لم تنتهِ القوى السياسيّة اللبنانية من قراءة نتائج الانتخابات البلديّة التي اختتمت جولتها الرابعة والأخيرة قبل أيام، وخصوصاً بعدما حملته نتائج الانتخابات في مدينة طرابلس (شمال لبنان) لجهة خسارة تحالف أبرز القوى السياسية في المدينة مقابل فوز اللائحة المدعومة من وزير العدل المستقيل، أشرف ريفي، والذي كان يعد جزءاً من "الحريرية السياسية"، لكن تداعيات هذه الانتخابات بدأت تتسارع.
في تيار المستقبل الذي يقوده رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، هناك من يعتقد أن السبب الأساسي الذي يقف خلف الهزيمة في طرابلس هو الخطاب السياسي الهادئ، في إشارة منهم إلى خطاب الحريري. ولا ينسى بعض المستقبليين الإشارة دائماً، إلى دورٍ خفي لحزب القوات اللبنانيّة برئاسة سمير جعجع.
اقــرأ أيضاً
يربط عدد من مسؤولي المستقبل بين نتيجة الانتخابات البلدية في بيروت، والتي فازت فيها لائحة الحريري وحلفائه، بشق الأنفس، والهزيمة في طرابلس، بدورٍ أداه حزب القوات اللبنانيّة. في بيروت، يتهمون "القوات" بالتصويت لصالح لائحة "بيروت مدينتي"، وفي طرابلس، يُرددون أن الماكينة الانتخابيّة التي أدارت العمليّة لصالح لائحة وزير العدل المستقيل أشرف ريفي، هي ماكينة قواتية بامتياز.
ليل الخميس، حمّل وزير الداخليّة نهاد المشنوق، مسؤوليّة قرارات الحريري السياسيّة، خصوصاً تلك التي شكّلت مشكلة لدى مؤيدي تيار المستقبل، إلى السياسة السعوديّة. قال المشنوق إن السعوديّة مسؤولة عن زيارة الحريري إلى دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد، وهو الذي اتهمه بالمسؤولية عن اغتيال والده الرئيس الأسبق للحكومة رفيق الحريري في فبراير/ شباط 2005. ثم حمّل المشنوق السعودية، بالتكافل والتضامن مع بريطانيا والولايات المتحدة، مسؤوليّة ترشيح رئيس تيار المردة، النائب سليمان فرنجيّة، لرئاسة الجمهورية، وهو المنصب الشاغر منذ مايو/ أيار 2014. وسرعان ما استدعت هذه التصريحات ردين من السفارة البريطانية في بيروت، ومن السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري، أمس الجمعة، تقاطعا عند نفي ما أعلنه وزير الداخلية اللبناني.
لم يفهم حتى المحيطين بالمشنوق الأسباب التي دفعته لقول ما قاله في المقابلة التلفزيونيّة، وهو ما جعل أحد الدبلوماسيين العرب يقول للمقربين منه، بحسب ما علمت "العربي الجديد"، إن "الطموح الشخصي وصل إلى حد الجنون"، إذ إن صدى ما قاله المشنوق سعودياً كان سيئاً جداً، وهو ما عبّر عنه بيان السفير السعودي بطريقة ملطّفة.
في هذا الوقت، تبدو الخلافات داخل تيار المستقبل إلى تزايد. جزء أساسي في التيار يدعو الحريري إلى إجراء مراجعات سياسيّة، وتنظيميّة. ليس واضحاً مدى قدرة الحريري على القيام بهذه المراجعات، وخصوصاً أن الأجنحة داخل فريقه السياسي المتنافسة في ما بينها من جهة والمتنافسة مع الحريري من جهة ثانية، تكتسب المزيد من القوة على حساب الأخير.
وإذا كانت تجربة ريفي الأكثر وضوحاً، فإن الأمور ليست أفضل حالاً في البقاع وصيدا وبيروت والإقليم. كذلك تسير علاقة الحريري مع القوات اللبنانيّة نحو مزيد من التأزّم. وفي السياق، يُشير مصدر مستقبلي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الأمور تقترب من حدود الخصومة. وقد حاولت بعض الشخصيات التوسّط بين جعجع والحريري لكن مسعاها باء بالفشل، خصوصاً من جهة جعجع.
أما على صعيد رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، الذي يعده مراقبون أكبر الخاسرين من نتائج انتخابات طرابلس، فالخلافات داخل فريق عمله في حدّها الأقصى. ويتبادل هؤلاء الاتهامات لجهة تحمّل المسؤوليّة، إنْ على المستوى السياسي أو إدارة العمليّة الانتخابيّة.
