حرص رئيسا السلطتين التنفيذية والتشريعية في الأردن، في ربع الساعة الأخيرة من عمرهما في السلطة، على إسقاط "ورقة التوت" التي أخفت خلافاتهما لنحو ثلاث سنوات، عندما قررا خوض معركة علنية عنوانها "المصالح الشخصية"، وهما اللذان كانا يطوّقان خلافاتهما التي تدور حول المصالح الوطنية بصمت، وعلى الطريقة التقليدية الأردنية في حل الخلافات، والقائمة على الاستجابة لمساعي فاعلي الخير الذين يبادرون إلى عقد "جاهات" أو ولائم للصلح، وهي مناسبات حَفِل تاريخ العلاقة بين الرئيسين بالاستجابة لها حرصاً منهما على تطويق الخلافات بما يحفظ هيبة السلطتين، وهي الهيبة التي لم تُراعَ في خلاف "الشخصنة" المندلع حالياً.
الخلاف بين رئيس الوزراء عبدالله النسور ورئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، دخل مرحلة "اللعب على المكشوف"، مع تسريب إلى وسائل الإعلام مراسلات بين الرجلين خلت من أبسط قواعد اللباقة، تبادلا خلالها الاتهامات ضمنياً بالفساد واستغلال السلطة.
ولم يكن الخلاف بين النسور والطراونة ذا صلة بقضية وطنية تمسّ مصير الدولة أو ترتبط بمصالح عموم مواطنيها، بل تمحور حول قرار اتخذه رئيس مجلس النواب بتعيين 109 موظفين بشكل مخالف لنظام التعيين في المملكة، وهي التعيينات التي شملت أبناء 17 عضواً في مجلس النواب، حسب ما علمت "العربي الجديد"، وامتدت لتشمل محسوبين على المجلس الساعي لتمكين قواعده الانتخابية بما يكفل عودته إلى قبة البرلمان في الانتخابات المقبلة.
التعيينات المخالفة وجدها رئيس الوزراء منصة انطلق منها للهجوم على خصمه في رئاسة النواب، مستنداً إلى قرار من مجلس تفسير الدستور يُبطل تعيينات النواب، لكن النسور وبدلاً من أن يلتزم بقرار تفسير الدستور منح مجلس النواب استثناءً لإتمام مخالفته، وهي الموافقة التي جاءت بكتاب رسمي استخدم فيه النسور عبارات غير مسبوقة في مخاطبة السلطة التشريعية على غرار "لتعلم أن مجلس الوزراء وافق بعد تردد... وقرر أن لا ينظر في أي طلبات مشابهة مستقبلاً". عبارات أثارت غضب الطراونة الذي رد على النسور منتقداً لغة التخاطب وغامزاً إلى فساد الحكومة في تعيين شاغلي الوظائف العليا في الدولة ومنحها استثناءات لجهات حكومية للتعيين من دون العودة إلى ديوان الخدمة المدنية.
اقــرأ أيضاً
الخلاف الذي ظهر إلى العلن بين الطراونة والنسور، له جذور شخصية آخرها عندما تعمّد رئيس الوزراء بتدخّل شخصي منه إسقاط رئيس الجامعة الأردنية السابق اخليف الطراونة من منصبه بعد التجديد له لرئاسة ثانية، وهي الضربة التي آلمت رئيس مجلس النواب الذي كان يسعى للتجديد لشقيقه في رئاسة أم الجامعات الأردنية.
جذور الخلاف الشخصي فرضت نفسها على طبيعة إدارة المعركة، ليعقب تسريب مراسلات الرئيسين إلى وسائل الإعلام دخول لاعبين كثر إلى مساحة الخلاف، وكل منهم يحمل أجندات شخصية يسعى لتمريرها دفاعاً عن مكتسبات حققها أو انتقاماً لخسارته مكتسبات كان يسعى لها. فشنّ أعضاء في مجلس النواب، خصوصاً الذين استفادوا من تعيينات رئيسهم، هجوماً مبرمجاً على رئيس الوزراء اتهموه خلاله بالفساد وسوء استعمال السلطة بتعيينه أقاربه في مواقع حكومية وبرواتب خيالية، ما نفاه رئيس الوزراء متعهداً أمام مجلس النواب بتقديم استقالته لو ثبت فساده.
