كشف المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي غيّر من نظرته التقليدية لحزب الله، التي حدّدها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في أواسط التسعينيات، الجنرال أمنون ليفكين شاحاك، بضرورة التعامل مع حزب الله وقتاله باعتباره تنظيم يدير حرب عصابات ضد الوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان، في منطقة "الحزام الأمني".
وقال هرئيل في تحليل له نشره أمس الجمعة، إن قادة الجيش الإسرائيلي تخبطوا كثيراً في تحديد مدى تأثير مشاركة حزب الله في الحرب إلى جانب النظام السوري ضد المعارضة، ونوعية الخبرات والقدرات التي اكتسبها الحزب في هذه الحرب، خصوصاً بفعل ما وفرته له فرصة القتال إلى جانب قوات إيرانية نظامية وقوات روسية، وفي إدارة معارك يتم فيها استخدام أسلحة من كافة الأذرع، الطيران والمدفعية والصواريخ وغيرها.
وبحسب هرئيل فإنه على ضوء هذه التغييرات والخبرات التي اكتسبها حزب الله، ومع مضاعفة عدد العناصر في صفوفه من 20 ألف عنصر قبل نحو عقد من الزمان إلى نحو 45 ألف عنصر منهم 21 ألف عنصر نظامي يقاتلون الآن في صفوفه، مع مشاركة ثابتة تقريبا لنحو 5000 عنصر في المعارك الدائرة في سورية، وتطوّر ترسانته الصاروخية التي تقدر بما لا يقل عن 120 ألف صاروخ، فإن تقديرات جيش الاحتلال باتت تعتبر وجوب تغيير التعامل مع حزب الله من تعامل مع منظمة تدير حرب عصابات، إلى التعامل مع قوة عسكرية توازي قدرات وخبرات جيش متوسط القوة، حتى وإن كان حزب الله لا يملك بعد طائرات ولا دبابات أو مدرعات. وأضاف أن مشاركة حزب الله في القتال إلى جانب الروس والإيرانيين حسّنت من قدراته العسكرية لجهة اكتساب الخبرات في جوانب حيوية مثل تدريب وحدات كوماندوس واستخدام طائرات من دون طيار بينها طائرات هجومية.
اقرأ أيضاً: نصرالله في خطاب نقل المواجهة من إسرائيل إلى السعودية
ونقل هرئيل عن مصادر عسكرية، أن حزب الله يتطلع اليوم مثلاً إلى تحقيق قدرة على شن هجوم بري واجتياح عدة مستعمرات إسرائيلية عند الحدود الشمالية في عميلة متوازية لتحقيق إنجاز معنوي لن يكون بمقدور الجيش الإسرائيلي محو آثاره وتداعياته في حال نشوب حرب. ومع أن التقديرات الإسرائيلية تؤكد أن احتمالات اندلاع حرب جديدة هي متدنية للغاية، إلا أنها لا تستبعد نشوبها بسبب خطأ في الحسابات وفي تقدير عمليات غير محسوب لها تنشب نتيجة لعملية موضعية.
ومع أن هرئيل أشار إلى نشاط جيش الاحتلال في الإعداد لإحباط عمليات كهذه، عبر تجريف السفوح المقابلة للبنان واقتلاع الأشجار الكثيفة ووضع عراقيل تحول دون وصول آليات لحزب الله، إلا أنه لفت إلى أن الوضع الناشئ يلزم ملائمة التوقعات بين الجيش الإسرائيلي وقدراته القتالية، وبين توقعات المواطنين الإسرائيليين، خصوصاً لجهة تنظيم خطط وبرامج لإخلاء المستوطنات الحدودية في حالة نشوب مواجهة عسكرية مع حزب الله. كما أنه يتعين أن يدرك الإسرائيليون ما بات يدركه ضباط الجيش من أن أي مواجهة مقبلة تعني خسائر كبيرة في الأرواح في الطرف الإسرائيلي أيضاً، بفعل التوقعات لشن حزب الله هجمات صاروخية مكثفة مما سيلزم الاحتلال بتنفيذ خطط إخلاء المستوطنات، خصوصاً أن هذه الضربات ستكون أشد وأكبر مما كانت في أي حرب سابقة، وهو أمر لم يستوعبه بعد المواطن الإسرائيلي العادي.
في المقابل، فإن هرئيل تحدث عن الرد الإسرائيلي المحتمل في حال اندلاع مواجهة عسكرية جديدة مع حزب الله، لافتاً إلى أن مجمل اللبنانيين سيدفعون ثمنها، إذ سيرد الجيش الإسرائيلي في هذه المواجهة بقوة نيران مكثّفة لم يسبق لها مثيل، مع تغيير في شكل الرد واللجوء إلى قصف ثقيل لكل البنى التحتية من الجو. كما سيكون على إسرائيل بحسب هرئيل أيضاً، شنّ هجوم بري لتدفيع حزب الله الثمن، عبر السعي لإحداث ضغط جماهيري داخل لبنان نفسه ضد الحزب. ولفت المحلل الإسرائيلي إلى أن حكومة الاحتلال ستدرس أيضاً في ذلك الوضع ضرب أهداف مدنية في لبنان وهدم البنى التحتية أملاً في تحقيق وقف سريع للهجمات الصاروخية على الجبهة الداخلية في إسرائيل، وهو ما يعتبر أسوأ سيناريو إسرائيلي من المواجهة المقبلة مع حزب الله.
يشار إلى أن إسرائيل كررت في العام الأخير، وتحديداً بعد التوصّل إلى الاتفاق النووي مع إيران، إلى أنه في ظل غياب تهديد عسكري عربي نظامي، من الجيوش النظامية لها، فإن حزب الله بات يُشكّل باعتراف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي أيزنكوت، في أكثر من مناسبة أخيراً، التحدي العسكري الأخطر على الأمن الإسرائيلي، من دون أن يعني ذلك زوال أو اختفاء التهديد الذي تمثله إيران.
اقرأ أيضاً: جيش الاحتلال يتسلم منظومة "العصا السحرية" لاعتراض الصواريخ