ولربما يكون ما نشره المستشار السياسي لميقاتي، خلدون الشريف، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، معبّراً عن الاتجاه الذي يسلكه ميقاتي في قراءته لنتائج الانتخابات. إذ رأى الشريف أن تحالف ميقاتي في الانتخابات البلديّة مع الحريري "غير مرتبط بالانتخابات البلدية بحد ذاتها بل مرتبط بما يخطط له من حوارٍ يعيد تفسير الدستور ويناقش صلاحيات رئيس الحكومة على طاولة تتميّز بثنائيات وثلاثيات طائفية ومذهبية". وأشار الشريف إلى أن هذا التحالف يتعلق "بالانتظام الوطني لحماية حقوق الجميع وعدم إشعار أحد باستفراد أو إظهار تنازع يؤدي إلى خسارات محققة"، قبل أن يلفت إلى أن "موقف ريفي شعبوي دون شك، لكنه لا يُصرَف إلا في الشارع، فاللواء ريفي ليس على طاولة الحوار إلى أن يبني لنفسه حيثية برلمانية". واعتبر أن مواقفه تؤذي على المدى المتوسط. ويقصد الشريف أن الإيذاء سيطاول "السنّية السياسية".
يبدو كلام الشريف معبّراً عن جزء أساسي من أسباب التحالف بين ميقاتي والحريري الذي عملت السعودية على بلورته، وخصوصاً أن المعلومات تُشير إلى تحضير حوار لبناني ــ لبناني برعاية إقليميّة وفرنسيّة، أحد بنوده صلاحيات رئاسة الحكومة، وهي تُعتبر في النظام السياسي اللبناني من حصّة الطائفة السنية في الرئاسات. ويعتقد عدد من السياسيين أن تعطيل حزب الله المستمر لانتخابات رئاسة الجمهورية، مردّه انتظار هذا الحوار، الذي سيكون على شاكلة "السلّة" التي تحدّث عنها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.
في المقابل، يتفق المختلفون على رفض اعتبار أن ريفي بات زعيماً بل يرون أنه ربح جولة انتخابيّة لها ظروفها، وأنه أدارها بذكاء سياسي وحنكة انتخابيّة. لكن ريفي يتصرف عكس ذلك. فإلى جانب اللقاءات السياسيّة التي يُجريها، بدأ الرجل بتنظيم فريق عمله عبر التحضير لإعلان قطاع شبابي في طرابلس في المدى القريب. وهو استقبل في الأيام الماضية، عدداً من الوفود الشعبية من شبعا، في جنوب لبنان، عند الحدود مع فلسطين المحتلة، ومن عرسال والبقاعين الغربي والأوسط. وهو يتصرف انطلاقاً من أنه "زعيم" بات قادراً على "مد اليد" للجميع، وهو ما عبّر عنه علانية في المؤتمر الصحافي الذي عقده غداة فوز لائحته.
يربط عدد من مسؤولي المستقبل بين نتيجة الانتخابات البلدية في بيروت، والتي فازت فيها لائحة الحريري وحلفائه، بشق الأنفس، والهزيمة في طرابلس، بدورٍ أداه حزب القوات اللبنانيّة. في بيروت، يتهمون "القوات" بالتصويت لصالح لائحة "بيروت مدينتي"، وفي طرابلس، يُرددون أن الماكينة الانتخابيّة التي أدارت العمليّة لصالح لائحة وزير العدل المستقيل أشرف ريفي، هي ماكينة قواتية بامتياز.
ليل الخميس، حمّل وزير الداخليّة نهاد المشنوق، مسؤوليّة قرارات الحريري السياسيّة، خصوصاً تلك التي شكّلت مشكلة لدى مؤيدي تيار المستقبل، إلى السياسة السعوديّة. قال المشنوق إن السعوديّة مسؤولة عن زيارة الحريري إلى دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد، وهو الذي اتهمه بالمسؤولية عن اغتيال والده الرئيس الأسبق للحكومة رفيق الحريري في فبراير/ شباط 2005. ثم حمّل المشنوق السعودية، بالتكافل والتضامن مع بريطانيا والولايات المتحدة، مسؤوليّة ترشيح رئيس تيار المردة، النائب سليمان فرنجيّة، لرئاسة الجمهورية، وهو المنصب الشاغر منذ مايو/ أيار 2014. وسرعان ما استدعت هذه التصريحات ردين من السفارة البريطانية في بيروت، ومن السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري، أمس الجمعة، تقاطعا عند نفي ما أعلنه وزير الداخلية اللبناني.
