وزاد التشكيك في مصداقية واستقلالية جهاز العدالة الجزائري، خصوصاً بعد قضية وزير الطاقة السابق، شكيب خليل، الذي عاد أخيراً إلى البلاد.
واتهم خليل بالفساد، والتورط في تلقي رشى وعمولات هو وزوجته ونجليه في مارس/آذار 2013 ، وهرب في إثر ذلك إلى الولايات المتحدة الأميركية، قبل أن تعلن النيابة العامة عن عزمها إصدار مذكرة اعتقال دولية، لكن تدخل الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لمنع صدورها.
وبعد ثلاث سنوات عاد خليل الى البلاد، وحظي باستقبال رسمي أعقبه تكريم من قبل شيوخ الزوايا الدينية، وسط صمت العدالة الجزائرية، التي لم تقم حتى بمراجعة الاتهام الذي كانت قد توجهت به ضد خليل.
ورأى رئيس ديوان الرئاسة، أحمد أويحيى، أن "النائب العام لمجلس قضاء الجزائر تلقى تعليمات وأوامر بعقد ندوة صحافية، لكشف ملف الفساد الذي تورط فيه خليل". وذكر أن "هناك حالات أخرى كانت ضحية كملفات ملفقة وتوظيف للعدالة".
وسبق إقرار أويحيى تأكيد وزير السياحة، ورئيس حزب "تجمع أمل الجزائر"، عمار غول، توظيف العدالة من قبل جهاز الاستخبارات وتلفيق ملفات وإحالتها إلى القضاء.
كما اتهم الأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني"، عمار سعداني، جهاز الاستخبارات بتوظيف العدالة واستغلالها لضرب عدد كبير من الكوادر، وتلفيق ملفات أدت إلى سجن وإدانة ما يزيد عن أربعة آلاف كانوا يديرون مؤسسات وشركات حكومية.
وبين سعداني أن "أكثر هذه الملفات الملفقة كانت تتصل بقضية خليل، الذي كان اتهامه يستهدف ضرب مصداقية الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة"، على حد قوله.
وأوضح أن بوتفليقة "كان يستعد للتوجه إلى عهد رئاسي رابع في انتخابات 2014، حين جاء استهداف محيطه المقرب".
وبيّن أن "خليل يعد من أبرز رجالات بوتفليقة، والرجل الذي يثق فيه"، مشيراً في هذا السياق كذلك إلى "اتهام سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس بالفساد".
وأضاف سعداني أن "الجلطة الدماغية التي تعرض لها بوتفليقة في أبريل/ نيسان 2013، كانت بسبب صدمته من تحرك جهاز الاستخبارات في اتجاه الاتهامات والملفات التي أعدها الجهاز عقب التحقيقات التي تم تنفيذها".
وكشفت تلك التحقيقات، بحسب ما أعلن النائب العام الجزائري، بلقاسم زغماتي، في أغسطس/ آب 2013 ، تورط خليل وآخرين في قضايا فساد.
وكان هذا الملف "السبب الرئيسي الذي دفع بوتفليقة إلى تنفيذ المرحلة الثالثة من خطته لتفكيك جهاز الاستخبارات، وإبعاده عن أية سلطة على القرار السياسي"، طبقاً للسعداني.
لكن مراقبين يرون أن إبعاد سلطة جهاز الاستخبارات عن إدارة الشأن العام، بما فيها التأثير على سير جهاز العدالة والقضاء، لم ينقل المؤسسة القضائية في الجزائر إلى حالة من الاستقلالية، بل نقل سلطة التأثير عليها إلى الرئاسة.
ويشكك محامون، ونشطاء حقوقيون، في جدية مساعي بوتفليقة المتضمنة في ديباجة الدستور، الذي طرحه قبل سنة على الطبقة السياسية وتمت المصادقة عليه في البرلمان في فبراير/شباط الماضي، بشأن تحرير العدالة من الضغوط والإكراهات، واستعمالها ضد الخصوم السياسيين والمعارضين.
يذكر أنه، ومنذ استقلال الجزائر، ظلت المؤسسة القضائية تابعة للسلطة التنفيذية، إذ لم تعرف البلاد أية فترة كانت فيها العدالة مستقلة عن سلطة القرار السياسي.