أرجأ رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، اليوم الخميس، الجلسة الواحدة والأربعين لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وحدّد 13 يوليو/تموز المقبل موعداً للجلسة الثانية والأربعين. ويأتي هذا التأجيل الاعتيادي والمستمرّ لجلسات الانتخاب منذ مايو/أيار 2014 نتيجة طبيعية وبديهية لسياسة التعطيل المستمرّ التي ينتهجها حزب الله في الاستحقاق الرئاسي في محاولة لفرض حليفه رئيس تكتل "التغيير والإصلاح"، النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية.
وإذا كان مصير الجلسة محدداً سلفاً نتيجة امتناع الحزب وبعض حلفائه عن الحضور (عون وزعيم تيار المردة النائب سليمان فرنجية وكتلتي البعث والحزب القومي)، جاءت المواقف السياسية التي واكبت الجلسة الأخيرة لتركّز على ما صدر عن بري خلال جلسة الحوار الأخيرة بشأن "السلّة المتكاملة" للخروج من الأزمة السياسية في لبنان.
وهو ما فسّره البعض بأنّ بري وجّه دعوة لعقد "مؤتمر دوحة-2" (مؤتمر الدوحة عقد بعد اجتياح حزب الله لبيروت عام 2008 وفرض بعض التعديلات على الحياة السياسية اللبنانية ومنها قانون انتخابي جديد)، كمدخل لحلّ الأزمة على المستويات كافة بدءاً من الشغور الرئاسي المستمرّ منذ مايو/أيار 2014، ووصولاً إلى تنظيم الانتخابات النيابية التي تم تأجيلها والتمديد للبرلمان لولاية كاملة لأربع سنوات وانتظام الحياة السياسية والدستورية في البلد.
وفي هذا الإطار، يؤكد عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت، لـ"العربي الجديد"، رفض كتلته عقد أي مؤتمر جديد يمسّ بالنظام اللبناني، مشيراً إلى أنّ "أي مشروع دوحة جديد مرفوض، وفي حال أردنا الحديث عن سلّة متكاملة لحل الأزمة فلا بد من أن تشمل هذه السلة سلاح حزب الله أيضاً".
وشدد فتفت في اتصال مع "العربي الجديد" على أنه تمّ الاتفاق عند إطلاق السلسلة الأخيرة من اجتماعات هيئة الحوار الوطني على أن "يناقش المتحاورون كل بند ببنده"، لافتاً إلى أنّ "النقاش لم ينته في ملف رئاسة الجمهورية وبالتالي يجب الانتهاء من هذا البند أولاً". في حين بدا واضحاً وقوف حزب الله إلى جانب عقد "دوحة-2"، وهو ما أكده عضو كتلة الوفاء للمقاومة (الكتلة النيابية لحزب الله) علي فياض الذي أكد أمس دعم الحزب للعمل على سلّة متكاملة للحلّ.
كما بدا رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، حاسماً في رفض أي اقتراح يدعو إلى عقد مؤتمر جديد لتنظيم الأزمة إذ اعتبر أنه "لا يمكن أن يكون هناك دوحة-2 وعلى الفرقاء مراجعة حساباتهم، والخروج في مؤتمرات مماثلة يعني الخروج عن المؤسسات والعودة إلى منطق الشارع".
في حين سبق لبري أن طرح في مطلع يونيو/حزيران الجاري عقد "مؤتمر وطني" شبيه بمؤتمر الدوحة لمعالجة كل الملفات، وذلك في سياق الاقتراحات التي قدّمها للخروج من الأزمة.
وبالإضافة إلى اقتراح عقد "دوحة-2"، طرح بري الاتفاق على قانون انتخابي جديد وتنظيم الانتخابات النيابية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أول جلسة يلتئم فيها البرلمان، بالإضافة إلى اقتراح ثالث نصّ على تنظيم الانتخابات التشريعية وفق القانون الحالي وانتخاب الرئيس بعد أولى جلسات البرلمان.
وبينما لا تزال الأهواء السياسية غير حاسمة في اعتماد أيّ من هذه الاقتراحات الثلاثة، يصبّ بري جهوده أيضاً على مستوى اجتماعات اللجان النيابية المشتركة التي تناقش بشكل رئيسي ملف القانون الانتخابي، واللافت في هذا الموضوع أيضاً أنّ بري حدّد 13 يوليو/تموز موعداً لالتئام اللجان المشتركة وهو الموعد نفسه لجلسة انتخاب الرئيس.
مع العلم أنّ النقاش في ملف القانون الانتخابي يسير بدوره نحو التعطيل أو على الأقل "يدور في مكانه" بحسب تعبير أكثر من نائب شاركوا في الجلسة الأخيرة للجان المشتركة. وتشير هذه الأجواء إلى أنّ الساحة اللبنانية متجهة إلى المزيد من التعقيدات على الرغم من تنوّع الاقتراحات المقدّمة للخروج بحلّ للأزمة السياسية.