هذا الخلاف انفجر في وقت يجري فيه الحديث عن قرب مغادرة الطراونة والنسور لمنصبيهما، في ظل توقعات بإصدار قرار ملكي يحل مجلس النواب تمهيداً لإجراء انتخابات مبكرة، وهو ما يعني أيضاً إقالة الحكومة وفق النص الدستوري الذي يقول إن الحكومة التي يُحلّ في عهدها مجلس النواب تُعتبر مستقيلة، مع توقعات بألا يعاد تكليف النسور بتشكيل حكومة جديدة. ويفضح هذا الخلاف فصلاً من فصول إدارة السلطة في الأردن، والتي يُضبَط إيقاعها على إيقاع رؤسائها في تغليب واضح لمصالحهم الشخصية على حساب المصالح الوطنية، كما أن الخلاف الذي تبادل الطرفان خلاله الاتهامات بفساد التعيينات القائمة على المحسوبية عزز قناعة المواطنين بغياب العدالة.
اقــرأ أيضاً
ولم يكن الخلاف بين النسور والطراونة ذا صلة بقضية وطنية تمسّ مصير الدولة أو ترتبط بمصالح عموم مواطنيها، بل تمحور حول قرار اتخذه رئيس مجلس النواب بتعيين 109 موظفين بشكل مخالف لنظام التعيين في المملكة، وهي التعيينات التي شملت أبناء 17 عضواً في مجلس النواب، حسب ما علمت "العربي الجديد"، وامتدت لتشمل محسوبين على المجلس الساعي لتمكين قواعده الانتخابية بما يكفل عودته إلى قبة البرلمان في الانتخابات المقبلة.
التعيينات المخالفة وجدها رئيس الوزراء منصة انطلق منها للهجوم على خصمه في رئاسة النواب، مستنداً إلى قرار من مجلس تفسير الدستور يُبطل تعيينات النواب، لكن النسور وبدلاً من أن يلتزم بقرار تفسير الدستور منح مجلس النواب استثناءً لإتمام مخالفته، وهي الموافقة التي جاءت بكتاب رسمي استخدم فيه النسور عبارات غير مسبوقة في مخاطبة السلطة التشريعية على غرار "لتعلم أن مجلس الوزراء وافق بعد تردد... وقرر أن لا ينظر في أي طلبات مشابهة مستقبلاً". عبارات أثارت غضب الطراونة الذي رد على النسور منتقداً لغة التخاطب وغامزاً إلى فساد الحكومة في تعيين شاغلي الوظائف العليا في الدولة ومنحها استثناءات لجهات حكومية للتعيين من دون العودة إلى ديوان الخدمة المدنية.
الخلاف الذي ظهر إلى العلن بين الطراونة والنسور، له جذور شخصية آخرها عندما تعمّد رئيس الوزراء بتدخّل شخصي منه إسقاط رئيس الجامعة الأردنية السابق اخليف الطراونة من منصبه بعد التجديد له لرئاسة ثانية، وهي الضربة التي آلمت رئيس مجلس النواب الذي كان يسعى للتجديد لشقيقه في رئاسة أم الجامعات الأردنية.
جذور الخلاف الشخصي فرضت نفسها على طبيعة إدارة المعركة، ليعقب تسريب مراسلات الرئيسين إلى وسائل الإعلام دخول لاعبين كثر إلى مساحة الخلاف، وكل منهم يحمل أجندات شخصية يسعى لتمريرها دفاعاً عن مكتسبات حققها أو انتقاماً لخسارته مكتسبات كان يسعى لها. فشنّ أعضاء في مجلس النواب، خصوصاً الذين استفادوا من تعيينات رئيسهم، هجوماً مبرمجاً على رئيس الوزراء اتهموه خلاله بالفساد وسوء استعمال السلطة بتعيينه أقاربه في مواقع حكومية وبرواتب خيالية، ما نفاه رئيس الوزراء متعهداً أمام مجلس النواب بتقديم استقالته لو ثبت فساده.