بن عيسى على أن من دخل اليوم إلى طرابلس هو المجلس الرئاسي، وليس الحكومة، وهناك خلط بين الجسمين، ولعله خلط مقصود.
ولم ينف بن عيسى أو يؤكد إذا ما كانت ستتم العودة من جديد إلى مجلس نواب طبرق لتمرير الحكومة، تاركاً ذلك إلى التأويلات الدستورية.
ويشكل وصول المجلس إلى طرابلس بداية مرحلة جديدة لا أحد يستطيع التكهن بها، وإذا ما كانت حكومة الإنقاذ في طرابلس ستنفذ تهديداتها السابقة بالمواجهة العسكرية.
وتزداد المخاوف من احتمال بداية مواجهات مسلحة بسبب انقسام الكتائب المسلحة الداعمة والرافضة لحكومة الوفاق، ليس في طرابلس لوحدها، بل في مدن ليبية أخرى أهمها مصراته.
وتعارض حكومتا طرابلس وطبرق دخول حكومة الوفاق إلى ليبيا، وهو ما عبّر عنه صراحة رئيسا الحكومتين خليفة الغويل وعبد الله الثني، برغم إصرار المجتمع الدولي على دعم حكومة الوفاق، وتهديده بمعاقبة معرقليها.