لم يفهم حتى المحيطين بالمشنوق الأسباب التي دفعته لقول ما قاله في المقابلة التلفزيونيّة، وهو ما جعل أحد الدبلوماسيين العرب يقول للمقربين منه، بحسب ما علمت "العربي الجديد"، إن "الطموح الشخصي وصل إلى حد الجنون"، إذ إن صدى ما قاله المشنوق سعودياً كان سيئاً جداً، وهو ما عبّر عنه بيان السفير السعودي بطريقة ملطّفة.
في هذا الوقت، تبدو الخلافات داخل تيار المستقبل إلى تزايد. جزء أساسي في التيار يدعو الحريري إلى إجراء مراجعات سياسيّة، وتنظيميّة. ليس واضحاً مدى قدرة الحريري على القيام بهذه المراجعات، وخصوصاً أن الأجنحة داخل فريقه السياسي المتنافسة في ما بينها من جهة والمتنافسة مع الحريري من جهة ثانية، تكتسب المزيد من القوة على حساب الأخير.
وإذا كانت تجربة ريفي الأكثر وضوحاً، فإن الأمور ليست أفضل حالاً في البقاع وصيدا وبيروت والإقليم. كذلك تسير علاقة الحريري مع القوات اللبنانيّة نحو مزيد من التأزّم. وفي السياق، يُشير مصدر مستقبلي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الأمور تقترب من حدود الخصومة. وقد حاولت بعض الشخصيات التوسّط بين جعجع والحريري لكن مسعاها باء بالفشل، خصوصاً من جهة جعجع.
أما على صعيد رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، الذي يعده مراقبون أكبر الخاسرين من نتائج انتخابات طرابلس، فالخلافات داخل فريق عمله في حدّها الأقصى. ويتبادل هؤلاء الاتهامات لجهة تحمّل المسؤوليّة، إنْ على المستوى السياسي أو إدارة العمليّة الانتخابيّة.
ولربما يكون ما نشره المستشار السياسي لميقاتي، خلدون الشريف، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، معبّراً عن الاتجاه الذي يسلكه ميقاتي في قراءته لنتائج الانتخابات. إذ رأى الشريف أن تحالف ميقاتي في الانتخابات البلديّة مع الحريري "غير مرتبط بالانتخابات البلدية بحد ذاتها بل مرتبط بما يخطط له من حوارٍ يعيد تفسير الدستور ويناقش صلاحيات رئيس الحكومة على طاولة تتميّز بثنائيات وثلاثيات طائفية ومذهبية". وأشار الشريف إلى أن هذا التحالف يتعلق "بالانتظام الوطني لحماية حقوق الجميع وعدم إشعار أحد باستفراد أو إظهار تنازع يؤدي إلى خسارات محققة"، قبل أن يلفت إلى أن "موقف ريفي شعبوي دون شك، لكنه لا يُصرَف إلا في الشارع، فاللواء ريفي ليس على طاولة الحوار إلى أن يبني لنفسه حيثية برلمانية". واعتبر أن مواقفه تؤذي على المدى المتوسط. ويقصد الشريف أن الإيذاء سيطاول "السنّية السياسية".
يبدو كلام الشريف معبّراً عن جزء أساسي من أسباب التحالف بين ميقاتي والحريري الذي عملت السعودية على بلورته، وخصوصاً أن المعلومات تُشير إلى تحضير حوار لبناني ــ لبناني برعاية إقليميّة وفرنسيّة، أحد بنوده صلاحيات رئاسة الحكومة، وهي تُعتبر في النظام السياسي اللبناني من حصّة الطائفة السنية في الرئاسات. ويعتقد عدد من السياسيين أن تعطيل حزب الله المستمر لانتخابات رئاسة الجمهورية، مردّه انتظار هذا الحوار، الذي سيكون على شاكلة "السلّة" التي تحدّث عنها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.
في المقابل، يتفق المختلفون على رفض اعتبار أن ريفي بات زعيماً بل يرون أنه ربح جولة انتخابيّة لها ظروفها، وأنه أدارها بذكاء سياسي وحنكة انتخابيّة. لكن ريفي يتصرف عكس ذلك. فإلى جانب اللقاءات السياسيّة التي يُجريها، بدأ الرجل بتنظيم فريق عمله عبر التحضير لإعلان قطاع شبابي في طرابلس في المدى القريب. وهو استقبل في الأيام الماضية، عدداً من الوفود الشعبية من شبعا، في جنوب لبنان، عند الحدود مع فلسطين المحتلة، ومن عرسال والبقاعين الغربي والأوسط. وهو يتصرف انطلاقاً من أنه "زعيم" بات قادراً على "مد اليد" للجميع، وهو ما عبّر عنه علانية في المؤتمر الصحافي الذي عقده غداة فوز لائحته.