وسبق أن أشارت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية في عام 2014 إلى أن بلير يتولى منصب مستشار سياسي واقتصادي للسيسي بأجر مدفوع، لكن مكتب بلير نفى هذه المعلومات. وعام 2015، برزت معلومات أخرى عن ممارسة بلير عملاً استشارياً، واقتصادياً، وسياسياً لدولة الإمارات العربية، وهو ما يتناقض مع منصبه الدبلوماسي كمبعوث للسلام، ولم ينته العام قبل تركه منصبه الدولي.
وعلى الرغم من نفي مكتب بلير المعلومات الصحافية باستمرار، تكشف مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد" عن معلومات قريبة مما ذكرته الصحافة البريطانية، منها أن بلير والسيسي التقيا أكثر من مرة خارج مصر من دون أن تعلن الرئاسة المصرية أو مكتب بلير عن المقابلة. والتقى الطرفان في الصين خلال زيارة السيسي إلى بكين في ديسمبر/ كانون الأول 2014، كما التقيا في العاصمة البريطانية لندن خلال زيارة السيسي إليها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.
وتؤكد هذه المصادر أن زيارات بلير للسيسي لم تعد تتسم بالصورة الدبلوماسية المعتادة، بل إن "العلاقة بينهما أقرب للصداقة في ظل رغبة بلير في إطلاق مبادرات شخصية جديدة تحمل اسمه في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ليست مرتبطة بقضية السلام بين العرب والاحتلال الإسرائيلي، وإنما تختصّ بقضايا الطاقة والغذاء وحماية موارد المياه والمناخ"، وفقاً للمصادر. وتوضح المصادر ذاتها أن الزيارة الأخيرة لبلير إلى القاهرة "تمت في إطار إحدى مبادرات بلير في قارة أفريقيا" مشيرة إلى أنه غادر مصر متوجهاً إلى إثيوبيا، حيث يجتمع بعدد من الرؤساء الأفارقة لتدشين مبادرة جديدة لتوفير الطاقة في دول أفريقيا النامية والأكثر فقراً. وعن إمكانية وجود صلة أخرى بين بلير والسيسي، لم تستبعد المصادر أن "يؤدي بلير دوراً سياسياً استشارياً لصالح السيسي، خصوصاً في ظل علاقته الاستثنائية بحكام دولة الإمارات حليفة السيسي الاقتصادية والسياسية".
وتضيف أنّ "نفي مكتب بلير عام 2014 وجود هذه العلاقة المدفوعة لا يمثّل شيئاً في الحقيقة"، لافتة إلى أن "بلير معروف في المجتمع الدولي بعلاقاته المتشعّبة التي جعلت منه مستشاراً للعديد من القادة الدوليين. كما أن مبادراته الشخصية التنموية ترتبط بحكومات وأحزاب حاكمة ومعارضة في كل من ألمانيا، والولايات المتحدة، وبريطانيا"، على حدّ تعبير المصادر. وعمّا إذا كان بلير يقوم بدور في التواصل الثنائي بين مصر وإثيوبيا حول أزمة سد النهضة العالقة حتى الآن، تنفي المصادر الدبلوماسية علمها بذلك. بينما يقول مصدر حكومي في وزارة الري لـ"العربي الجديد" إن "هناك وساطات أجنبية عديدة تُبذل في هذا السياق لتقريب المسافات بين البلدين، ومنها وساطة فرنسية وأخرى أميركية"، لكنه لم يؤكد أو ينفي دوراً لبلير في هذه القضية.