موجة صفقات روسية
أكد السفير الروسي بالقاهرة سيرغي كيربيتشينكو، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية، على هامش احتفال السفارة بالعيد القومي الروسي في القاهرة، أخيراً، أن لديه الكثير من المعلومات حول صفقات الأسلحة التي تتم بين مصر وروسيا، لكن لا يمكنه الإعلان عنها لرغبة الجانب المصري في ذلك، مشيراً إلى أن المعلومات حول صفقات الأسلحة والتعاقدات ترى وزارة الدفاع المصرية أنها معلومات خاصة ولا يمكن الإعلان عنها".
كلام كيربيتشينكو جاء في أعقاب تصريحات مماثلة لسيرغي تشيميزوف، المدير العام لشركة "روستيك" الحكومية الروسية التي تمثل إحدى مسؤولياتها في إدارة الصادرات الروسية من السلاح والعتاد العسكري، والتي أكد فيها أن "الصين ومصر والجزائر مهتمة بمنظومات صواريخ مضادة للطائرات من طراز "بوك ـ أم2أ"، و"أنتي ـ 2500، ومنظومات "أس ـ 400"، للدفاع الجوي التي تعتبر الأكثر فتكاً في العالم.
لم تتوقف موجة صفقات التسليح الروسية لمصر عند هذا الحدّ، خصوصاً بعد توقيع القاهرة عقداً مع موسكو لتوريد 46 مقاتلة هليكوبتر من طراز كا ـ 52، والتي تحتاجها مصر لتسليح حاملتَي الطائرات "ميسترال"، إضافة لدخول مصر في مفاوضات مع روسيا للحصول على المقاتلة "ميغ ـ 29" لتنضم لسلاح الجو المصري.
فرنسا في المقدمة
في السابع عشر من فبراير/شباط 2015، وقّع وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، خلال زيارة للقاهرة، على اتفاقية تسليح استثنائية بالنسبة لصناعات الدفاع الفرنسية، ومنها أول عقد تصدير لطائرات "رافال" في مجال التسليح بين الجانبين المصري والفرنسي، ستقوم بموجبها فرنسا بتوريد 24 طائرة مقاتلة من طراز "رافال". وتسلمت مصر الدفعة الأولى في 21 يوليو/تموز 2015، والثانية في 28 يناير/كانون الثاني 2016، فضلاً عن فرقاطة متعددة المهام من طراز "فريم" تسلّمتها مصر في 23 يونيو/حزيران 2015، بالإضافة إلى تزويد القوات المسلحة بالأسلحة والذخائر اللازمة للطائرات والفرقاطة.
وبحسب مصادر عسكرية فرنسية لوكالة "رويترز"، في ذلك الوقت، بلغت قيمة الصفقة نحو خمسة مليارات يورو ما يعادل (5.7 مليارات دولار)، وما يوازي نحو 58 مليار جنيه مصري. وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول 2015، حضر السيسي مراسم توقيع عقد شراء حاملتَي المروحيات من طراز "ميسترال" التي تسلمت مصر أول واحدة منهما، مطلع مايو/أيار الماضي، بتكلفة تصل لنحو مليار و750 ألف دولار.
ألمانيا على خط الإغراءات
في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2015، أعلن قائد القوات البحرية المصرية، اللواء أسامة ربيع، الاتفاق مع ألمانيا للحصول على 4 غواصات بحرية من طراز 209 / 1400، والتي يقدر ثمن الواحدة منها بـ400 مليون يورو بإجمالي قيمة يصل لمليار و600 مليون دولار، مشيراً إلى أن أولى الغواصات ستنضم إلى الخدمة بالقوات البحرية المصرية آخر عام 2016.
يعلّق دبلوماسي أوروبي في القاهرة على حجم التعاقدات العسكرية بين مصر وعدد من الدول الأوروبية قائلاً إنّ "القاهرة لا تحتاج لكل هذا الكمّ من التسليح في الوقت الراهن، خصوصاً أن الأوضاع مستقرة إلى حد كبير بالنسبة لها، في ضوء العلاقات الجيدة مع إسرائيل التي تصل إلى حد الشراكة في بعض الملفات العسكرية بالمنطقة، وهو ما يطرح تساؤلات بشأن السبب الحقيقي لهذه الصفقات.
ويوضح الدبلوماسي الأوروبي لـ"العربي الجديد" أنّ "الأمر له علاقة بحصول القاهرة على امتيازات أخرى من هذه الدول غير مسألة التسليح، في إطار منفعة متبادلة"، مضيفاً أنّ "معظم الدول الأوروبية وشركاتها العملاقة تعاني حالة ركود كبيرة، وتحتاج إلى أسواق تصرف فيها منتجاتها، وهو ما حدث مع مصر، في ظل قيام أطراف خليجية بدفع أجزاء من قيمة هذه الصفقات، مقابل حصول النظام المصري الحالي بقيادة السيسي على دعم دولي مقابل تحويل بلاده لسوق لها".
بدوره، يؤكد خبير اقتصاد سياسي مصري بالجامعة الأميركية في القاهرة، أنّ "ما يقوم به السيسي أسلوب متعارف عليه عالمياً، وهو الدعم الدولي مقابل تحريك السوق". ويضيف أنّ "السيسي تولى قيادة دفة الأمور في ظرف سيئ بالنسبة له، وسط عزلة دولية فُرضت عليه منذ البداية، على اعتبار أنّ عدداً من الدول الغربية اعتبرت أنّ ما حدث في مصر انقلاب عسكري أطاح بالرئيس المعزول محمد مرسي. وهي النظرة التي حاول السيسي تغييرها بكافة الوسائل ولم يجد في النهاية سوى تلك النظرية ليحصل على الاعتراف الغربي بنظامه. فتوجه الرئيس المصري إلى فرنسا التي كانت تعاني مقاتلاتها الرافال حالة كساد في وقت كانت صفقتها مع الهند على وشك الفشل، قبل أن تدخل مصر وتنهي صفقة شملت 24 مقاتلة"، على حدّ قوله.
ويؤكد أن "السيسي تغاضى عن العبء الذي ستحمله تلك الصفقات للخزينة المصرية، معتمداً على دول الخليج، التي جاءت الرياح بما لا تشتهيه السفن، خصوصاً بعد انخفاض سعر البترول، وهو ما يعني أن الخزينة المصرية هي التي ستتحمل الجانب الأكبر منها، بما سيشكل عبئاً ضخماً على الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة"، وفقاً للخبير ذاته.